عام على انطلاق ثورة أكتوبر.. ما الذي تغيّر في المشهد العراقي؟
خاص- بغداد:
رغم مرور عام على انطلاق ثورة أكتوبر العراقية، ما زال حراك القوى الشعبية حاضراً في منصات الاحتجاج وساحات الاعتصام، للتأكيد على استمرار المطالبة بأهدافها، التي تمسك بها المتظاهرون في مختلف المحافظات العراقية المشاركة في الاحتجاجات.
ومثّل صمود المتظاهرين على سلمية الثورة في وجه عمليات القمع والاغتيالات والقتل العمد من قبل القوات الحكومية وعناصر المليشيات، موقفاً نادراً في المشهد العراقي.
ولغاية الآن لا يوجد رقم مؤكد لأعداد ضحايا القمع والاغتيالات في الأشهر الأولى للتظاهرات قبل الهدوء النسب الذي عمّ البلاد بسبب جائحة كوفيد-19، إلا أن معظم التقديرات تشير لمقتل أكثر من 600 من المشاركين في التظاهرات أو الداعمين لها.
ولم تستطع القوى السياسية والمحركات الحكومية من وأد الاحتجاجات، أن تشكّل قوة شعبية ضاغطة على خيارات وقرارات السلطة السياسية وصناع القرار في العراق، والدفع بهم لتشريعات وقوانين تتناغم مع مطالب تلك الحركة الجماهيرية .
تظاهرات تتجدد وساحات تنتظر
يقول الناشط المدني أحمد خضير ، إن "الحراك التشريني لن يهدأ أو تكتب له الراحة إلا بعد تنفيذ مطالب الإصلاح التي دعا إليها الشارع العراقي وبشكل كامل، من بينها تعديل قانون الانتخابات بحيث يضمن وصول الكفاءات والشخصيات المستقلة إلى مواقع المسؤولية التقليل من سطوة الكتل والأحزاب الفاسدة، على مقاليد الناخب وصناديق الاقتراع".
ويضيف خضير لـ"ارفع صوتك": "المطالب التي رفعها المتظاهرون ودفعوا من أجلها الدم والملاحقات والزج بالسجون، تؤكد جديّة وثبات الإرادة الجماهيرية وقدرتها على تشخيص مواضع الخلل في الأداء الحكومي والسياسي الذي أطاح بمؤسسة الدولة فساداً وضعفاً طيلة السنوات التالية لشهر نيسان 2003".
ويطالب بتقديم الجناة وقتلة المتظاهرين إلى العدالة والكشف عن الجهات التي تقف وراءهم، فضلا عن محاسبة مسؤولي الفساد وحيتان المال العام، على حد تعبيره.
وبتابع خضير القول "تلك المطالبات ستكون حاضرة وبقوة في تظاهرات أكتوبر في عامها الثاني".
وحسب مراقبن للشأن السياسي العراقي، اختلفت طبيعة صنع القرار وآليات الوصول والأداء السياسي، عما كانت عليه الأوضاع قبل أكتوبر 2019، حيث أسهمت ساحات التظاهر في إنتاج سلطة تنفيذية تقترب من المزاج العام للجماهير الغاضبة، وتدفع بها إلى محاسبة المقصرين وملاحقة تابوهات الفساد والنظر بجدية أكبر لإنقاذ البلاد من أزماتها المعايشة الاقتصادية والأمنية.
"إنجازات كبيرة"
يرى المحلل السياسي ماهر عبد جودة، أن "انتفاضة تشرين حققت إنجازات كبيرة صدمت الكتل السياسية المتجذرة بالفساد، كان في مقدمتها الدفع برئيس الحكومة عادل عبد المهدي إلى تقديم الاستقالة، والشروع بوضع اليد على الكثير من القوانين والتشريعات التي وفرت بيئة آمنة لتواجد رموز اللادولة".
ويقول جودة لـ"ارفع صوتك": "أسهمت الانتفاضة في التأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ العراق السياسي وولادة جيل واع من رحم المعاناة الجماهيرية، بالإضافة لوضع العربة على المسار الصحيح، وهو ما يتجلى في وصول مصطفى الكاظمي إلى رئاسة الوزراء من خارج منظومة الأحزاب والقوى السياسية، رغم أنه ليس خياراً جماهيرياً ولكنه يقود مرحلة انتقالية مهمة تستشرف مستقبلاً أفضل".
ويشير إلى أن "غالبية الكتل والأحزاب الكبيرة تعيش حالة من القلق وعدم الاستقرار جراء المتغيرات التي أفرزتها انتفاضة تشرين، وتشتد معاناتهم بالذهاب إلى سن القوانين والتشريعات التي تلبي تطلعات الجماهير، رغم أنوفهم وتضرر مستقبلهم السياسي، لأن الإرادة الشعبية باتت أكبر من مقدرتهم وإمكانيات الصد والوقوف ضد مسارها".
"الإصلاح ضرورة"
في نفس السياق، يقول النائب حسن فدعم "بغض النظر عن الأخطاء التي ترافقت مع التظاهرات والخروقات الأمنية التي تسببت بسقوط الضحايا من المتظاهرين والقوات الأمنية ، إلا أن رسائل تظاهرات أكتوبر كانت واضحة وجلية بالسخط والغضب الجماهيري العارم على سوء الأداء السياسي طيلة الفترات السابقة".
ويؤكد فدعم عبر اتصال مع "ارفع صوتك" أن "الطبقة السياسية برمتها تسعى الآن إلى إعادة صياغة منهجها ومفردات تعاطيها مع الحكم والقرار السياسي في ضوء المتغيرات التي جاءت بها منصات أكتوبر، لا سيما أن أزمات البلاد والأوضاع الراهنة تفرض على الجميع مراجعة العقد الاجتماعي والسياسي المبرم بين الحاكم والمحكوم".