العراق

ماذا يحدث حين تذهب لفحص الإصابة بكورونا؟ عراقية تروي تجربتها

24 سبتمبر 2020

تقف رجاء علوان وزوجها في ركن بشارع مع آخرين، يصطفون بقلق في انتظار دورهم لدخول المستوصف الصحي، وهو بناية متواضعة تقع بين المنازل بحي سكني في بغداد.

كان زوج رجاء البالغة من العمر 36 عاماً، يحاول إبعادها بكل ما في وسعه خلال ساعات الانتظار قبل أن يتوقف أحدهم قربها.

"كنا نشعر بالخوف أن نكون غير مصابين بالوباء وتنتقل العدوى إلينا، خاصة أن الكثير من الواقفين تحت أشعة الشمس الساخنة كانوا في حالة تذمر ولا يرتدون كمامة الوجه الوقائية"، تقول رجاء لـ " ارفع صوتك".

لكن الأمر المزعج بالنسبة لها وغيرها من المشتبه بإصابتهم، هو أن الحارس وربمّا موظف الاستعلامات الذي يجلس أمام البناية يحرص على إيقاف كل من يحاول الدخول للمستوصف؛ فالسماح بالدخول يعتمد على إجابته لسؤاله الوحيد (هل تريدالخضوع لاختبار الكشف عن كوفيد-19؟)، وإذا أكّد له ذلك منحه ورقة صغيرة لدخول يعتمد على رقم دوره المسجل عليها، ووفق الأسبقية لمن يأتي أولا، ثم يطلب منه الانتظار في الشارع، بحجة أن صحة الأطباء والمراجعين تتطلب ذلك.

وتوضح رجاء أن "دخول المشتبه بإصابتهم إلى المستوصف لإثبات أو نفي العدوى بالفيروس من الأمور الأكثر صعوبة نظرا لأنهم يواجهون تدابير احترازية صارمة". 

وكانت معاناة رجاء التي تعمل في وظيفة حكومية، بدأت ليلة الأول من سبتمبر، تحديدا بعد أسابيع قليلة من إعلان وزارة الصحة العراقية عن رفع حظر التجوّل الذي فرض بسبب بفيروس كورونا، حيث فقدت قدرتها على التنفس.

وكان على زوجها الاتصال بطبيب كان يشرف على علاجها من نوبات الربو، فطلب منه مساعدتها على استخدام جهاز التنفس الاصطناعي حتى الصباح لإجراء اختبار الكشف عن فيروس كورونا، إذ توقع الطبيب إصابتها.

مراكز ومختبرات غير حكومية

الانتظار في الشارع لحين الدخول للمستوصف بدا الخيار الوحيد بالنسبة لرجاء، لأن الكثير ممن اتصل بهم زوجها لمعرفة المكان المناسب لإجراء اختبارات الكشف عن الوباء نصحوه بالابتعاد عن المراكز غير الحكومية، وحذروه من عدم  دقة نتائجها.

"كما لا يمكننا الجزم بأن هذه المراكز والمختبرات مرخصة من وزارة الصحة لإجراء الاختبارات اللازمة، خاصة أن بعضها كان يعمل في الخفاء وبلا معايير رسمية متبعة. مما يعني تعرض حياة الشخص للخطورة"، تقول رجاء.

وتتابع القول "أذكر لحظة النداء برقم تسلسلي للدخول. كانت حالتي النفسية متدهورة وشعرت بالخوف والتوتر. وكنت أقول في نفسي يمكنني العزوف عن إجراء الفحوصات ومغادرة المكان الآن". 

ومع ذلك، توجهت رجاء برفقة زوجها نحو صالة المستوصف وقد اختفى جزء منها خلف جدار النايلون الشفاف لعزلها داخل المستوصف، بينما الملصقات التعريفة بالوباء وخطورته نُشرت عند أبوابه وحيطان ممراته التي كانت في المعتاد مزدحمة بالمراجعين والمرضى، لكنها بدت شبه خاوية.

غرفة الكشف

"في غضون ثوان وجدت نفسي أمشي باتجاه تلويح يد طبيبة ترتدي ملابس واقية عند غرفة تجلس في مقدمتها، تحديدا وهي أمام مكتب وضع على عتبة الباب، كي لا يتمكن المراجع من الاقتراب كثيراً" تصف رجاء لحظة دخولها الفحص.

وعندها قابلت الطبيبة الاستشارية، التي شرعت تدريجيا في السؤال عن الأعراض التي أصيبت بها.

تضيف "على الرغم من أنها لم تقم بتشخيص حالتي، إلاّ أنها طلبت مني الذهاب للغرفة المجاورة لأخذ -مسحة للفحص – عبر أداة رفيعة تصل داخل الأنف". 

كان الذهاب إلى غرفة الكشف عن الفيروس يعني رؤية الشخص الذي يخضع قبلك لإجراء الاختبار، بينما هناك خمسة أشخاص من المشتبه بإصابتهم كانوا يتحركون بتباعد ذهاباً وإياباً، وهو ما جعل رجاء تشعل بالخطر.

سلوكيات غير مرغوبة

خضوع رجاء لإجراء الاختبار تطلب جلوسها والكمامة تغطي فمها فقط، لتتمكن الطبيبة المعنية بأخذ مسحة من داخل الأنف، بعد ذلك، يتعين الحصول على معلومات خاصة منها، مثل (الاسم، العمر، عنوان السكن ورقم الهاتف، الاعراض المصاحبة، مع تعهد خطي بمصداقية كل المعلومات المقدمة، فضلا عن مساعدة الجهات الصحية في الالتزام بالعزل المنزلي وعدم المخالطة في حال التحقق من الإصابة). 

وتوقعت رجاء ألا تستغرق مدة العزل في البيت أكثر من أربعة أيام حتى ظهور النتائج وتشخيص الإصابة، ما دفعها إلى التمتع بإجازة من عملها، ولكنها كانت تخشى أن تتأخر نتائج الاختبارات وتضطر إلى معاودة الدوام دونها.

تقول إن "البعض استغل الوباء بحجة إجراء الاختبارات والفحوصات كي يهرب من التزامات الدوام والعمل الوظيفي، لذا كانت فكرة تمديد الإجازة غير مستحبة داخل المؤسسات الحكومية".  

برزت بعد ذلك مشاكل تتعلق بسلوك بعض زملاء رجاء في العمل، وجيرانها، وحتى معارفها، إذ فوجئت بتنمر ضدها، مثل تعمد إهمال الحديث معها لإنجاز العمل، أو دعوتها للبقاء في المنزل، بالإضافة لنظرات قلق نحوها.

وتشير  إلى أنها لم تخف شيئا وأخبرت الجميع بحقيقة ما جرى لها، وعزلت نفسها حتى ظهرت ننتجه الاختبار سلبية، لتعود مباشرة إلى العملز

تختم رجاء حديثها بالقول "أنا ملتزمة بالقواعد والإرشادات الوقائية كافة، لكني لم أدرك أن تصرّف الزملاء سيكون كذلك حتى قبل أن تظهر النتيجة".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.