العراق

العثور على رفات 73 امرأة و11 طفلاً في مقبرة جماعية شمال العراق

دلشاد حسين
26 أكتوبر 2020

ينتظر العراقي الأيزيدي داود سالم، من قضاء سنجار شمال البلاد،  استلام رفات نساء من عائلته في مقبرة جماعية شرق القضاء لنساء أعدمهن مسلحو تنظيم داعش عام 2014.

واستأنف الفريق الخاص بفتح المقابر الجماعية، السبت الماضي، عملياته بفتح "مقبرة الأمهات"، التي تضم رفات نساء أيزيديات غالبيتهن من سكان قرية كوجو جنوب سنجار.

ويتكون الفريق الخاص بفتح المقابر الجماعية في سنجار من: الفريق الوطني لفتح المقابر الجماعية التابع للحكومة العراقية وفريق من إقليم كردستان، وفريق التحقيق الدولي للمساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل داعش، واللجنة الدولية لشؤون المفقودين.

 

"مأساوياً"

أمضى داود سالم الشهور الماضية مترقبا عودة الفريق الخاص لفتح "مقبرة الأمهات" في منطقة صولاغ شرق سنجار، لمعرفة مصير عدد من نساء عائلته المسنات اللاتي اختطفن من قبل مسلّحي داعش مع فتيات أخريات من قرية كوجو عام 2014، بعد إعدام التنظيم لرجال القرية.

يقول سالم لموقع "ارفع صوتك": "تضم المقبرة رفات خالاتي وزوجات أعمامي، إضافة إلى وجود عدد كبير من رفات قريبات لي في هذه المقبرة".

وأضاف حزيناً "كان مشهد إخراج الرفات من المقبرة مأساوياً، لكن العثور على رفاتهم يريح نفسيتنا نحن الأهالي، لأنه بمثابة عودة الأحياء لنا".

ولا يخفي سالم خشيته من توقف عمليات فتح المقابر الجماعية مجددا بسبب انتشار فيروس كورونا والأوضاع التي تمر بها المنطقة بشكل عام، لكنه طالب الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان والمجتمع الدولي بالاستمرار بفتح المقابر الجماعية في سنجار، والعمل على تحرير ما تبقى من الأيزيديين من قبضة داعش.

وكانت استعدادات استئناف عمليات فتح المقابر الجماعية في قضاء سنجار، بدأت في ٢٢ أكتوبر، بعد توقفها نحو سبعة شهور، بسبب إجراءات حظر التجول والإقفال العام نتيجة أزمة جائحة كوفيد-19.

 

73 امرأة و11 طفلاً

أكد مدير فرع المنظمة الأيزيدية للتوثيق في سنجار، خيري علي إبرهيم، أن "مقبرة الأمهات" تضم رفات ٧٣ امرأة أيزيدية مسنّة، إضافة إلى رفات ١١ طفلا أعدموا جميعا على يد مسلحي تنظيم داعش عام 2014.

ويقول إبراهيم لـ"ارفع صوتك" إن عدد المقابر الجماعية المكتشفة حتى الآن في سنجار 84، فُتح منها 17 فقط، و16 مقبرة منها تقع في قرية كوجو، وواحدة في قرية السباحية.

يضيف "تجري حالياً عملية فتح مقبرة أخرى في قرية كوجو إضافة إلى هذه (الأمهات)".

ويشير  إبراهيم إلى أن عدد الرفات التي انتشلت من المقابر المفتوحة منذ مارس 2019 حتى الآن بلغ 300 رفات، لافتا الى أن غالبيتها كانت لرجال من سكان كوجو، بجانب نساء وأطفال.

"بعد إخراج الرفات من المقبرة تنقل إلى دائرة الطب العدلي في بغداد لإجراءات الفحوصات المطلوبة، منها فحص الحمض النووي (DNA) لمعرفة هويات الضحايا ومطابقتها مع ذويهم، ثم تسلم لذويهم لدفنها في المقبرة الخاصة التي أنشئت لضحايا الإبادة الجماعية في قرية كوجو، التي تحوي أكثر من 500 قبر جاهز".

ووفق أرقام المكتب الخاص بإنقاذ الأيزيديين التابع لإقليم كردستان، قتل تنظيم داعش 1293 أيزيدياً واختطف 6417 آخرين، عند اجتياحه لقضاء سنجار في أغسطس 2014.

 وبلغ عدد الناجيات والناجين الأيزيديين الذي حُرروا من قبضة التنظيم حتى الآن 3537 ناجية وناج، بينما لا يزال أكثر من 2880 أيزيدياً/ة مجهولي المصير. 

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.