العراق

في اليوم العالمي لسلامة المرضى.. أطباء عراقيون في وجه العنف وكورونا

16 سبتمبر 2020

يصادف الخميس 17 سبتمبر، اليوم العالمي لسلامة المرضى، كما نصت عليه منظمة الصحة العالمية.

والمراد من هذا اليوم، تعزيز الفهم العالمي لسلامة المرضى وتكثيف مشاركة الجمهور في مأمونية الرعاية الصحية والنهوض بإجراءات عالمية ترمي إلى تحسين سلامة المرضى والحد من الأذى الذي يصيب المرضى.

وخصصت منظمة الصحة العالمية، الحديث هذه السنة حول جائحة كوفيد-19 تحت عنوان "تأييد سلامة العاملين الصحيين"، إذ يتعرض العاملون الصحيون في عدة بلدان بصفة متزايدة لمخاطر الإصابة بالعدوى والعنف والحوادث والوصم والإصابة بالمرض والوفاة، فضلاً عن حصولهم المحدود على معدات الوقاية الشخصية وغيرها من وسائل الوقاية من العدوى ومكافحتها أو تقيدهم المحدود باستخدامها، والتسبب في أخطاء يمكن أن تلحق الأذى بالمرضى وبأنفسهم.

 

"كبش فداء"

ويرى الخبير بعلم النفس الاجتماعي الدكتور فالح جواد، أن ما يواجه القطاع الصحي من صعوبات متمثلة في تراجع مستوى الخدمات ونقص الأدوية يسهم سلباً في سلامة المرضى ويقوض قدرة الأطباء على أداء مهام العمل بنجاح.

ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "تحسين سلامة المرضى يعكسه مدى الاهتمام بمكانة الأطباء وحمايتهم من الاعتداءات وضياع الحقوق. وهذا ما يمكن رصده بشكل واضح في مستشفياتنا".

ويضيف جواد "مهما كانت الخدمات الصحية التي يحرص على تقديمها هذا الطبيب أو ذاك، فإن نجاحه يعتمد في النهاية على المستشفى وإدارتها، فحين يتعين على الأطباء العمل وفق إمكانات محدودة، ستقع أخطاء طبية كثيرة، بالتالي يؤثر على شفاء المرضى وحياتهم". 

ويتابع القول "لأن سلامة المرضى تعتمد بالأساس على مدى كفاءة الأطباء في أداء العمل، يواجه الأطباء مهمة عسيرة في إبعاد اتهامات التقصير عنهم، التي تدفع دوماً بذوي المرضى للاعتداء عليهم، كأن الطبيب كبش فداء بالمعنى التقليدي".

 

فقدان حياة المريض

من جهته، يعزو المحامي طالب فرج تنامي حالات الاعتداء على الأطباء تزامنا مع تفشي جائحة كوفيد-19، إلى شدة إحباط ذوي المرضى أو المتوفين من تدني الخدمات المقدمة في المستشفيات ونقص المستلزمات العلاجية وغيرها.

ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "الكثير من الناس يعتقدون أن العاملين في المستشفيات الحكومية هم السبب بانهيار الوضع الصحي، والبعض الآخر يظن أن الأطباء يستغلون هذه الأوضاع للاستفادة الشخصية".

ويضيف فرج أن "هناك من يعتقد أن الطبيب هو المتسبب الوحيد في فقدان حياة المريض، لأنه يتعامل مع المرضى بطريقة محبطة إلى حد ما، علاوة على تقصيره في مهامه، بما في ذلكتقييم صحة المريض".

ويشير  إلى أن ردة فعل الاعتداء والتهديد من قبل ذوي المصاب تجاه الطبيب "سلوك شائع عند العراقيين، خاصة المشككين بوجود الفيروس، ويؤمنون بأنه خدعة لا تستوجب اتباع الإرشادات الوقائية".

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، استنكرت أعمال العنف والترهيب التي تطال العاملين في الرعاية الصحية في العراق في ظل الوضع الطارئ المتمثل بانتشار فيروس كورونا المستجد.

وقالت إن "العاملين في مجال الرعاية الصحية، يؤدون مهامهم في عموم البلاد دون كلل وبتفانٍ من أجل إيقاف تفشي فيروس كورونا المستجد وعلاج الأشخاص المصابين بهذا المرض، وفي الكثير من الحالات، يقدم هؤلاء العاملون تضحية عظيمة على المستوى الشخصي تشمل التعرض للإصابة بالفيروس وقضاء العديد من الأسابيع بعيدًا عن أحبائهم".

"ولسوء الحظ، تعرض مقدمو الرعاية الصحية بالفعل إلى مستويات مرتفعة من العنف خلال الأيام الماضية وقد فاقم تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من الوضع الصعب" تضيف اللجنة.

وتؤكد أن "القانون يحظر ممارسة العنف ضد الكوادر الطبّية، وسيارات الإسعاف والمنشآت الطبية إلى جانب الجرحى. وعليه، يجب أن يحصل المختصون في الرعاية الصحية على بيئة عمل آمنة".

 

أين القانون مما يحدث؟

في نفس السياق، يرى الدكتور وليد ثامر، المتخصص في طب الأسنان، أن ظاهرة الاعتداء على الأطباء من قبل أهالي مرضى الوباء ليست جديدة على المجتمع العراقي، فهي تأتي بعد سلسلة طويلة من الانتهاكات، كان أبرزها التهديد "بالفصل العشائري" في حال وفاة المريض بعد إجراء العملية الجراحية.

ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "لضعف سلطة القانون وغيابه الدور الفعال في تقوية السلطة العشائري كوسيلة للتغلب على حالة فقدان الأمن في البلاد، وهو ما كان يعني أنها مزودة بأسلحة ومعدات لحماية العشيرة من أية أخطار".

وهذا الأمر يمتد أيضا إلى سلطة الاحزاب والجهات المتنفذة والأفراد الذين ينتمون إليها ويرتكبون تجاوزات تحت حمايتها ودون رادع أو قانون، حسب ثامر.

ويشير إلى أن "سوء استغلال السلطة وتضارب المصالح جعل الأطباء في مواجهة مع المرافقين من أهالي المرضى الذين تسوء حالتهم الصحية، فيؤدي ذلك إلى شعورهم بالغضب الذي يدفعهم إلى الاعتداء لفظيا وجسديا على الأطباء".

بدورها، طالبت نقابة الأطباء بتطبيق قانون حماية الأطباء (رقم 26 لعام 2013)، وتحديداً المواد (7 و8 و9) منه، الملزمة للجهات الحكومية بتوفير الحماية للمؤسسات الصحية، واتخاذ إجراءات حازمة بحق المعتدين الذين يهددون الأطباء عشائرياً، وتصل للسجن 3 سنوات، أو دفع غرامة مالية قدرها 10 ملايين دينار عراقي.

وسجلت مفوضية حقوق الإنسان، إحصائية دقيقة لأعداد إصابات الملاكات الطبية والصحية التمريضية منذ بدء الوباء لغاية السابع والعشرين من يونيو الماضي 3136 إصابة، بينها 25 وفاة.

وتوزعت الإصابات بواقع 633 طبيبا و9 حالات وفاة، أما الصيادلة فتم تسجيل 177 إصابة بينهم، وحالة وفاة واحدة، بينما بلغ عدد الإصابات بين أطباء الأسنان 48، ووصلت إصابات الملاكات التمريضية إلى 1558، بينها 9 وفيات، فضلا عن تسجيل 262 إصابة بين الملاكات المختبرية وحالة وفاة واحدة، أما إصابات الملاكات الأخرى فبلغت 458 و5 وفيات.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.