العراق

التحالف الدولي: منذ سنة وتنظيم داعش بلا زعيم

27 أكتوبر 2020

"كل العائلات في الرقة أو دير الزور أو شمال العراق – تحتفل"، هكذا كانت ردّة فعل رجل سوري فيما كان ينتشر خبر وفاة أبو بكر البغدادي، زعيم داعش السابق، الذي توفي خلال غارة لطائرات التحالف، يتحدث عنها موقع "التحالف الدولي"، لمحاربة تنظيم داعش.

يقول الموقع في تقرير صدر عنه الثلاثاء "إثر فترة فاصلة، أعلن داعش عن تعيين زعيم جديد، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، وهو الرجل الذي نعرف الآن أن اسمه الحقيقي هو محمد عبد الرحمن المولى الصلبي. لا يزال القليل نسبياً معروفاً عن المولى، والذي لا يتجاوز تفاصيل سيرته الذاتية".

ويضيف التقرير "تأتي المعلومات الأكثر جوهرية والتي دخلت المجال العام من أوراق رفعت عنها السرية والتي تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والتي تكشف عن تفاصيل ملفتة للنظر عن المعلومات المتعلقة بزملائه الإرهابيين الذين تطوع معهم، أثناء فترة احتجازه من قبل الولايات المتحدة في عام 2008".

وكان من بين الذين خانهم المولى على ما يبدو من قبل، كبار قادة الجهاديين الذين قُتلوا في وقت لاحق في ضربات محددة الأهداف، بحسب تقرير الموقع.

ويوضح أن "الكشف العلني عن تخلي المولى عن أسماء كثيرة طواعيةً قد يثير المشاكل أيضاً لشرعية المولى".

وينقل التقرير التحالف عن قناة العربية ما ورد فيها الشهر الماضي، عن خبير أشار إلى أن العلاقة المباشرة بين معلومات استخبارية أدلى بها المولى طواعيةً ووفاة مسؤولين كبار في داعش هو "احتمال واضح بالنظر إلى موقعه في التنظيم بأن لديه بالتأكيد معلومات قيمة".

ويتابع التقرير "بينما ترخي علامات الاستفهام التاريخية حول موثوقية المولى بظلالها على قيادته بشكل متزايد، سوف يكون لاستمراره في الاستخفاء، ذات الأثر".

وعقب تولي المولى هذا المنصب، قامت مجموعة دعائية موالية لداعش سابقاً بتوبيخ أولئك الذين يقدمون ولاءهم لزعيم التنظيم الجديد على أسس دينيّة مفادها أنه لا تجوز "طاعة كيان غير موجود أو مجهول"، ومنذ ذلك الحين، لم يظهر المولى بعد في أي دعاية تسجيلية مصوّرة أو صوتية.

وينقل التقرير إن "عدم تقديمه كلمة واحدة لتوجيه أو استعادة الروح المعنوية لأتباعه أمر فيه إشكالية" بحسب ما أشار الأكاديمي شيراز ماهر.

ويوضح الأخير أن "جزءاً من الأساطير المحيطة بمفهوم الخليفة هو أنه معروف في العلن وليس مخفياً بعيداً في احتجابٍ ما".

وقد يكون غياب القيادة المرئية هذا بمثابة تآكل للروح المعنوية داخل حركة، والتي، باعتراف المتحدث باسمها أبو حمزة المهاجر في خطاب ألقاه مؤخراً، شهدت نكسات عبر خليط المنتسبين إليها مقدمةً لفلولها في العراق العزاء الوحيد أنّ "عليهم أن يعلموا أن المحن تزداد بالإيمان".

ويرى التقرير أن ظهور أبو بكر البغدادي وإن كان نادراً، لكنه كان ذو قيمة رمزية هائلة.
ويضيف "أعاد أنصار داعش تكرير صورٍ من خطابه الشائن في مسجد النوري في الموصل إلى ما لا نهاية، وظهوره الأخير بزي القتال واللحية المصبوغة بالحنّاء".

واليوم، لا يملك أنصار داعش مثل هذه الصور حتى تلهمهم.

وقد تكون الحملة الأخيرة على تطبيق تليغرام للرسائل المشفرة لتشجيع أنصار داعش على تجديد البيعة (الولاء) مؤشراً على توترٍ شديد.

ويؤكد تقرير التحالف أنه (المولى) مع اقترابه من الذكرى السنوية الأولى لترشيحه للقيادة، قد تتزايد الأسئلة حول طول الفترة التي يمكن أن يطالب فيها شخصٌ مجهول (غير معروف) بمصداقية الولاء لحركة مجزأة ومفتتة بشكلٍ متزايد.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.