العراق

لاقى اعتراضاً من محتجّين.. إعلان التظاهر عند أبواب المنطقة الخضراء

رحمة حجة
24 أكتوبر 2020

في دعوى غير مسبوقة منذ انطلاق ثورة أكتوبر العراقية عام 2019، دعت "اللجنة المركزية لتظاهرات تشرين" عبر بيان مصوّر لها، المتظاهرين الذين يستعدون للموجة الثانية والأكبر -حسب التوقعات- بالتجمهر على أبواب المنطقة الخضراء.

وأكدت اللجنة على مطالب المتظاهرين الذين سيخرجون، الأحد، في ذكرى انطلاق الموجة الثانية من الاحتجاجات العام الماضي، التي تم تأجيلها لتزامن الفترة الماضية مع "أربعين الحسين" عند الشيعة.

والمطالب هي "محاكمة قتلة المتظاهرين، وحل البرلمان وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تقوم بالإعداد لكتابة دستور جديد، والتهيئة لإجراء انتخابات حرة نزيهة بإشراف دولي".

وطلبت اللجنة من المشاركين، الأحد، التجمع في الساعة التاسعة صباحاً عند منطقة "العلّاوي" ثم الانطلاق للتجمهر أمام بوابات المنطقة الخضراء (الحيّ الدولي)، في العاصمة بغداد، التي تُعد أكثر المواقع العسكرية تحصيناً في العراق، فيها مبنى الحكومة ومقر السفارة الأميركية.

كما شددت اللجنة على مجموعة من التوصيات للمتظاهرين، أبرزها "عدم الانجرار خلف الأعمال التخريبية التي تفتعلها أحزاب السلطة المجرمة" على حد تعبير ممثلها قارئ البيان.

وأضاف "نحمّل القوات الأمنية حماية المتظاهرين".

ومن التوصيات الأخرى، التي نشرها عضو اللجنة المركزية أحمد شليبه الوشاح على صفخته في فيسبوك "الالتزام و التعاون مع اللجان المنظمة، والتعاون مع القوات الأمنية في الحفاظ على الأجواء العامة و إبعاد المندسين، والتركيز على الهتافات الوطنية الهادفه التي تمثل ثورة تشرين و دماء أبنائها".

كما أوصت اللجنة "عدم حمل الآلات الجارحة أو وضع اللثام على الوجه" مضيفة "صدورنا العارية هي التي هزت عروش الطغاة" وفق ما نشر الوشاح.

توصيات اللجنة التنظيمية بخصوص 25 تشرين: أيها الثوار الأحرار أهالي بغداد و محافظاتنا الكرام إن وحدة صفنا و كلمتنا دليل...

Posted by ‎احمد شليبه الوشاح‎ on Friday, October 23, 2020

 

وهذه الدعوات ليست مقبولة بالنسبة لجميع المشاركين في التظاهرات، أو العراقيين الذين يراقبون الأحداث عن بُعد، لأنها تحمل معها "المخاطرة" والكثير من "القلق والتخوفات" لحصول مواجهات "دامية" بين قوات الأمن والمتظاهرين.

والقوات الحكومية لم تكن بريئة من عمليات القتل والقمع بحق المتظاهرين منذ انطلاق الثورة عام 2019، ففي 22 أكتوبر أصدرت لجنة التحقيق العراقية في قتل المتظاهرين، تقريراً يؤكد تورّط القناصة في الاستهداف المباشر للمتظاهرين السلميين.

ولخصت النتائج لأول أسبوع من التظاهرات ذلك العام، الذي انتهى بهدوء نسبي في ساحات الاحتجاج وحظر تجوّل من الدولة، بالآتي "عدد القتلى 157، 149 مدنياً و8 من قوات الأمن، وحدث استخدام مفرط للقوة ودلائل على وجود قنّاصة في بغداد، و70% من الإصابات في الصدر والرأس، ما يؤكد نية الاستهداف المباشر".

وعلى أثرها تمت إقالة كل من قائد عمليات بغداد وقائد شرطة بغداد، وقائد عمليات الرافدين وقائد شرطة ذي قار، وتحويل آخرين للتحقيق. 

وتلا ذلك في الشهور اللاحقة لانطلاق الموجة الثانية في 25 أكتوبر تحقيق آخر وإقالات أخرى، لكن أياً من المسؤولين عن إدارة القمع والقتل، لم يحاسب.

وفي لقاء أجراه "ارفع صوتك" مع شقيق الكاتب والناشط المدني البارز  في محافظة ميسان، أمجد الدهامات، أكد أن العائلة لم تحصل على أي نتيجة مجدية من التحقيق في مقتل أمجد، الذي اغتيل على باب بيته.

 

اتحاد طلبة بغداد 

الطلبة كانوا دوما ولا يزالون عنصراً فاعلاً في التظاهرات وتقديم الدعم للمتظاهرين، وشكلّ حضورهم علامة فارقة في الاحتجاج وأساليب الحشد والتنظيم.

وفي بيان الاتحاد رقم "26"، الصادر الجُمعة، تحت عنوان "مسيرة الشرارة الثانية"، المقصود بها مسيرة الأحد، أكد الاتحاد أن مطالبهم تتمثل في "محاسبة رؤوس الفساد ومصادرة أموالهم ومحاسبة قتلة المتظاهرين، وتشريع قانون انتخابات نزيه وعادل يضمن حق الناخب".

أما عن مكان التظاهر، أورد البيان أن التجمع سيكون الساعة العاشرة صباحاً أمام وزارة التعليم العالي، وستنطلق بعدها صوب ساحة التحرير.

وأضيفت لمطالبهن هذه المرة "عودة الطلبة لمقاعد الدوام في قاعات الدراسة، بسبب فشل التعليم الإلكتروني" حسب تعبير البيان.

( بيان ٢٦ - مسيرة الشرارة الثانية ) - اتحاد طلبة بغداد

Posted by ‎اتحاد طلبة بغداد‎ on Friday, October 23, 2020

 

كما صدرت العديد من البيانات والتوصيات للمتظاهرين في مختلف الساحات وسط العاصمة بغداد ومحافظات أخرى.

وجاء في بيان ساحة التظاهر في محافظة بابل (ساحة اعتصام بابل)، الجمعة، التوصية بعدم دخول العجلات التي تحمل مكبرات الصوت إلى الساحة، ومنع أي شخص أو جهة من جمع تبرعات مالية باسم الثورة.

كما لن يُسمح بنصب منصة جديدة، حيث تم الاتفاق على وجود منصة واحدة (منصة الشهداء) التي تمثل جميع الأقطاب في الساحة دون احتكارها لأحد بعينه، وفق البيان.

بيان ساحه بابل يبين لجميع مدى الثقافه والوعي🇮🇶❤️

Posted by Tholfker Osama on Friday, October 23, 2020
رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.