بعد تقرير "المنتدى الاقتصادي".. توقعات عراقية بتفاقم البطالة وعدد ضحاياها
أظهر مسح أجراه "المنتدى الاقتصادي العالمي" في المخاطر الإقليمية لممارسة الأعمال، أن البطالة تعتبر أكبر مصدر للقلق خلال السنوات العشر المقبلة بالنسبة للتنفيذيين في قطاع الأعمال في مختلف أنحاء العالم يليها مباشرة المخاوف من انتشار الأمراض المعدية.
وكانت معدلات البطالة ارتفعت بشدة بسبب إجراءات العزل العام وغيرها من القيود التي فُرضت للتصدي لجائحة فيروس كورونا، وانتشر الخوف من تدهور الأوضاع في البلاد التي سرّحت العمال بصفة مؤقتة.
وأشار المسح -الذي تم فيه استطلاع آراء 12012 من قيادات الأعمال في 127 دولة- إلى أن المخاوف من الأزمات المالية والهجمات الإلكترونية والاضطرابات الاجتماعية الشديدة جاءت في المراكز الثالث والرابع والخامس على الترتيب.
وقالت عضوة المنتدب بالمنتدى الاقتصادي العالمي سعيدة زاهيدي، إن "الاضطرابات في التوظيف التي تسببت فيها الجائحة والأتمتة المتزايدة والنقلة إلى اقتصادات أكثر اهتماماً بالبيئة تعمل على تغيير أسواق العمل تغييرا جوهريا".
وأضافت "مع خروجنا من الأزمة، أمام القيادات فرصة رائعة لخلق وظائف جديدة ودعم الأجور التي تكفل الحد الأدنى للمعيشة وإعادة تصور شبكات الأمان الاجتماعي للتصدي على نحو مناسب للتحديات في أسواق العمل مستقبلا".
"صعبة للغاية"
وفي العراق، يرجّح الخبير الاقتصادي جاسم خالد ارتفاع معدلات البطالة إلى "أعلى مستوى، مع فقدان العاملين في القطاع الخاص وظائفهم بلا بديل، بسبب وباء فيروس كورونا".
ويقول لـ " ارفع صوتك"إن "هذا يعني أن الملايين من الناس يعيشون في فقر".
وآخر الإحصاءات المتوفرة صدرت عام 2018، رصدت فيها وزارة التخطيط والإنماء معدلات الفقر بين العراقيين عند نسبة 20% ولكن النسبة كانت ترتفع وتتباين وفقا للنشاط الاقتصادي في كل من المحافظات الجنوبية، حيث تصل في محافظة المثنى إلى 52%. أما نسبة البطالة، فبلغت 13.8% في عموم البلاد، كما وترتفع بين شريحة الشباب إلى 27%.
ويتوقع خالد أن تكون تبعات الأزمة الحالية "صعبة للغاية" على الشباب تحديداً، مضيفاً " قبل اجتياح الوباء كان هناك أمل عند الشباب الذين يترقبون الحصول على وظائف حكومية، لدرجة اندلاع التظاهرات والاحتجاجات المطالبة بفرص عمل، ولكن بعد تفشي كورونا تغيرت الأوضاع كلياً".
يتابع "أصيب الشباب بخيبة لعدم قدرة الحكومة أصلاً على تأمين رواتب الموظفين في مواعيدها الشهرية".
وكان عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان النائب جمال كوجر، أكد أن "هناك نحو ثمانية ملايين أسرة مستفيدة بشكل مباشر من الرواتب، سواء كانوا موظفين أو متقاعدين أو ضمن الرعاية الاجتماعية".
ومن شأن التوقف عن دفع الرواتب أو تأخرها، تقويض حركة الأنشطة التجارية والاقتصادية في السوق المحلية، في وقت تعتمد إيرادات البلاد على النفط الذي توقع وزيره إحسان عبد الجبار، بلوغ أسعاره حوالي 45 دولاراً في الربع الأول من العام المقبل 2021، وفق ما يقول خالد.
محاكمة "كل المفسدين"
كان العجز في موازنة 2020 نحو 81 تريليون دينار عراقي في حين كانت النفقات التشغيلية حوالي 35 تريليون دينار، بينما الإيرادات العامة تبلغ 67 تريليون دينار، ما يعني أن أموال العجز يتم تسديدها من الاحتياط النقدي والمصارف المحلية.
ويخشى الخبير القانوني عامر ضياء، من أن يكون تفشي وباء كورونا "حجة" لإبطال كل الاتهامات التي وجهت منذ عام 2003 بحق المفسدين، خاصة أن الإجراءات الحكومية "غير كافية" لمحاسبتهم قانونياً، حسب تعبيره.
ويقول ضياء لـ " ارفع صوتك": "من المفترض الآن محاكمة كل المفسدين لاسترجاع الأموال ومواجهة تفاقم الأزمات".
ويضيف أن "هذا الإجراء قد يحدث تغييرات على مستوى التدهور الحاصل في الاوضاع الاقتصادية في وقت تعيد الحكومية النظر في امتيازات أعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين والدرجات الخاصة".
في نفس السياق، قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، إن "رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، عقد اجتماعا مع الكتل السياسية بحضور رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وجرى خلال الاجتماع الذي حضره وزيرا المالية والتخطيط، مناقشة الورقة البيضاء الإصلاحية الخاصة بتجاوز التحديات الاقتصادية التي يمر بها البلد، لاسيما ما يتعلق بالجانب المالي".
وبخصوص المستوى الاقتصادي والأزمة المالية الخانقة، أشار الكاظمي خلال الاجتماع، إلى أن "معالجة التحديات الاقتصادية مهمة ليست سهلة، والأزمة الحالية منهجية، لا تتعلق بهذه الحكومة وإجراءاتها، وهي تحتاج إلى إصلاح حقيقي وجذري وخطط طويلة الأمد لتجاوزها، مشدداً على ضرورة التكامل في العمل ما بين السُلطات لتحقيق ما نسعى اليه".
في المقابل، قال تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قبل أيام، إن "أكثر من ربع سكان العراق تحت خط الفقر أي ما يعادل نسبة 31%، بسبب الأزمات الاقتصادية التي تفاقمت بعد جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط".
وأورد التقرير الذي توقع انحراف مسار العراق بعيداً عن التنمية المستدامة، أن غياب الخطط الاقتصادية والترهل الوظيفي الكبير في أجهزة الدولة وعدم الشروع بتنمية القطاعات الإنتاجية المحلية التي من المفترض أن تعمل عليها الحكومات المختلفة، أدّى إلى إشكاليات اقتصادية معقدة زادت من معدلات الفقر والبطالة.