العراق

زوجان كرديان يتطوعان في توفير الخدمات الصحية لمرضى كورونا

دلشاد حسين
24 سبتمبر 2020

تمضي الممرضة شاكول حسن وزوجها شاخوان منذ أكثر من شهرين، يومهما بالكامل في تفقد ورعاية من يتصل بهما من المصابين بفيروس كورونا في محافظة أربيل وأطرافها بكردستان العراق، بشكل تطوعي.

ويخرجان من المنزل يوميا في الساعة الثامنة صباحا، تاركين طفلهما الذي لم يبلغ بعد السادسة من عمره لدى والدة شاخوان، بعد تلقيهما اتصالات هاتفية من عدة مصابين بكوفيد-19، الذين يرقدون في بيوتهم.

وتقدم شاكول الرعاية الصحية للمرضى وتعطيهم النصائح اللازمة الخاصة بكيفية التعامل مع المرض، وتوفير عبوات الأوكسجين لمن يحتاجها.

تقول شاكول لـ ارفع صوتك": "بعد انتشار فيروس كورونا وإصابة زوجي بالمرض وتعافيه، قررنا أن نقدم الرعاية الصحية بشكل مجاني للمصابين الذين يطلبون منا ذلك، حيث نشرنا أرقام هواتفنا للتواصل معنا، إضافة لمواقع التواصل".

وتعمل منذ تخرجها من كلية التمريض بجامعة راپرين في قضاء رانيا شمال شرق أربيل في نفس الجامعة، وتستعد حاليا لبدء دراسة الماجستير في التمريض، لكنها تستفيد من فترة إغلاق الجامعات في كردستان، عبر تقديم خدماتها الصحية.

"أشعر بالسعادة عندما أرى المصابين الذين أشرف عليهم يتماثلون للعلاج، وأعتز بعملي ولا أشعر بالخوف عند رعاية المصابين، فما أنجزه عمل إنساني عظيم" تصف شاكول مشاعرها.

وتتابع "خلال ارتفاع معدلات الإصابة بالمرض كنا نبدأ العمل من الصباح ونتفقد المرضى ونقدم الرعاية لهم حتى منتصف الليل، وفي بعض الأحيان حتى الفجر، لكن منذ الأسبوعين الماضيين بدأت معدلات الإصابة تنخفض، لذا نعود للبيت في الساعة العاشرة ليلا، فعدد المصابين الذين أتابع حالاتهم 20 فقط".

وتؤكد شاكول على أهمية الدعم النفسي للحالات، وهو ما تقوم به من خلال تطمين المرضى ورفع معنوياتهم، مضيفةً "أجلس مع المريض أحياناً لوقت طويل، وأطعمه بيديّ كما أجري له العلاج الطبيعي إن تطلب الأمر".

من جانبه، يعمل شاخوان عمر على توفير المستلزمات الطبية وعبوات الأوكسجين للمصابين، وكان يشتريها في البداية على حسابه الخاص، لكنه حاليا يتلقى تبرعات من بعض السكان في أربيل، ويستخدم سيارته في تفقد المصابين ومتابعة أوضاعهم الصحية.

يقول شاخوان لـ "ارفع صوتك": "قدمنا حتى الآن الرعاية الطبية لأكثر من ١٥٠ شخصا حتى تماثلهم للعلاج، وما زلنا مستمرين مع مصابين جدد" مشيراً إلى دعم عائلته وعائلة زوجته للعمل الذي يقومان به.

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.