عادل و8 شهور من الاعتقال والتعذيب في السجون العراقية
أربيل - متين أمين:
لم يتمكن المتظاهر، عادل عدي الزيدي، من المشاركة في الذكرى السنوية الأولى لانطلاقة تظاهرات تشرين في العراق إثر توقيعه على تعهدات قسرية بعدم المشاركة في التظاهرات مجددا قبل إطلاق سراحه من قبل القوات الأمنية في يونيو الماضي.
واحتشد الخميس، آلاف العراقيين في ساحة التحرير وسط بغداد لإحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاقة ثورة أكتوبر، وسط انتشار أمني مكثف في محيط ساحة التحرير ومدخل المنطقة الخضراء التي تحتضن المقرات الرئيسية للحكومة العراقية والبعثات الدبلوماسية.
وطالب المتظاهرون في الذكرى الأولى لتظاهراتهم بمواصلتها لحين تحقيق مطالبهم ومحاكمة الفاسدين وكل من تورط بدم المتظاهرين..
ونظموا نشاطات وفعاليات متنوعة تضمنت مسيرات طلابية وأخرى نسوية، بالإضافة إلى تنظيم بازار خيري ومهرجان شعري وتنظيم تشييع رمزي لقتلى التظاهرات.
قصّة عادل
يقول عادل (18 عاماً) لـ"ارفع صوتك" إن مشاهداته وما تعرض له من تعذيب في السجن بعد أن تمّ اعتقاله من قبل إحدى المليشيات في 26 نوفمبر 2019، مع عدد من المتظاهرين الآخرين على خلفية مشاركتهم في التظاهرات.
ويضيف "شاركت في بداية التظاهرات بحيث أقدم المساعدات للمتظاهرين وأنقل الجرحى إلى خيم الفرق الصحية الميدانية في ساحة التحرير لعلاجهم، وكنت أتنقل ما بين جسور الجمهورية والسنك والأحرار، حتى اعتقلت مع مجموعة من المتظاهرين الآخرين قرب جسر الأحرار من قبل قوة، كان عناصرها ملثمين يرتدون ملابس سوداء".
سلم الملثمون الزيدي والمتظاهرين الآخرين لفوج "المغاوير" التابع لقوات ما يعرف بمكافحة الشغب، وبعد احتجاز داخل سيارة هذه القوة لأكثر من 12 ساعة، نقلوه إلى معتقل مطار المثنى في بغداد.
وحسب عادل لم تتوقف هذه القوة عن ضربهم وشتمهم، على طول الطريق المؤدي لمطار المثنى العسكري، وعند وصولهم المطار كانت الهيئة التحقيقية المشكلة للتحقيق مع المتظاهرين برئاسة قاضي تحقيق معروف في العراق، بانتظارهم.
وتابع "دخلت إلى القاعة التي يتواجد فيها القاضي وهيئة التحقيق، قال لي القاضي أنت ابن عدي الزيدي ملمحاً إلى وقوف والدي خلف التظاهرات، ثم عصبوا عيني وباشروا بتعذيبي بشتى الطرق من ضرب وإهانة لإجباري على الإدلاء باعترافات قسرية، كنت أتلقى اللكمات والركلات مع الضرب المبرح بالعصيّ من قبل عدة أشخاص مع الشتائم حتى أغمي عليّ".
وبعد اعتقاله، نشر والده الناشط في التظاهرات عديّ الزيدي، مقاطع فيديو يؤكد فيها على تعرض عادل للتعذيب أثناء التحقيق ومستنكراً إلى جانب عديد النشطاء والحقوقيين في العراق، كل ما حصل له، خصوصاً أنه كان قاصراً.
يقول عادل لـ"ارفع صوتك"، إنه بعد أن استيقظ، تم إجباره من قبل هيئة التحقيق على تقديم اعتراف، ثم جرى نقله زنزانة انفرادية، بقي فيها أياماً عدة، تعرض خلالها للتعذيب بالضرب المبرح أدّى لكسر أنفه، كما تم صعقه بالكهرباء.
وبعدها تم إجباره على تقديم اعتراف مصوّر يقول فيه إنه "منتم لحزب البعث ووالده مدعوم من البعثيين كما أنه يزوده بقنابل المولوتوف لمهاجمة القوات الأمنية، وغير ذلك".
مع عناصر داعش!
لم تفارق صورة السجن مخيلة عادل طيلة الشهور الماضية، إذ احتُجز مع حوالي 300 آخرين، بينهم متظاهرون ومسلّحون وعناصر في تنظيم داعش، كلهم في قاعة مساحتها قرابة 20 متر مربّع.
"كنا ننام بالتناوب بسبب الاكتظاظ، فمن ينتهي دوره في النوم يقف لينام معتقل آخر في مكانه، وكنا نتناول وجبة واحدة من الطعام يوميا. الأوضاع في سجن المثنى مأساوية، فالمليشيات تتحكم بهذا السجن خاصة مليشيا كتائب حزب الله وسرايا السلام" يصف عادل التجربة.
بعد عشرة أيام قضاها في سجن المثنى، تم نقله إلى سجن أحداث الطوبجي لتبدأ محاكمته بتهمتين هما: الانتماء لحزب البعث ومهاجمة القوات الأمنية.
يكشف عادل "الجلسة الأولى للمحاكمة أجلت، قدمت خلال فترة المحاكمة شكاوى التعرض للتعذيب لكن في كل مرة كانت المحكمة ترفض الشكوى حتى رفضت ثلاث شكاوى متتالية لي، لكنهم وافقوا أخيرا على إخضاعي للفحص لمعرفة صحة تعرضي للتعذيب، وأظهر الفحص أن جسمي تعرض للتعذيب بنسبة 65%".
أما قرار المحكمة فكان السجن لعادل ستة شهور لانتمائه لحزب البعث وستة شهور أخرى مع وقف التنفيذ لمهاجمة القوات الأمنية، وتزامن إصدار الحكم مع قضائه ثمانية شهور في المعتقل، ليتم إطلاق سراحه في 21 يونيو 2020.
ورغم ما تعرض له عادل من تعذيب داخل المعتقل خلال الأشهر الماضية، إلا أنه يؤكد تمسكه بالتظاهرات والمطالب التي يواصل المتظاهرون رفعها منذ أكتوبر الماضي.
يقول "لم أتمكن من المشاركة بسبب التعهد القسري الذي وقعته للجهات الأمنية أثناء الاعتقال وهذا هو حال كافة المتظاهرين المعتقلين الذي أطلق سراحهم خلال عام من التظاهرات".
ويعوّل عادل على التظاهرات باعتبارها "وحدت الصفوف ونجح فيها المتظاهرون بالحفاظ على السلمية رغم المحاولات المكثفة من قبل السلطة والمليشيات لجرهم نحو العنف".
وحسب إحصائيات اللجنة المنظمة للمظاهرات، بلغ عدد المتظاهرين والناشطين العراقيين الذي قتلوا برصاص المليشيات والقوات الأمنية خلال عام من انطلاقتها 803 قتلى، فيما بلغ عدد الجرحى 31 ألفاً، واختطف 209 متظاهر ومتظاهرة.