العراق

بعد تقرير "المنتدى الاقتصادي".. توقعات عراقية بتفاقم البطالة وعدد ضحاياها

14 أكتوبر 2020

أظهر مسح أجراه "المنتدى الاقتصادي العالمي" في المخاطر الإقليمية لممارسة الأعمال، أن البطالة تعتبر أكبر مصدر للقلق خلال السنوات العشر المقبلة بالنسبة للتنفيذيين في قطاع الأعمال في مختلف أنحاء العالم يليها مباشرة المخاوف من انتشار الأمراض المعدية.

وكانت معدلات البطالة ارتفعت بشدة بسبب إجراءات العزل العام وغيرها من القيود التي فُرضت للتصدي لجائحة فيروس كورونا، وانتشر الخوف من تدهور الأوضاع في البلاد التي سرّحت العمال بصفة مؤقتة.

وأشار المسح -الذي تم فيه استطلاع آراء 12012 من قيادات الأعمال في 127 دولة- إلى أن المخاوف من الأزمات المالية والهجمات الإلكترونية والاضطرابات الاجتماعية الشديدة جاءت في المراكز الثالث والرابع والخامس على الترتيب.

وقالت عضوة المنتدب بالمنتدى الاقتصادي العالمي سعيدة زاهيدي، إن "الاضطرابات في التوظيف التي تسببت فيها الجائحة والأتمتة المتزايدة والنقلة إلى اقتصادات أكثر اهتماماً بالبيئة تعمل على تغيير أسواق العمل تغييرا جوهريا".

وأضافت "مع خروجنا من الأزمة، أمام القيادات فرصة رائعة لخلق وظائف جديدة ودعم الأجور التي تكفل الحد الأدنى للمعيشة وإعادة تصور شبكات الأمان الاجتماعي للتصدي على نحو مناسب للتحديات في أسواق العمل مستقبلا".

 

"صعبة للغاية"

وفي العراق، يرجّح الخبير الاقتصادي جاسم خالد ارتفاع معدلات البطالة إلى "أعلى مستوى، مع فقدان العاملين في القطاع الخاص وظائفهم بلا بديل، بسبب وباء فيروس كورونا".

ويقول لـ " ارفع صوتك"إن "هذا يعني أن الملايين من الناس يعيشون في فقر".

وآخر الإحصاءات المتوفرة صدرت عام 2018، رصدت فيها وزارة التخطيط والإنماء معدلات الفقر بين العراقيين عند نسبة 20% ولكن النسبة كانت ترتفع وتتباين وفقا للنشاط الاقتصادي في كل من المحافظات الجنوبية، حيث تصل في محافظة المثنى إلى 52%.  أما نسبة البطالة، فبلغت 13.8%  في عموم البلاد، كما وترتفع بين شريحة الشباب إلى 27%.  

ويتوقع خالد أن تكون تبعات الأزمة الحالية "صعبة للغاية" على الشباب تحديداً، مضيفاً " قبل اجتياح الوباء كان هناك أمل عند الشباب الذين يترقبون الحصول على وظائف حكومية، لدرجة اندلاع التظاهرات والاحتجاجات المطالبة بفرص عمل، ولكن بعد تفشي كورونا تغيرت الأوضاع كلياً".

يتابع "أصيب الشباب بخيبة لعدم قدرة الحكومة أصلاً على تأمين رواتب الموظفين في مواعيدها الشهرية".

وكان عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان النائب جمال كوجر، أكد أن "هناك نحو ثمانية ملايين أسرة مستفيدة بشكل مباشر من الرواتب، سواء كانوا موظفين أو متقاعدين أو ضمن الرعاية الاجتماعية". 

ومن شأن التوقف عن دفع الرواتب أو تأخرها، تقويض حركة الأنشطة التجارية والاقتصادية في السوق المحلية، في وقت تعتمد إيرادات البلاد على النفط الذي توقع وزيره إحسان عبد الجبار، بلوغ أسعاره حوالي 45 دولاراً في الربع الأول من العام المقبل 2021، وفق ما يقول خالد.

 

محاكمة "كل المفسدين"

كان العجز في موازنة 2020 نحو 81 تريليون دينار عراقي في حين كانت النفقات التشغيلية حوالي 35 تريليون دينار، بينما الإيرادات العامة تبلغ 67 تريليون دينار، ما يعني أن أموال العجز يتم تسديدها من الاحتياط النقدي والمصارف المحلية.

ويخشى الخبير القانوني عامر ضياء، من أن يكون تفشي وباء كورونا "حجة" لإبطال كل الاتهامات التي وجهت منذ عام 2003 بحق المفسدين، خاصة أن الإجراءات الحكومية "غير كافية" لمحاسبتهم قانونياً، حسب تعبيره.

ويقول ضياء لـ " ارفع صوتك": "من المفترض الآن محاكمة كل المفسدين لاسترجاع الأموال ومواجهة تفاقم الأزمات".

ويضيف أن "هذا الإجراء قد يحدث تغييرات على مستوى التدهور الحاصل في الاوضاع الاقتصادية في وقت تعيد الحكومية النظر في امتيازات أعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين والدرجات الخاصة".

في نفس السياق، قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، إن "رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، عقد اجتماعا مع الكتل السياسية بحضور رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وجرى خلال الاجتماع الذي حضره وزيرا المالية والتخطيط، مناقشة الورقة البيضاء الإصلاحية الخاصة بتجاوز التحديات الاقتصادية التي يمر بها البلد، لاسيما ما يتعلق بالجانب المالي".

وبخصوص المستوى الاقتصادي والأزمة المالية الخانقة، أشار الكاظمي خلال الاجتماع، إلى أن "معالجة التحديات الاقتصادية مهمة ليست سهلة، والأزمة الحالية منهجية، لا تتعلق بهذه الحكومة وإجراءاتها، وهي تحتاج إلى إصلاح حقيقي وجذري وخطط طويلة الأمد لتجاوزها، مشدداً على ضرورة التكامل في العمل ما بين السُلطات لتحقيق ما نسعى اليه".

في المقابل، قال تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قبل أيام، إن "أكثر من ربع سكان العراق تحت خط الفقر أي ما يعادل نسبة 31%، بسبب الأزمات الاقتصادية التي تفاقمت بعد جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط".

وأورد التقرير الذي توقع انحراف مسار العراق بعيداً عن التنمية المستدامة، أن غياب الخطط الاقتصادية والترهل الوظيفي الكبير في أجهزة الدولة وعدم الشروع بتنمية القطاعات الإنتاجية المحلية التي من المفترض أن تعمل عليها الحكومات المختلفة، أدّى إلى إشكاليات اقتصادية معقدة زادت من معدلات الفقر والبطالة.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.