العراق

عقوبات أميركية على سفير إيران ببغداد وقياديَّين بحزب الله اللبناني

23 أكتوبر 2020

فرضت الولايات المتّحدة الخميس عقوبات على السفير الإيراني في بغداد إيراج مسجدي لمحاولته "زعزعة استقرار العراق" بصفته جنرالاً في الحرس الثوري الإيراني، كما فرضت عقوبات على اثنين من أعضاء المجلس المركزي لحزب الله اللبناني.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية فإنّ مسجدي كان "مستشاراً وثيقاً" للقائد السابق لفيلق القدس، قوّة النخبة المسؤولة عن العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتّحدة بضربة جوية قرب مطار بغداد في كانون الثاني/ يناير الفائت.

وتأتي العقوبات على السفير الإيراني في العراق في الوقت الذي شدّدت فيه واشنطن لهجتها ضدّ الهجمات الصاروخية التي استهدفت بصورة متزايدة في الأشهر الأخيرة سفارتها في بغداد ومصالح أخرى لها في العراق، والتي يتّهم الأميركيون فصائل عراقية موالية لإيران بالوقوف خلفها.

وقالت وزارة الخزانة في بيان إنّ "مسجدي أشرف على برنامج لتدريب الميليشيات العراقية ودعمها، وقاد أو دعم جماعات مسؤولة عن هجمات قتلت وجرحت عناصر من القوات الأميركية وقوات التحالف في العراق".

وأضافت أنّ مسجدي استخدم منصبه كسفير "لإخفاء تحويلات مالية لصالح فيلق القدس".

ونقل البيان عن وزير الخزانة ستيفن منوتشين قوله إنّ "النظام الإيراني يهدّد أمن العراق وسيادته بتعيين مسؤولين من فيلق القدس في الحرس الثوري سفراء في المنطقة لإدارة سياسته الخارجية المزعزعة للاستقرار".

كما فرضت وزارة الخزانة الخميس عقوبات على اثنين من كبار مسؤولي حزب الله الشيعي اللبناني، هما عضوا المجلس المركزي للحزب الشيخان نبيل قاووق وحسن بغدادي.

وقالت الوزارة في بيانها إنّ فرض هذه العقوبات يتزامن "مع اقتراب الذكرى السابعة والثلاثين لهجوم حزب الله" على مشاة البحرية الأميركية في بيروت في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1983.

وقتل في ذلك اليوم 241 عنصراً من المارينز في تفجير ضخم دمّر مقرّهم في العاصمة اللبنانية.
وفي نفس اليوم قتل 58 مظلياً فرنسياً في تفجير مماثل استهدف مبناهم في بيروت.

 

بالمقابل، ندّد السفير الايراني في العراق إيراج مسجدي بالحظر الأميركي الجديد وقال في تصريح صحفي نشرته وكالة فارس الإيرانية الرسمية إن وضع أسمه في قائمة الحظر "يفرض ضغوطا لاإنسانية على الشعب".
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.