العراق

بعد إنفاق 78 تريليون دينار.. وزير سابق: النفط ليس مستقبل العراق

15 أكتوبر 2020

نقلا عن الحرة

أكد وزير الكهرباء العراقي السابق، لؤي الخطيب، أن مستقبل بلاده الاقتصادي يكمن في الاعتماد على طاقة كهربائية  مستدامة، وليس على النفط.

وأوضح الخطيب في مقال نشره في مجلة "فورين بوليسي" أنه خلال توليه منصب وزير الكهرباء لمدة 18 شهرًا (أكتوبر 2018 - مايو 2020) ، عمل مع فريقه على الشروع في خطوات ملموسة لـ"كهربة قطاع" الطاقة الحيوي في العراق من أجل المساعدة في استقرار البلاد في أعقاب الحرب ضد تنظيم داعش بغية أن تصبح على المدى البعيد مركزا إقليميا للطاقة.

ويعاني العراق من أزمة نقص حادة في الكهرباء والتي كانت إحدى عوامل الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في أكتوبر من العام الماضي، وذلك فيما اعتاد المسؤولون في الحكومات المتعاقبة وبعض القوى السياسية تبادل الاتهامات وتقديم  تفسيرات غير المقنعة بحسب خبراء في قطاع الطاقة.

وبلغت الأموال المصروفة على تحسين الشبكة الكهربائية في مجال التوليد والإنتاج والتوزيع نحو 78 تريليون دينار عراقي (حوالي 65 مليار دولار) بين عامي (2005 -2014) دون أن يكون هناك تحسن ملموس يتناسب مع تلك الأرقام.

وشدد الخطيب في مقاله على أن وزارته كانت تسعى نحو نهضة الطاقة، وهي، بحسب كلامه، سياسة تنمية وطنية تهدف إلى استغلال 30 مليار دولار سنويًا من تكاليف الفرصة الضائعة في قطاع الطاقة والعمل في نهاية المطاف كقوة لتحقيق أكبر الاستقرار والازدهار الاقتصادي، مشيرا إلى ضرورة  موازنة ما كان آنذاك وضعا غير عادل وصحي من المنافسة بين الشركات متعددة الجنسيات التي أعاقت التقدم وأخرت الإنجازات.

ولفت إلى أن قطاع الطاقة في العراق  يعاني كما كبيرا من المشاكل، لعل أبرزها البيروقراطية المعقدة في البلاد التقدم من خلال التركيز على الحلول التقنية غير الفعالة وقصيرة الأجل، بدلاً من الإصلاحات الهيكلية طويلة المدى. 

ونوه كذلك إلى وجود عجز مزمن عن إدارة المواد الخام للوقود جنبًا إلى جنب مع محافظ الطاقة الأخرى وسلسلة قيمة الأعمال الأوسع، موضحا أن "هذا القطاع عرضة للأجندات المتضاربة لمجموعة واسعة من الفاعلين السياسيين في البلاد، الأمر الذي يقوض الرؤية الوطنية الموحدة لإدارته ويرسخ سوء الإدارة، ويغرق العراق في الفساد".

وفي معرض رؤيته لحل أزمة الطاقة الكهربائية، كشف أنه سعى إلى وضع خارطة طريق لتحقيق توازن بين متطلبات الطاقة الفورية للعراق وبين والأهداف الطموحة لاستقلال الطاقة والتي سيتم الوصول إليها بحلول عام 2030. 

وأشار إلى أن خطته كان تسعى إلى التخلص من الاعتماد على إيران كمورد أساسي للكهرباء، والاستفادة من العلاقات الإقليمية للبلاد لخلق ترابط أوسع بين العراق ومصادر الكهرباء الأخرى في الشرق الأوسط مع تحويل العراق إلى مركز للطاقة وسوق خدمات نابضة بالحياة في المنطقة.

وشدد الوزير السابق على أن استقرار العراق جزء لا يتجزأ من الأمن العالمي، "وبالتالي يجب على المجتمع الدولي دعم الجهود المبذولة في البلاد لتحقيق استقرار الطاقة من أجل تعزيز الأمن الإقليمي"

ولفت إلى أن الاستقرار في العراق سيدعم أمن الطاقة بالعالم  وبالتالي الاقتصاد العالمي، مردفا: لا ينبغي أن يكون تحقيق أمن الطاقة على المدى الطويل في العراق من أولويات بلادي فقط، بل ينغبي أن يكون جزءًا من جهد أوسع من قبل المجتمع الدولي لتأمين السلام والاستقرار في البلاد وخارجها".

وختم الوزير السابق مقاله بالقول: " مع استمرار العالم في كفاحه مع التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا والتغيرات المناخية ، فإن مساعدة العراق في قضايا الطاقة الكهربائية قد تكون الخطوة الأولى في جهد أوسع لإعداد العالم لمستقبل جديد".
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.