عائلات تلاميذ عراقيين "ترفض" عودتهم للمدارس حالياً
توقع وزارة التربية العراقية، في بداية العام الدراسي الجديد نهاية أكتوبر أو في الثلث الأخير منه، أثار مخاوف الكثير من العوائل، التي تخشى انتقال عدوى فيروس كورونا المستجد لأبنائهم الطلبة.
تقول منتهى إحسان (38 عاماً)، وهي أم لثلاث فتيات في مراحل دراسية مختلفة "من المستبعد أن أسمح لبناتي بالذهاب إلى المدرسة قبل انتهاء أزمة كورونا".
وتضيف في حديثها لـ "ارفع صوتك": "أنا مهتمة بدراسة بناتي، ولكن الموافقة على إرسالهن إلى المدرسة هذا العام، يعني فرصة أكيدة لإصابتهن بالوباء".
ويأتي ذلك تزامناً مع انتظار مصادقة وزير التربية على توصيات رفعت إليه من قبل خلية الأزمة الصحية واللجنة المشكلة في وزارة التربية حول إعداد رؤية للعام الدراسي القادم، من أجل استئناف الدوام المدرسي.
ومن التوصيات "التعايش مع الجائحة وأخذ الإجراءات الصحية، وتطبيق التباعد الاجتماعي بين الطلبة وعدم الاكتظاظ في الصف الواحد، وتحديد الطاقة الاستيعابية للصف بـ 15 تلميذاً فقط وتكون الحصة الواحدة 30 دقيقة، وكذلك إلغاء عطلة السبت في المدارس وتقليص المواد الدراسية التي ستحددها التربية وأصحاب الاختصاص".
غير أن هذه التوصيات لم تقنع منتهى وغيرها من أهالي الطلبة، إذ ترى أن المشكلة لن تتوقف عند هذه التوصيات فقط، فهي "غير كافية نظرا لأن أبنية المدارس غير مؤهلة صحياً ولا تخضع لمعايير السلامة، وتفتقر غالبيتها للنظافة في دورات المياه" وفق قولها.
وتؤكد أن التلاميذ "يعانون دوماً من ظروف إنسانية سيئة بسب انقطاع المياه، وما يصحبه من عدم قدرتهم على غسل أياديهم أو شرب المياه الصالحة".
منظمة الصحة العالمية
ووفقا لأحدث البيانات من برنامج الرصد المشترك التابع لمنظمة الصحة العالمية واليونيسف عن الشروط الأساسية لتتمكن المدارس من العمل بأمان وسط جائحة كوفيد-19، فإن "توافر النظافة الصحية، واستخدام معدات الحماية الشخصية، وتنظيف المرافق وتعقيمها، إضافة إلى توفير إمكانية الحصول على المياه النظيفة ونقاط غسل اليدين بالماء والصابون، والمراحيض الآمنة".
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس في التقرير، إن "إمكانية الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية هي أمر حاسم الأهمية للمنع الفعّال للإصابة بالمرض وللسيطرة عليه في جميع الأماكن، بما في ذلك المدارس".
"يجب أن يكون ذلك تركيزاً رئيسياً في الاستراتيجيات الحكومية الرامية إلى إعادة فتح المدارس وتشغيلها أثناء جائحة كوفيد-19 الجارية" يضيف غيبريسوس.
وتتضمن النتائج الرئيسة للتقرير أن "من بين الأطفال الذين يفتقرون لمرافق غسل اليدين الأساسية في المدارس، ويبلغ عددهم 818 مليوناً، يتوجه 355 مليوناً منهم إلى مدارس تتوفر فيها مرافق المياه ولكن دون صابون، ويتوجه 462 مليوناً منهم إلى مدارس لا يتوفر فيها أي مرافق أو مياه لغسل اليدين".
كما يؤكد التقرير أن "3 من كل 4 أطفال يفتقرون لخدمات غسل اليدين الأساسية في مدارسهم عند بدء انتشار المرض، وكان نصف أطفال هذه البلدان يفتقرون لخدمات المياه الأساسية، كما يفتقر أكثر من نصفهم لخدمات الصرف الصحي الأساسية، فضلاًعن توفر في واحدة من كل ثلاث مدارس في العالم إما خدمات محدودة لمياه الشرب أو لا تتوفر فيها هذه الخدمات إطلاقاً".
التعليم في العراق
يصف حامد نوري (53 عاماً) توصيات خلية الأزمة الصحية بأنها "غير منطقية ولن تسهم إلاّ في تزايد أعداد المصابين بالفيروس في سجلات الموقف الوبائي اليومي في العراق".
ويقول لـ"ارفع صوتك": "مهما اتخذت وزارة التربية من إجراءات للحفاظ على سلامة التلاميذ من خطر الوباء، فلن تنجح في ذلك".
ومنذ بداية تفشي الفيروس لم تتمكن خلية الأزمة الصحية من إقناع الكبار في الالتزام بإجراءات وقائية سليمة تحول دون انتقال العدوى و"تريد الآن من الأطفال وصغار السن الالتزام بإرشادات الوقاية" وفق تعبير حامد، الذي لديه ستة أبناء تلاميذ، نصفهم فتيات، وتتراوح أعمارهم بين 9 إلى 15 عاماً.
ولا يثق حامد الذي يعمل في إدارة ورشة لصيانة السيارات، في إدارات المدارس، ويتابع "على الأرجح لأنها ستستغل الأزمة لتحقيق مصالح شخصية"، في إشارة إلى أن التعليم في البلاد يعاني من مشكلات كبيرة أهمها وجود الكثير من تهم الفساد.
مخاوف مفوضية حقوق الإنسان
كانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، دعت وزارة التربية إلى التريث بقرار بدأ العام الدراسي الجديد بشكل كامل في ظل انتشار وباء فيروس كورونا المستجد.
وذكرت المفوضية في بيان لها "في الوقت الذي تقدر المفوضية جهود وزارة التربية في إكمال ملف العام الدراسي الحالي رغم التحديات، فإنها تبدي مخاوفها وقلق ذوي الطلبة على أبنائهم في ظل موجة انتشار الوباء وما قد يسببه من مخاطر صحية عليهم، خاصة وأن الوضع الوبائي لم يصل إلى درجة الاطمئنان حتى الآن مع غياب الوعي الصحي لدى الكثير من المواطنين".
وطالبت، وزارة التربية والجهات المعنية بـ "دراسة الأمر بدقة والتأني باتخاذ قرار بدأ العام الدراسي (2020- 2021) بشكله الكامل، لصعوبات توفير المستلزمات العلاجية وضعف الالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية المتخذة في هذا المجال".