العراق

كردستان تبني جسراً مع 25 دولة عبر معرض فني الأول من نوعه عالمياً

دلشاد حسين
16 سبتمبر 2020

يستعد مركز "7 ألوان" الفني بإقليم كردستان العراق، لتنظيم معرض تشكيلي دولي مرئي تلفزيوني في مدينة السليمانية، بمشاركة 73 فنانا من 25 دولة.

ويعتبر المعرض الأول من نوعه منذ انتشار فيروس كورونا في العالم وإجراءات الوقاية والإغلاق العام التي رافقته منذ أوائل العام الجاري.

وتعرض اللوحات داخل قاعة العرض بطريقة تلفزيونية، فالفنانون غائبون عن العرض وتفتح القاعة أبوابها أمام الزوار يومين فقط ولعدد محدود منهم حفاظا على التباعد الاجتماعي ثم تغلق الأبواب للزوّار، وتفسح المجال أمام القنوات التلفزيونية لبث برامج خاصة بالمعرض من داخل القاعة مع عرض مقابلات خاصة مع الفنانين المشاركين.

وفي المرحلة الثالثة تُنشر روابط إلكترونية للبرامج والمقابلات على الإنترنت، بحيث يتمكن روّاد الشبكة من مشاهدة اللوحات والمعرض بشكل مفصل مع شرح الفنانين للوحاتهم وأعمالهم الفنية.

 

"جسر فنيّ"

يقول مدير  مركز "7 ألوان" للفنون، بختيار سعيد، لـ"ارفع صوتك": "صاحب الفكرة الفنان التشكيلي الكردي السوري عبدالسلام عبدالله، يهدف لإقامة جسر فني بين فنانين من دول وثقافات مختلفة".

ويشير إلى أن إدارة المعرض تستلم اللوحات والمنحوتات من الفنانين المشاركين على شكل صور عالية الجودة عبر الإيميل، ثم تطبعها على قماش الكانفاس وتعرض في قاعة العرض. 

ويتابع سعيد "بعد انتهاء العرض سنصدر كتابا يحتوي على كافة الأعمال التشكيلية المشاركة في المعرض وأسماء الفنانين وسيرهم الذاتية، ونرفق مع الكتاب أقراص ليزرية تحتوي على حديث الفنانين ومقابلاتهم عن أعمالهم وعن المعرض".

"كما ستمنح اللوحات وصور المنحوتات المشاركة للمدارس والمراكز الثقافية في إقليم كردستان بهدف ترسيخ ثقافة الفن في الحياة اليومية للناس" يؤكد سعيد.

من جهته، يقول الفنان التشكيلي عبدالسلام عبدالله، إن "المعرض نسخة عن المعارض الحقيقية التي كانت تنظم قبل فيروس كورونا، لكنه في الوقت ذاته ليس معرضا افتراضيا لأنه ينظم في الحقيقة".

ويضيف "هذه الصيغة لتقديم المعارض هي نسخة عن الحقيقة تغني نسبيا عن المعارض الحقيقة بسبب وباء كورونا، لأن المعرض تتوفر فيه أعمال مطبوعة على كانفاس وسيعرض في الصحافة المرئية التلفزيونية وكذلك في الصحافة المكتوبة، ويبقى الفرق بينه وبين المعارض الحقيقة التسويق فقط، فالأعمال المعروضة في هذا النوع من المعارض ليست للترويج والاقتناء".

ويلفت عبدالله إلى إمكانية استمرار هكذا معارض لتخفيف تكاليف تنظيمها بالشكل السابق (قبل الجائحة) وجلب الأعمال الفنية والفنانين من مختلف أنحاء العالم.

كما سيحتضن المعرض مواضيع متعددة ولا يقيد الفنانين بفكرة معينة، حيث قدم كل فنان مشارك من منبر فكره الفني وخصوصيته من خلال شهرته ومكانته الفنية.

 وختم عبدالله حديثه بالقول "رسالة المعرض هي نشر ثقافة الفن وعلم الجمال وتبادل الثقافات ورؤى الجمال من مختلف البلدان، وبناء جسر الفن بين الإقليم ودول العالم لإيصال وجه الرقي والمحبة للإنسانية والسلام".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.