العراق

هجمات ضد أهداف غربية في العراق .. من المستفيد؟

15 سبتمبر 2020

استهدفت ثلاث هجمات منفصلة منشآت دبلوماسية أو عسكرية غربية في أنحاء العراق خلال 24 ساعة الماضية، حسبما أفادت مصادر أمنية ودبلوماسية الثلاثاء، في تلميح إلى تصعيد جديد بين السلطات والجماعات المتشددة.

وفي حين لم ترد أنباء عن وقوع إصابات في أي من الهجمات، قال مسؤولون عراقيون لوكالة الصحافة الفرنسية إنهم يرون في التصعيد وسيلة غير مباشرة للضغط على الحكومة التي تحاول محاربة الفساد.

وأفاد مصدر دبلوماسي للوكالة أن "عبوة ناسفة استهدفت صباح الثلاثاء سيارة تابعة للسفارة البريطانية كانت عائدة من مطار بغداد".

وأضاف المصدر أنه لم تقع إصابات في الهجوم الذي وقع خارج المنطقة الخضراء شديدة الحراسة التي تضم السفارة البريطانية والبعثات الدبلوماسية الأخرى.

وتابع أن هذا كان "أول هجوم على مركبة تابعة للحكومة البريطانية في العراق منذ أكثر من عقد".

وأكد مسؤول أمني تفاصيل الهجوم وقال إن القوات العراقية داخل المنطقة الخضراء في حالة تأهب واغلقت الطرق المؤدية اليها.

إلى ذلك أعلن مسؤول أمني أن "صاروخين من طراز كاتيوشا استهدفا خلال الليل السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء".

وتمكنت منظومة الدفاع الصاروخي من اسقاط الصواريخ دون اضرار.

وأفاد شهود عيان أنهم سمعوا صوتًا مدوياً ثم انفجارًا وشاهدوا رشاشات المضادات الصاروخية التي تتوهج باللون الاحمر.

وتقوم منظومة الدفاع الصاروخي التي تم إنشاؤها في وقت سابق من هذا العام، بمسح القذائف الواردة وتفجيرها في الهواء من خلال استهدافها بعدة آلاف من الرصاصات في الدقيقة.

وقال الجيش العراقي في بيان إن عبوتين ناسفتين استهدفتا قبل ساعات الاثنين قافلة معدات تابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ولم ترد انباء عن سقوط ضحايا.

وألقت مصادر استخباراتية عراقية باللوم في هجمات مماثلة على مجموعة صغيرة من الفصائل شبه العسكرية المدعومة من إيران في العراق.

وتعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بكبح جماح الجماعات المتطرفة لكنه يبدو عاجزاً عن محاسبة مرتكبي مثل هذه الهجمات.

وقال مسؤولون عراقيون كبار للفرنسية إنهم يفسرون هذه الهجمات على أنها رد على أجندة الإصلاح التي يطرحها الكاظمي والتي تخشى هذه الجماعات أن تستنزف مواردها المالية.

وفي الواقع، جاء تصعيد الثلاثاء بعد إعلان مكتب رئيس الوزراء عن تغييرات كبيرة في مناصب رفيعة في الحكومة، بما في ذلك المستويات العليا في البنك المركزي العراقي وهيئة النزاهة وهيئة الاستثمار.

وقال مسؤولون إن التعيينات الجديدة تهدف إلى القضاء على الفساد في تلك المؤسسات.

ويُصنف العراق ضمن أكثر 20 دولة فسادًا في العالم وفقًا لمنظمة الشفافية الدولية.

فقد اختفت حوالي 450 مليار دولار من الأموال العامة في جيوب السياسيين ورجال الأعمال المشبوهين منذ عام 2003.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.