ماذا يحدث حين تذهب لفحص الإصابة بكورونا؟ عراقية تروي تجربتها
تقف رجاء علوان وزوجها في ركن بشارع مع آخرين، يصطفون بقلق في انتظار دورهم لدخول المستوصف الصحي، وهو بناية متواضعة تقع بين المنازل بحي سكني في بغداد.
كان زوج رجاء البالغة من العمر 36 عاماً، يحاول إبعادها بكل ما في وسعه خلال ساعات الانتظار قبل أن يتوقف أحدهم قربها.
"كنا نشعر بالخوف أن نكون غير مصابين بالوباء وتنتقل العدوى إلينا، خاصة أن الكثير من الواقفين تحت أشعة الشمس الساخنة كانوا في حالة تذمر ولا يرتدون كمامة الوجه الوقائية"، تقول رجاء لـ " ارفع صوتك".
لكن الأمر المزعج بالنسبة لها وغيرها من المشتبه بإصابتهم، هو أن الحارس وربمّا موظف الاستعلامات الذي يجلس أمام البناية يحرص على إيقاف كل من يحاول الدخول للمستوصف؛ فالسماح بالدخول يعتمد على إجابته لسؤاله الوحيد (هل تريدالخضوع لاختبار الكشف عن كوفيد-19؟)، وإذا أكّد له ذلك منحه ورقة صغيرة لدخول يعتمد على رقم دوره المسجل عليها، ووفق الأسبقية لمن يأتي أولا، ثم يطلب منه الانتظار في الشارع، بحجة أن صحة الأطباء والمراجعين تتطلب ذلك.
وتوضح رجاء أن "دخول المشتبه بإصابتهم إلى المستوصف لإثبات أو نفي العدوى بالفيروس من الأمور الأكثر صعوبة نظرا لأنهم يواجهون تدابير احترازية صارمة".
وكانت معاناة رجاء التي تعمل في وظيفة حكومية، بدأت ليلة الأول من سبتمبر، تحديدا بعد أسابيع قليلة من إعلان وزارة الصحة العراقية عن رفع حظر التجوّل الذي فرض بسبب بفيروس كورونا، حيث فقدت قدرتها على التنفس.
وكان على زوجها الاتصال بطبيب كان يشرف على علاجها من نوبات الربو، فطلب منه مساعدتها على استخدام جهاز التنفس الاصطناعي حتى الصباح لإجراء اختبار الكشف عن فيروس كورونا، إذ توقع الطبيب إصابتها.
مراكز ومختبرات غير حكومية
الانتظار في الشارع لحين الدخول للمستوصف بدا الخيار الوحيد بالنسبة لرجاء، لأن الكثير ممن اتصل بهم زوجها لمعرفة المكان المناسب لإجراء اختبارات الكشف عن الوباء نصحوه بالابتعاد عن المراكز غير الحكومية، وحذروه من عدم دقة نتائجها.
"كما لا يمكننا الجزم بأن هذه المراكز والمختبرات مرخصة من وزارة الصحة لإجراء الاختبارات اللازمة، خاصة أن بعضها كان يعمل في الخفاء وبلا معايير رسمية متبعة. مما يعني تعرض حياة الشخص للخطورة"، تقول رجاء.
وتتابع القول "أذكر لحظة النداء برقم تسلسلي للدخول. كانت حالتي النفسية متدهورة وشعرت بالخوف والتوتر. وكنت أقول في نفسي يمكنني العزوف عن إجراء الفحوصات ومغادرة المكان الآن".
ومع ذلك، توجهت رجاء برفقة زوجها نحو صالة المستوصف وقد اختفى جزء منها خلف جدار النايلون الشفاف لعزلها داخل المستوصف، بينما الملصقات التعريفة بالوباء وخطورته نُشرت عند أبوابه وحيطان ممراته التي كانت في المعتاد مزدحمة بالمراجعين والمرضى، لكنها بدت شبه خاوية.
غرفة الكشف
"في غضون ثوان وجدت نفسي أمشي باتجاه تلويح يد طبيبة ترتدي ملابس واقية عند غرفة تجلس في مقدمتها، تحديدا وهي أمام مكتب وضع على عتبة الباب، كي لا يتمكن المراجع من الاقتراب كثيراً" تصف رجاء لحظة دخولها الفحص.
وعندها قابلت الطبيبة الاستشارية، التي شرعت تدريجيا في السؤال عن الأعراض التي أصيبت بها.
تضيف "على الرغم من أنها لم تقم بتشخيص حالتي، إلاّ أنها طلبت مني الذهاب للغرفة المجاورة لأخذ -مسحة للفحص – عبر أداة رفيعة تصل داخل الأنف".
كان الذهاب إلى غرفة الكشف عن الفيروس يعني رؤية الشخص الذي يخضع قبلك لإجراء الاختبار، بينما هناك خمسة أشخاص من المشتبه بإصابتهم كانوا يتحركون بتباعد ذهاباً وإياباً، وهو ما جعل رجاء تشعل بالخطر.
سلوكيات غير مرغوبة
خضوع رجاء لإجراء الاختبار تطلب جلوسها والكمامة تغطي فمها فقط، لتتمكن الطبيبة المعنية بأخذ مسحة من داخل الأنف، بعد ذلك، يتعين الحصول على معلومات خاصة منها، مثل (الاسم، العمر، عنوان السكن ورقم الهاتف، الاعراض المصاحبة، مع تعهد خطي بمصداقية كل المعلومات المقدمة، فضلا عن مساعدة الجهات الصحية في الالتزام بالعزل المنزلي وعدم المخالطة في حال التحقق من الإصابة).
وتوقعت رجاء ألا تستغرق مدة العزل في البيت أكثر من أربعة أيام حتى ظهور النتائج وتشخيص الإصابة، ما دفعها إلى التمتع بإجازة من عملها، ولكنها كانت تخشى أن تتأخر نتائج الاختبارات وتضطر إلى معاودة الدوام دونها.
تقول إن "البعض استغل الوباء بحجة إجراء الاختبارات والفحوصات كي يهرب من التزامات الدوام والعمل الوظيفي، لذا كانت فكرة تمديد الإجازة غير مستحبة داخل المؤسسات الحكومية".
برزت بعد ذلك مشاكل تتعلق بسلوك بعض زملاء رجاء في العمل، وجيرانها، وحتى معارفها، إذ فوجئت بتنمر ضدها، مثل تعمد إهمال الحديث معها لإنجاز العمل، أو دعوتها للبقاء في المنزل، بالإضافة لنظرات قلق نحوها.
وتشير إلى أنها لم تخف شيئا وأخبرت الجميع بحقيقة ما جرى لها، وعزلت نفسها حتى ظهرت ننتجه الاختبار سلبية، لتعود مباشرة إلى العملز
تختم رجاء حديثها بالقول "أنا ملتزمة بالقواعد والإرشادات الوقائية كافة، لكني لم أدرك أن تصرّف الزملاء سيكون كذلك حتى قبل أن تظهر النتيجة".