عامان على اغتيال أمجد الدهامات.. هل قُبض على القاتل؟
برصاص سلاح كاتم للصوت، يوم 6 نوفمبر 2019، غاب صوت الناشط المدني البارز في احتجاجات العمارة بمحافظة ميسان، أمجد الدهامات، إلى الأبد.
كان أمجد عائداً لمنزله وعائلته المكونة من زوجته وأبنائه الأربعة: ولدان وبنتان، وأمّه وأبيه، حيث يعيشون جميعاً في بيت واحد.
سنتان إذن على هذا الاغتيال المنظم، لشخصية نشطة وملهمة للشباب في ميسان، قبل وبعد الاحتجاجات، فما الذي حصل لعائلته خلال تلك المدّة؟ وهل تم العثور على القاتل ومحاكمته؟
أولاً: أمجد
ولد أمجد في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان جنوب شرق العراق، وعمل آخر سنوات حياته في التدريس، بعد أن كان منسقاً للمنظمات في مكتب محافظ ميسان، ومستشاراً لرئيس مجلس المحافظة لشؤون المنظمات.
وبقراءة سيرة ذاتية، كتبها أمجد بنفسه، ووجدها أخوه وليد في حاسوبه الشخصي، نجد أن الأول قضى حياته العملية كلها بين الأدب وحقوق الإنسان والتدريب المدني في موضوعات عدة، أبرزها القيادة والتنمية البشرية وحقوق المرأة وحل النزاعات.
كما كان عضواً في اتحادات داخل محافظة ميسان، مثل اتحاد الكتاب والموسيقيين وعدد من اللجان البيئية وحقوق الطفل والمياه والطوارئ وإزالة الألغام، وغيرها من المراكز الثقافية والمدنية الفاعلة داخل المحافظة.
كما شارك أمجد في عدة فعاليات دولية وأممية داخل محافظة ميسان، تتعلق بمشاريع تنموية ونهضوية، وأخرى في مجال حقوق الإنسان ومتابعة شؤون النازحين، كان في بعضها مدرباً وبعضها الآخر مشاركاً ومنسقاً.
وكتب أمجد في عدة وسائل إعلام محلية مقالات سياسية في معظمها، كان ينشرها على صفحته العامة أيضاً، آخرها في الأول من نوفمبر 2019، بعنوان "العراق: نظام رئاسي أم برلماني؟".
العراق: نظام رئاسي أمْ برلماني؟ أمجد الدهامات بين فترة وأخرى تصدر دعوات من جهات سياسية وشعبية لتغيير النظام السياسي في...
Posted by أمجد الدهامات on Friday, November 1, 2019
العراق: نظام رئاسي أمْ برلماني؟ أمجد الدهامات بين فترة وأخرى تصدر دعوات من جهات سياسية وشعبية لتغيير النظام السياسي في...
Posted by أمجد الدهامات on Friday, November 1, 2019
وهذا التوسّع في نشاطه المدني داخل المحافظة، جعله معروفاً بين عشرات الشباب والنشطاء والحوقيين والمؤسسات الدولية الفاعلة في ميسان، إذ ترك بصمة لدى الكثيرين، الذين لم ينسوه طيلة سنة على غيابه، وكانوا يتذكرونه ويذكّرون به عبر منشورات في مواقع التواصل، وهو ما يمنح العائلة "دعماً معنوياً جميلاً ومؤثراً في نفوس أفرادها" كما يقول ابن أمجد الأكبر، أحمد.
يضيف أحمد (23 عاماً) بصوت هادئ عبر مكالمة هاتفية مع "ارفع صوتك": "محبّة العالم عزاؤنا الوحيد في والدي الشهيد".
اول خيمة نصبت في ساحة التحرير أصبح اسمها خيمة الشهيد امجد الدهامات صاحب اول خيمة نصبت في ساحة ميسان بعد انسحابها...
Posted by Mohammed Aldhamat on Saturday, February 22, 2020
اول خيمة نصبت في ساحة التحرير أصبح اسمها خيمة الشهيد امجد الدهامات صاحب اول خيمة نصبت في ساحة ميسان بعد انسحابها...
Posted by Mohammed Aldhamat on Saturday, February 22, 2020
اول خيمة نصبت في ساحة التحرير أصبح اسمها خيمة الشهيد امجد الدهامات صاحب اول خيمة نصبت في ساحة ميسان بعد انسحابها...
Posted by Mohammed Aldhamat on Saturday, February 22, 2020
من #ذاكرة_تشرين الشهيد الخالد "امجد الدهامات" ابن ميسان واحد من ابطالها وشجعانها شارك في كل التظاهرات منذ عام ٢٠١١...
Posted by ذاكرة تشرين - Tishreen Memory on Saturday, January 18, 2020
ثانياً: العائلة
انتقى الرّاحل أمجد، وليد شهر ديسمبر عام 1966، أسماء أبنائه بعناية، حسبما يقول أخوه وليد، إذ أحمد أبرز الأسماء عند المسلمين، ومريم الشخصية المقدّسة عند المسيحيين، ورفقة كاسم يهوديّ، وسام من أسماء الصابئة الأكثر شيوعاً.
يضيف "تعلّق رفقة صورة أبيها ميدالية في عنقها منذ استشهاده".
ويصف وليد أخاه الذي اغتيل قبل عام، بأنه "مثقف وموسوعيّ، يكتب الأدب والموسيقى والشعر والمسرح والأديان... ما زلت أتذكر حين وصلت إلى المستشفى وأخرجنا جثمانه من الثلاجة، كان وقع اغتياله صعباً جداً علينا".
"ما فد يوم نسيناه، وتأثرنا برحيله كلّش قوي، ووفاته كانت الأولى في عائلتنا، نحن الإخوة السبعة مع أربع أخوات، كان أبي يقول إن أسوأ ما في العمر الطويل أن يدفن الأب ابنه لا العكس" يقول وليد عبر الهاتف لـ"ارفع صوتك".
أما الأم، التي عُرفت في فيديو تم تداوله على نطاق واسع تبكي عند قبر أمجد، فكان أثر غيابه عليها كبيراً جداً. حيث كان يعيش وعائلته معها في نفس البيت.
مشهد مؤلم في وادي السلام .. والدة #امجد_الدهامات تحتضن قبر الشهيد #النشرة_الرئيسة
— قناة دجلة الفضائية (@DijlahTv) August 23, 2020
شاهد النشرة كاملة: https://t.co/DKiJaNanPJ pic.twitter.com/7evrk56esr
يقول وليد "كان باب غرفة أمي مقابل باب غرفة أمجد، تراه كل يوم، وتشهد جميع حركاته، كل ذلك تحوّل فراغاً في غيابه".
وعن ذلك يقول أحمد، لـ"ارفع صوتك": "كان من الصعب تقبّل غياب والدي عن البيت، وربما أكثر ما نتذكره منه ونعبّر فيه عن امتناننا، ترجمة أفعاله، منها الاعتناء بجدّتي، حيث كان بارّا جداً بها".
وغياب أمجد، جعل من ابنه الأكبر يشعر بأنه مسؤوليته صارت أكبر، ليس أمام عائلته الصغيرة بل أيضاً تجاه جدّه وجدّته، يقول أحمد "إنه لشيء عظيم أن أحمل اسم أبي، وأيضاً مسؤولية كبيرة".
وإن كان أحمد يصف والده بالكتوم، الذي يترجم أفكاره لأفعال يتعلّم منها أبناؤه، يبدو أحمد أيضاً حريصاً في التعبير عن مشاعره حول فقد أبيه، كما يقول، لذا قرّر أن يخفف وطأة الغياب بالحفاظ على أسلوب أبيه معه وإخوته.
يوضح أحمد "رحيله أُر في نفسياتنا جداً، لكننا نقوّي بعضنا البعض، إن رأيت جدتي تبكي مثلاً أذهب لأصبرها وإن رأتني أو رأت أحد إخوتي تقوم بنفس الشيء، وهكذا. لقد كان أبي يدارينا ولا يقبل أن نؤذي أنفسنا، ويسعى لأن نعيش مرتاحين، وسنبقى كذلك".
"رغم كسرتنا وحزننا عليه، سنظل كما أحب أن يرانا دوماً" يتابع أحمد القول.
ثالثاً: القاتل
بعد اغتيال أمجد، استدعت الشرطة أباه وأمّه وزوجته، من أجل تقديم بلاغ، وهو ما جرى، ليتم التحقيق الذي لم يوصل العائلة لأي نتيجة، حسبما يقول وليد.
ويضيف "تم تشكيل لجنة تحقيق طبعاً، لكن كما يقول المثل، إذا تريد تنسى قضيّة شكّل لجنة".
ويؤكد وليد لـ"ارفع صوتك" أن عائلة أمجد الذي كان موظفاً حكومياً، لم تستلم أي دعم مالي حكومي طيلة السنة الماضية، ولم تستلم راتبه، وما زال لغاية اليوم في الأوراق الرسمية "متوفى لا شهيداً".
وتثبيت وصف "شهيد" في الأوراق الرسمية له تبعات عدة منها مالية، ويُعتبر فيها من كان موظفاً حكومياً متقاعداً، وتستلم عائلته راتباً تقاعدياً.
وخلال هذه السنة يساعد إخوة أمجد عائلته، علماً بأنه كان معيلاً ليس فقط لزوجته وأبنائه، إنما لأمه وأبيه أيضاً، وفق ما ذكر أحمد.
وفي سبتمبر الماضي، تحدّث محمد الدهامات، أخ الرّاحل أمجد، في فيديو، عن أبرز ما جاء في اجتماع بين عوائل ضحايا الاغتيالات ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
وفي اليوم الثاني لنشره الفيديو وتداوله على صفحات عراقية بمواقع التواصل، قال في مكالمة هاتفية مع قناة دجلة المحليّة "كأهالي الشهداء، تم استغلالنا بشكل كبير".
وأضاف "الحكومة متواطئة مع الأحزاب التي تقتلنا وتقتل أبناءنا. وحكومة لم تستطع حماية أبنائها أو تكشف قاتل واحد منذ عام 2003، هي متواطئة مع القتَلة".
وتابع القول "أسماء قتلة المتظاهرين لدى الحكومة، لكنها لا تجرؤ على إلقاء القبض عليهم، بسبب انتمائهم لجهات سياسية، بالتالي صار واضح أن الحكومة متواطئة".
وبالإشارة إلى وعد رئيس الحكومة عائلة الخبير الأمني الرّاحل هشام الهاشمي بإيجاد القاتل، وعدم إيفائه به، يقول محمد "ليش الكاظمي ينطي وعود ما يقدر ينفذها وبعطينا أمل؟ خاب ظني بالسيد الكاظمي، وأنا نادم جداً على قبولي للدعوة، ونادم جداً لأنه كان لدي بصيص أمل في الكاظمي".
الاستاذ محمد الدهامات اخو الشهيد امجد الدهامات احد اعمدة تظاهرات ميسان الذي اغتيل في بداية الشهر 11 من سنة 2019 ، ينشر فيديو مهم عن تفاصيل اللقاء الذي جمعه بالكاظمي والوعود التي اخذها والنتائج خلال 3 اشهر.. #ذاكرة_تشرين
Posted by ذاكرة تشرين - Tishreen Memory on Wednesday, September 9, 2020