في اليوم العالمي لسلامة المرضى.. أطباء عراقيون في وجه العنف وكورونا
يصادف الخميس 17 سبتمبر، اليوم العالمي لسلامة المرضى، كما نصت عليه منظمة الصحة العالمية.
والمراد من هذا اليوم، تعزيز الفهم العالمي لسلامة المرضى وتكثيف مشاركة الجمهور في مأمونية الرعاية الصحية والنهوض بإجراءات عالمية ترمي إلى تحسين سلامة المرضى والحد من الأذى الذي يصيب المرضى.
وخصصت منظمة الصحة العالمية، الحديث هذه السنة حول جائحة كوفيد-19 تحت عنوان "تأييد سلامة العاملين الصحيين"، إذ يتعرض العاملون الصحيون في عدة بلدان بصفة متزايدة لمخاطر الإصابة بالعدوى والعنف والحوادث والوصم والإصابة بالمرض والوفاة، فضلاً عن حصولهم المحدود على معدات الوقاية الشخصية وغيرها من وسائل الوقاية من العدوى ومكافحتها أو تقيدهم المحدود باستخدامها، والتسبب في أخطاء يمكن أن تلحق الأذى بالمرضى وبأنفسهم.
"كبش فداء"
ويرى الخبير بعلم النفس الاجتماعي الدكتور فالح جواد، أن ما يواجه القطاع الصحي من صعوبات متمثلة في تراجع مستوى الخدمات ونقص الأدوية يسهم سلباً في سلامة المرضى ويقوض قدرة الأطباء على أداء مهام العمل بنجاح.
ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "تحسين سلامة المرضى يعكسه مدى الاهتمام بمكانة الأطباء وحمايتهم من الاعتداءات وضياع الحقوق. وهذا ما يمكن رصده بشكل واضح في مستشفياتنا".
ويضيف جواد "مهما كانت الخدمات الصحية التي يحرص على تقديمها هذا الطبيب أو ذاك، فإن نجاحه يعتمد في النهاية على المستشفى وإدارتها، فحين يتعين على الأطباء العمل وفق إمكانات محدودة، ستقع أخطاء طبية كثيرة، بالتالي يؤثر على شفاء المرضى وحياتهم".
ويتابع القول "لأن سلامة المرضى تعتمد بالأساس على مدى كفاءة الأطباء في أداء العمل، يواجه الأطباء مهمة عسيرة في إبعاد اتهامات التقصير عنهم، التي تدفع دوماً بذوي المرضى للاعتداء عليهم، كأن الطبيب كبش فداء بالمعنى التقليدي".
فقدان حياة المريض
من جهته، يعزو المحامي طالب فرج تنامي حالات الاعتداء على الأطباء تزامنا مع تفشي جائحة كوفيد-19، إلى شدة إحباط ذوي المرضى أو المتوفين من تدني الخدمات المقدمة في المستشفيات ونقص المستلزمات العلاجية وغيرها.
ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "الكثير من الناس يعتقدون أن العاملين في المستشفيات الحكومية هم السبب بانهيار الوضع الصحي، والبعض الآخر يظن أن الأطباء يستغلون هذه الأوضاع للاستفادة الشخصية".
ويضيف فرج أن "هناك من يعتقد أن الطبيب هو المتسبب الوحيد في فقدان حياة المريض، لأنه يتعامل مع المرضى بطريقة محبطة إلى حد ما، علاوة على تقصيره في مهامه، بما في ذلكتقييم صحة المريض".
ويشير إلى أن ردة فعل الاعتداء والتهديد من قبل ذوي المصاب تجاه الطبيب "سلوك شائع عند العراقيين، خاصة المشككين بوجود الفيروس، ويؤمنون بأنه خدعة لا تستوجب اتباع الإرشادات الوقائية".
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، استنكرت أعمال العنف والترهيب التي تطال العاملين في الرعاية الصحية في العراق في ظل الوضع الطارئ المتمثل بانتشار فيروس كورونا المستجد.
وقالت إن "العاملين في مجال الرعاية الصحية، يؤدون مهامهم في عموم البلاد دون كلل وبتفانٍ من أجل إيقاف تفشي فيروس كورونا المستجد وعلاج الأشخاص المصابين بهذا المرض، وفي الكثير من الحالات، يقدم هؤلاء العاملون تضحية عظيمة على المستوى الشخصي تشمل التعرض للإصابة بالفيروس وقضاء العديد من الأسابيع بعيدًا عن أحبائهم".
"ولسوء الحظ، تعرض مقدمو الرعاية الصحية بالفعل إلى مستويات مرتفعة من العنف خلال الأيام الماضية وقد فاقم تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من الوضع الصعب" تضيف اللجنة.
وتؤكد أن "القانون يحظر ممارسة العنف ضد الكوادر الطبّية، وسيارات الإسعاف والمنشآت الطبية إلى جانب الجرحى. وعليه، يجب أن يحصل المختصون في الرعاية الصحية على بيئة عمل آمنة".
أين القانون مما يحدث؟
في نفس السياق، يرى الدكتور وليد ثامر، المتخصص في طب الأسنان، أن ظاهرة الاعتداء على الأطباء من قبل أهالي مرضى الوباء ليست جديدة على المجتمع العراقي، فهي تأتي بعد سلسلة طويلة من الانتهاكات، كان أبرزها التهديد "بالفصل العشائري" في حال وفاة المريض بعد إجراء العملية الجراحية.
ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "لضعف سلطة القانون وغيابه الدور الفعال في تقوية السلطة العشائري كوسيلة للتغلب على حالة فقدان الأمن في البلاد، وهو ما كان يعني أنها مزودة بأسلحة ومعدات لحماية العشيرة من أية أخطار".
وهذا الأمر يمتد أيضا إلى سلطة الاحزاب والجهات المتنفذة والأفراد الذين ينتمون إليها ويرتكبون تجاوزات تحت حمايتها ودون رادع أو قانون، حسب ثامر.
ويشير إلى أن "سوء استغلال السلطة وتضارب المصالح جعل الأطباء في مواجهة مع المرافقين من أهالي المرضى الذين تسوء حالتهم الصحية، فيؤدي ذلك إلى شعورهم بالغضب الذي يدفعهم إلى الاعتداء لفظيا وجسديا على الأطباء".
بدورها، طالبت نقابة الأطباء بتطبيق قانون حماية الأطباء (رقم 26 لعام 2013)، وتحديداً المواد (7 و8 و9) منه، الملزمة للجهات الحكومية بتوفير الحماية للمؤسسات الصحية، واتخاذ إجراءات حازمة بحق المعتدين الذين يهددون الأطباء عشائرياً، وتصل للسجن 3 سنوات، أو دفع غرامة مالية قدرها 10 ملايين دينار عراقي.
وسجلت مفوضية حقوق الإنسان، إحصائية دقيقة لأعداد إصابات الملاكات الطبية والصحية التمريضية منذ بدء الوباء لغاية السابع والعشرين من يونيو الماضي 3136 إصابة، بينها 25 وفاة.
وتوزعت الإصابات بواقع 633 طبيبا و9 حالات وفاة، أما الصيادلة فتم تسجيل 177 إصابة بينهم، وحالة وفاة واحدة، بينما بلغ عدد الإصابات بين أطباء الأسنان 48، ووصلت إصابات الملاكات التمريضية إلى 1558، بينها 9 وفيات، فضلا عن تسجيل 262 إصابة بين الملاكات المختبرية وحالة وفاة واحدة، أما إصابات الملاكات الأخرى فبلغت 458 و5 وفيات.