العراق

عائلات تلاميذ عراقيين "ترفض" عودتهم للمدارس حالياً

30 سبتمبر 2020

توقع وزارة التربية العراقية، في بداية العام الدراسي الجديد نهاية أكتوبر أو في الثلث الأخير منه، أثار مخاوف الكثير من العوائل، التي تخشى انتقال عدوى فيروس كورونا المستجد لأبنائهم الطلبة.

تقول منتهى إحسان (38 عاماً)، وهي أم لثلاث فتيات في مراحل دراسية مختلفة "من المستبعد أن أسمح لبناتي بالذهاب إلى المدرسة قبل انتهاء أزمة كورونا".  

وتضيف في حديثها لـ "ارفع صوتك": "أنا مهتمة بدراسة بناتي، ولكن الموافقة على إرسالهن إلى المدرسة هذا العام، يعني فرصة أكيدة لإصابتهن بالوباء".

ويأتي ذلك تزامناً مع انتظار مصادقة وزير التربية على توصيات رفعت إليه من قبل خلية الأزمة الصحية واللجنة المشكلة في وزارة التربية حول إعداد رؤية للعام الدراسي القادم، من أجل استئناف الدوام المدرسي.

ومن التوصيات "التعايش مع الجائحة وأخذ الإجراءات الصحية، وتطبيق التباعد الاجتماعي بين الطلبة وعدم الاكتظاظ في الصف الواحد، وتحديد الطاقة الاستيعابية للصف بـ 15 تلميذاً فقط وتكون الحصة الواحدة 30 دقيقة، وكذلك إلغاء عطلة السبت في المدارس وتقليص المواد الدراسية التي ستحددها التربية وأصحاب الاختصاص".

غير أن هذه التوصيات لم تقنع منتهى وغيرها من أهالي الطلبة، إذ ترى أن المشكلة لن تتوقف عند هذه التوصيات فقط، فهي "غير كافية نظرا لأن أبنية المدارس غير مؤهلة صحياً ولا تخضع لمعايير السلامة، وتفتقر غالبيتها للنظافة في دورات المياه" وفق قولها.

وتؤكد أن التلاميذ "يعانون دوماً من ظروف إنسانية سيئة بسب انقطاع المياه، وما يصحبه من عدم قدرتهم على غسل أياديهم أو شرب المياه الصالحة". 

 

منظمة الصحة العالمية

ووفقا لأحدث البيانات من برنامج الرصد المشترك التابع لمنظمة الصحة العالمية واليونيسف عن الشروط الأساسية لتتمكن المدارس من العمل بأمان وسط جائحة كوفيد-19، فإن "توافر النظافة الصحية، واستخدام معدات الحماية الشخصية، وتنظيف المرافق وتعقيمها، إضافة إلى توفير إمكانية الحصول على المياه النظيفة ونقاط غسل اليدين بالماء والصابون، والمراحيض الآمنة".

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس في التقرير، إن "إمكانية الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية هي أمر حاسم الأهمية للمنع الفعّال للإصابة بالمرض وللسيطرة عليه في جميع الأماكن، بما في ذلك المدارس".

"يجب أن يكون ذلك تركيزاً رئيسياً في الاستراتيجيات الحكومية الرامية إلى إعادة فتح المدارس وتشغيلها أثناء جائحة كوفيد-19 الجارية" يضيف غيبريسوس.

وتتضمن النتائج الرئيسة للتقرير أن "من بين الأطفال الذين يفتقرون لمرافق غسل اليدين الأساسية في المدارس، ويبلغ عددهم 818 مليوناً، يتوجه 355 مليوناً منهم إلى مدارس تتوفر فيها مرافق المياه ولكن دون صابون، ويتوجه 462 مليوناً منهم إلى مدارس لا يتوفر فيها أي مرافق أو مياه لغسل اليدين".

كما يؤكد التقرير أن "3 من كل 4 أطفال يفتقرون لخدمات غسل اليدين الأساسية في مدارسهم عند بدء انتشار المرض، وكان نصف أطفال هذه البلدان يفتقرون لخدمات المياه الأساسية، كما يفتقر أكثر من نصفهم لخدمات الصرف الصحي الأساسية، فضلاًعن توفر في واحدة من كل ثلاث مدارس في العالم إما خدمات محدودة لمياه الشرب أو لا تتوفر فيها هذه الخدمات إطلاقاً".

 

التعليم في العراق

يصف حامد نوري (53 عاماً) توصيات خلية الأزمة الصحية بأنها "غير منطقية ولن تسهم إلاّ في تزايد أعداد المصابين بالفيروس في سجلات الموقف الوبائي اليومي في العراق". 

ويقول لـ"ارفع صوتك": "مهما اتخذت وزارة التربية من إجراءات للحفاظ على سلامة التلاميذ من خطر الوباء، فلن تنجح في ذلك". 

ومنذ بداية تفشي الفيروس لم تتمكن خلية الأزمة الصحية من إقناع الكبار في الالتزام بإجراءات وقائية سليمة تحول دون انتقال العدوى و"تريد الآن من الأطفال وصغار السن الالتزام بإرشادات الوقاية" وفق تعبير حامد، الذي لديه ستة أبناء تلاميذ، نصفهم فتيات، وتتراوح أعمارهم بين 9 إلى 15 عاماً.

ولا يثق حامد الذي يعمل في إدارة ورشة لصيانة السيارات، في إدارات المدارس، ويتابع "على الأرجح لأنها ستستغل الأزمة لتحقيق مصالح شخصية"، في إشارة إلى أن التعليم في البلاد يعاني من مشكلات كبيرة أهمها وجود الكثير من تهم الفساد. 

 

مخاوف مفوضية حقوق الإنسان

كانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، دعت وزارة التربية إلى التريث بقرار بدأ العام الدراسي الجديد بشكل كامل في ظل انتشار وباء فيروس كورونا المستجد. 

وذكرت المفوضية في بيان لها "في الوقت الذي تقدر المفوضية جهود وزارة التربية في إكمال ملف العام الدراسي الحالي رغم التحديات، فإنها تبدي مخاوفها وقلق ذوي الطلبة على أبنائهم في ظل موجة انتشار الوباء وما قد يسببه من مخاطر صحية عليهم، خاصة وأن الوضع الوبائي لم يصل إلى درجة الاطمئنان حتى الآن مع غياب الوعي الصحي لدى الكثير من المواطنين".

وطالبت، وزارة التربية والجهات المعنية بـ "دراسة الأمر بدقة والتأني باتخاذ قرار بدأ العام الدراسي (2020- 2021) بشكله الكامل، لصعوبات توفير المستلزمات العلاجية وضعف الالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية المتخذة في هذا المجال".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.