العراق

تراجع في العراق وتمدّد في أفريقيا.. داعش بعد عام من مقتل البغدادي

26 أكتوبر 2020

يوم الجمعة 4 يوليو 2014، اعتلى رجل يرتدي عمامة سوداء منبر مسجد النوري في مدينة الموصل، بعد سيطرة أنصاره عليها، وأعلن نفسه "أميرا للمؤمنين". 

كان هذا هو الظهور الأول  لإبراهيم عواد، الشهير بأبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الإرهابي، الذي أطلق عليه "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا". 

وفي 27 أكتوبر 2019، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب،  عن مقتل زعيم تنظيم، في غارة تشبه "فيلما سينمائيا" نفذتها القوات الخاصة الأميركية في شمال غرب سوريا. 

كان مقتل البغدادي إنجازا مهما في الحرب ضد تنظيم أذاق العالم الأهوال، ففي سنوات عنفوانه، استطاع داعش أن يبسط السيطرة على مساحات شاسعة من العراق وسوريا تفوق 100 ألف كيلو متر مربع، وتحكم في مصائر 7 مليون نسمة.

يمر اليوم عام على مقتل البغدادي، فكيف أصبح التنظيم؟ 

 

انتهاء حلم الخلافة

 لايزال التنظيم الإرهابي يشكل أحد أكبر الأخطار العالمية، وخاصة بعد انشغال الكثير من دول العالم بمشاكلها الداخلية الناجمة عن مكافحة جائحة كورونا.

ويرى كاظم الوائلي، مستشار التحالف الدولي لمحاربة داعش، أن التنظيم تشظى بعد مقتل البغدادي، مشيراً إلى أن هذه التنظيمات الجهادية تعتمد في تماسكها على شخصية المؤسس وعند مقتله، لا ينتهي التنظيم ولكن يقل ترابطه، مثلما حدث مع تنظيم القاعدة بعد مقتل زعيمه أسامه بن لادن.

وقال الوائلي في تصريحات لموقع الحرة: "تنظيم داعش بعد خسارته للأرض التي سيطر عليها في العراق وسوريا وخسارته للخلافة المزعومة، كان أمله وقوته في اعتماده على شخصية القائد وهو أبو بكر البغدادي"، مؤكدا أنه بعد مقتل البغدادي انتهت أسطورة تنظيم داعش بسبب ارتباط التنظيم بمؤسسه.

وأشار إلى أن التنظيم قد ينفذ عمليات جهادية وانتحارية في أماكن مختلفة، لكن لن يستطيع السيطرة على مساحات شاسعة مثل في، مؤكدا أن "حلم الخلافة انتهى".

 

انهزم ولكن لم يمت

يقول الكاتب الأردني حسن أبو هنية، المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن التنظيم نجح في تفادي أزمة مقتل البغدادي، واستطاع الانتقال لقيادة جديدة، مشيرا إلى أنه لم يتم إلحاق هزيمة كاملة بالتنظيم.

وأضاف أبو هنية في تصريحات لموقع "الحرة"، أن التنظيم تخطى مرحلة السيطرة على الأرض وفكرة الخلافة، وعاد مرة أخرى إلى حالة المنظمة تعمل بشكل لامركزي، تلائم حرب العصابات، وقال: "خلال الفترة الماضية شاهدنا تنامي نسق العمليات في عمليات التنظيم في العراق وسوريا في جنوب شرق آسيا"، وتابع "نرى عودة لتنظيم بغض النظر عن شكل هذه العودة لكن هناك تصاعد في العمليات".

بينما يرى روبرت ريتشر، نائب مدير العمليات في وكالة المخابرات المركزية خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، أن "داعش لم ينته"، حسبما نقلت عنه صحيفة واشنطن بوست.

وأضاف: " لقد دمرنا دولة خلافة داعش، لكنها ظهرت الآن في أماكن عديدة، في غضون ذلك، لم يعد التحالف العالمي لمحاربة تنظيم الدولة موجودًا بالفعل".

وبحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، فقد تنامت الهجمات الإرهابية للتنظيم منذ بداية عام 2020، وبلغت نحو 566 في الربع الأول من عام 2020 وحده، كما يحاول التنظيم انتهاز الفرص الناجمة عن القتال بين المعارضة وقوات النظام ومكافحة فيروس كورونا، لشن هجمات انتقامية ضد القيادات المحلية، ومهاجمة خطوط إمداد النفط والغاز، والهجوم على المواكب، واختطاف الرهائن للحصول على فدية.

وقد مكّن التكتيك الأخير قيام التنظيم بالمطالبة بتبادل الأسرى وجمع المعلومات الاستخبارية عبر استجواب الرهائن.

لإكمال القراءة اضغط على العنوان التالي:

داعش بعد عام من مقتل البغدادي

 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.