العراق

العراق قلق من قرار انسحاب الولايات المتحدة ويتمنى عدم تنفيذه

30 سبتمبر 2020

أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الأربعاء أن بلاده "غير سعيدة" بتهديد واشنطن بغلق سفارتها وسحب قواتها من العراق، ووصفه بأنه "خطير".

وقال خلال مؤتمر صحافي في بغداد إن "حكومة بغداد غير سعيدة بالقرار الأميركي".

وأضاف إن "الانسحاب الأميركي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانسحابات" من دول أخرى تشارك في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، الأمر الذي سيكون "خطيرًا، لأن داعش يهدد العراق ولكن أيضًا المنطقة".

وتابع "نأمل أن تتراجع الولايات المتحدة عن قرارها" الذي يعد في الوقت الحالي "مبدئيا".

وبحسب حسين، فإن "البعض في واشنطن يستحضر بنغازي، لكنه تحليل خاطىء، كما أن هذا القرار خطأ"، في أشارة لمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير في هجوم استهدف ممثلي البعثة الدبلوماسية في بنغازي عام 2012.

وشدد الوزير على ان هذا القرار "يؤدي إلى مشكلات في العلاقات الدولية وليس من صالح أميركا أيضا".

ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر حتى نهاية تموز/ يوليو، استهدف 39 هجوما بصواريخ مصالح أميركية في العراق.

ويرى المسؤولون العسكريون الأميركيون أن المجموعات المسلحة الموالية لإيران باتت تشكل خطرا أكبر من جهاديي تنظيم داعش الذين سيطروا في مرحلة معينة على نحو ثلث مساحة العراق.

وقد أكدت مصادر سياسية ودبلوماسية لوكالة الصحافة الفرنسية أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنذر العراق بشكل نهائي الأسبوع الماضي بغلق السفارة الأميركية في بغداد في حال عدم توقف الهجمات خصوصا الصاروخية ضد سفارة بلاده، وبسحب ثلاثة آلاف عسكري ودبلوماسي.

وقال وزير الخارجية العراقي بهذا الصدد "لا يمكن القبول بهذه الهجمات، غير مقبولة تحت أي شعار والانسحاب يعطي إشارة انتصار للعناصر المتطرفة".

وتابع "السفارات الموجودة في بغداد تقع في ظل مسؤولية الحكومة الاتحادية وهي مسؤولة عن حماية البعثات الدبلوماسية وهذه الأعمال ليست مقاومة بل هي هجوم على سيادة العراق وأمنه".

وتتبنى فصائل مسلحة موالية لإيران هجمات متكررة منذ عدة أشهر ضد المصالح الأميركية في العراق، تحت ذريعة طرد "الاحتلال الأميركي".

واشنطن تدين

وفي وقت سابق، دانت الولايات المتحدة الثلاثاء "الخطر غير المقبول" الذي تطرحه فصائل الحشد العشبي غداة مقتل سبع نساء وأطفال في بغداد في هجوم كان يستهدف الأميركيين.

وقالت "مورغان أورتاغوس" المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أن "هذه الفصائل تطرح تهديدا غير مقبول على الجميع في العراق والدبلوماسيين والمؤسسات والناشطين العراقيين وأسرهم".

وقتلت سبع نساء وأطفال الاثنين بسقوط صاروخ على منزلهم المجاور لمطار بغداد حيث ينتشر جنود أميركيون، في حصيلة غير مسبوقة في بلد أصبحت فيه هذه الهجمات شبه يومية.

ويندرج هذا الهجوم الجديد على مصالح أميركية في إطار سلسلة هجمات منذ بداية آب/ أغسطس، ويأتي بعدما هددت واشنطن بإغلاق سفارتها في العراق وسحب جنودها البالغ عددهم ثلاثة آلاف إذا لم يتوقف إطلاق الصواريخ.

ولم تتبن أي جهة الهجوم في حين تعلن مجموعات غير معروفة مسؤوليتها عن إطلاق هذه الصواريخ لإخراج "المحتل الأميركي" من العراق.

وأكدت المتحدثة في بيان "ذكرنا في الماضي أن عمليات الميليشيات الفوضوية المدعومة من إيران تبقى المانع الرئيسي لإرساء الاستقرار في العراق".

ودعت القادة العراقيين "إلى التحرك فورا لمحاسبة" المسؤولين عن هذا الهجوم.

وتضع حصيلة القتلى المدنيين هذه المجموعات في وضع صعب لدى الرأي العام الغاضب من أعمال العنف التي ترتكبها فصائل مسلحة مختلفة في البلاد منذ سنوات.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.