العراق

الكمامة تدخل قائمة المنسوجات التراثية في كردستان العراق

دلشاد حسين
18 سبتمبر 2020

اعتاد هيداية شيخاني طيلة الأعوام الثلاثين الماضية الجلوس من الصباح الباكر أمام الركن الخاص به في سوق القيصرية وسط مدينة أربيل، منتظرا زبائنه من كردستان ومحافظات العراق الأخرى والسياح العرب والأجانب الذين يتجولون بين أروقة السوق عند زيارتهم المدينة.

ولم يكن شيخاني بمنأى عن الكساد الذي أصاب الأسواق في كردستان والخسائر التي لحقت بالقطاع السياحي خلال الأشهر الماضية منذ مطلع العام الحالي 2020 جراء انتشار فيروس كورونا وإجراءات الحجر الصحي المرافقة له.

ورغم انخفاض عدد زبائنه هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، إلا أن شيخاني الذي يبيع كافة أنواع الإكسسوارات المنسوجة يدويا، والمكملة للملابس الكردية من الجمداني (العمامة الكردية)، بكافة أنواعها وألوانها والقبعات المتنوعة، بدا متفائلاً.

يقول لـ"ارفع صوتك": "أنا متفائل بلعودة التدريجية للحياة والنشاط السياحي إلى الإقليم، بعد رفع إجراءات حظر التجوال بين مدن كردستان، ومحافظات العراق الأخرى منذ نهاية آب".

ويضيف شيخاني "انتشار وباء كورونا أثر كثيرا على عملنا وخفض من عدد الزبائن، وبعد فك الإغلاق التدريجي، نحتاج وقتا طويلا لنعود إلى ما كنا عليه قبل انتشار الفيروس".

التأقلم مع الأوضاع التي خلفها انتشار فيروس كورونا دفع بشيخاني وشقيقه الذي يشاركه العمل إلى إضافة الكمامة المصنوعة من الجمداني لإكسسوارات الملابس الكردية، بعد أن أصبح ارتداؤها أمرا إلزامياً، ضمن إجراءات الوقاية التي أصدرتها حكومة الإقليم للحد من انتشار فيروس كورنا المستجد.

يوضح شيخاني "خطرت لنا انا وشقيقي فكرة إضافة كمامات مصنوعة من الجمداني بطريقة مطابقة للمواصفات الطبية إلى بضاعتنا، ونجحت فكرتنا. حاليا يشهد هذا النوع من الكمامات رواجا كبيرا، خاصة أنه مرتبط بالجمداني الذي يعتبره الكرد رمزا من رموزهم القومية، فضلا عن التشجيع على ارتداء الكمامة التي تساهم في تحجيم الفيروس وخفض نسبة الإصابات به".

ويعتمدان في نسج الجمداني وخياطة الكمامات ونسج القبعات الكردية على الأيدي العاملة المحلية من الحرفيين والحرفيات الكرد، الذين يستخدمون الصوف المحلي.

وفي ختام حديه مع "ارفع صوتك" يؤكد شيخاني أ، "الصناعة اليدوية بحرفية عالية هي الأساس لبضاعتهم" مضيفاً "هذه حرفتنا التي توارثناها أباً عن جد".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.