العراق

هل يعود الإغلاق العام وحظر التجوال إلى كردستان؟

دلشاد حسين
13 أكتوبر 2020

يخشى العديد من مواطني إقليم كردستان، خاصة الفئات المعتمدة على الأعمال الحرة والقطاع الخاص، من أضرار اقتصادية كبيرة، فيما إذا قررت حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد إعلان حظر التجوال في البلاد مجددا، إثر ارتفاع الإصابات اليومية بالفيروس في كافة مناطق العراق.

 ورغم عدم تلميح حكومة الإقليم إلى نيتها فرض حظر التجوال مجددا، إلا أن الخوف من أزمة اقتصادية جراء الحظر يخيم على الأجواء في الشارع وفي الأسواق والقطاع الخاص بعد الأضرار التي لحقت بهذا القطاع خلال فترة الإغلاق العام في الإقليم التي استمرت نحو ثلاثة أشهر.

وكشف وزير الصحة في حكومة إقليم كردستان، سامان برزنجي، في مؤتمر صحفي، السبت الماضي، أن "اللجنة الوزارية الخاصة بمواجهة فيروس كورونا في حكومة إقليم كردستان، ستعقد خلال الأيام المقبلة اجتماعا مع الوزارات ذات العلاقة بمواجهة الفيروس والمحافظين في كردستان؛ لبحث وتقييم الإجراءات والتعليمات الخاصة بمواجهة فيروس كورونا المتبعة حاليا في الإقليم، التي اتخذت بعد إنهاء الإغلاق العام، وجزء من هذه الإجراءات تعتمد على الحكومة والقسم الرئيسي منها يعتمد على المواطنين وتأييدهم".

وتشمل الإجراءات الحالية المتبعة في كردستان للوقاية من فيروس كورونا والحد من انتشاره: ارتداء الكمامات والالتزام بشروط التباعد الاجتماعي وتجنب التجمعات. 

وأضاف برزنجي "القسم الذي يقع على عاتقنا في حكومة الاقليم هو توفير المستلزمات الطبية وزيادة عدد الأسرة في المستشفيات وتوفير الرعاية والمتابعة المكثفة للمرضى".

وأوضح أن الوزارة تجري يوميا ما بين (5-6) آلاف فحص كورونا  أي حوالي 31% من عدد الفحوصات التي تجرى في العراق، لافتا إلى أن "زيادة عدد الفحوصات تساهم باكتشاف المصابين ومعالجتهم بالتالي تقليل أعداد الإصابات والوفيات".

وأعلنت وزارة الصحة في حكومة إقليم كردستان في تقريرها اليومي، أمس الاثنين، أن عدد الوفيات بفيروس كورونا بلغ حتى الآن ٢٠١٨ شخصا، فيما ارتفع إجمالي الإصابات بالفيروس في الإقليم إلى 56 ألف و465 مصابا، وبلغت حصيلة المتعافين من الفيروس 35 ألف 276 شخصا.  

واعتبر عبدالصمد صديق، الذي يعمل في محل للعصائر بسوق القيصري وسط أربيل، إعلان حظر التجوال مجددا "أمرا كارثيا سيخلف سلبيات كثيرة على حياة الناس خاصة الحياة الاقتصادية لفترة طويلة".

ويقول صديق لـ"ارفع صوتك": "لن يكون لحظر التجوال في المرحلة الحالية أي نتيجة، لأن المرض ينتشر بشكل كبير، فضلا عن أنه لن يؤدي إلى إنهاء فيروس كورونا. المطلوب منا الآن الالتزام بإجراءات السلامة الشخصية وارتداء الكمامة، وأتمنى أن تقتصر الإجراءات المقبلة على ذلك كي لا تتوقف الحياة مجددا".

في نفس السياق، تدعم الموظفة الحكومية جيا جميل، من السليمانية، إعلان حظر التجوال في العراق ومن ضمنه كردستان، للحفاظ على أرواح المواطنين من الإصابة بالمرض، لكن بشروط.

تقول لـ"ارفع صوتك": "قبل إعلان الحظر يجب على الحكومة الاتحادية في بغداد توفير كافة المستلزمات اليومية للمواطنين من مواد غذائية، وتعويضهم ماليا عما يلحق بهم من أذى جراء توقف أعمالهم أو خسارة مصادر دخلهم، مع إعفاء الجميع من الضرائب والإيجارات وأجور الماء والكهرباء والمولدات الكهربائية، ودون اتخاذ هذه التدابير لا يمكن فرض حظر التجوال، لأن عواقبه ستكون وخيمة اقتصاديا واجتماعيا".

ورغم اعتقاده بأن حظر التجوال الوسيلة الوحيدة لإيقاف انتشار المرض، إلا أن الكاتب والصحافي، علي البيدر، يدعو الحكومة العراقية لإيلاء أهمية لأصحاب الأعمال الحرة والعاملين في القطاع الخاص، الذين سيفقدون قوت يومهم بمجرد الإغلاق.

يقول لـ "ارفع صوتك": "هناك فئة كبيرة من المواطنين في العراق سيتضررون من حظر التجوال لأنهم لا يتقاضون رواتب من الدولة، لذلك على الدولة أن تهتم بهذه الفئة التي تمثل غالبية المجتمع، حينها يمكن أن تلجأ اإى حظر التجوال للوقاية من الفيروس خاصة بعد تحذيرات دولية من أن الموجة الثانية منه ستكون الأكثر حدة من الأولى".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.