" يفضّلون الرجال".. ما أسباب تراجع حضور المرأة في سوق العمل العراقي؟
تشعر آمال جاسم (41 عاماً)، التي تعمل في صالون صالون للشعر والتجميل، بأنه يجب عليها ألاّ تطالب بتعويض مقابل البقاء لساعات إضافية، لتستمر في عملها.
تقول لـ "ارفع صوتك"، إن "وجودها كعاملة في بلد تهيمن عليه الأزمات وقلة فرص العمل والتكاليف المعيشية الباهظة، أجبرها على أن تتمسك بهذا العمل رغم قلة مدخولاته".
ورغم أن آمال خريجة كلية التربية وتمارس التدريس الخصوصي لتلاميذ مرحلة الابتدائية في منزلها، فقد تغير الأمر تماما بعد تفشي فيروس كورونا، إذ اضطرت إلى ترك التدريس والبحث عن عمل آخر.
وتضيف أن "توقف التدريس الخصوصي بعد إغلاق جميع المدارس بسبب التغيرات التي أحدثها كوفيد-19، دفعني للبحث عن عمل آخر، لكنها لم تجد بديلا سوى العمل في الصالون".
"في وقت يعاني الرجال من البطالة، أو إيجاد فرص عمل تناسبهم، هل ستجد المرأة ما يناسبها؟" تتساءل آمال، في إشارة إلى أن حظوظ المرأة في الحصول على فرصة عمل أقل من الرجل في العراق.
إيجاد البديل
في نفس السياق، تقول ابتسام خلف (28 عاماً)، التي فقدت عملها في محل بيع ملابس، إنها عبثاً تحاول الحصول على عمل آخر منذ شهور.
فكرة "إيجاد البديل" لم تعد واردة في حسابات ابتسام بعد شهور الإغلاق، تقول لـ"ارفع صوتك": "يئست. وتوقفت عن البحث، خصوصاً أن أخي ساجد أيضاً لم يحصل على عمل".
وتوضح أن أخاها في الأساس كان رافضاً لعملها، إذ طالما أظهر "تذمرّه" من عملها السابق، فيما الآن تشعر بتواطئ جائحة كورونا مع رفض أخيها الذي يرى أن العمل "للرجال فقط".
"الاقتصاد الرقمي"
ومؤخراً، أكدت مجموعة البنك الدولي أن مستوى مشاركة المرأة في القوى العاملة في بلدان المشرق لا يزال من أدنى المستويات في العالم، ومن المحتمل أن يتراجع أكثر مع استمرار شبح كورونا.
وقال البنك الدولي في تقرير، إن "معالجة الأعراف الاجتماعية السائدة، والقيود القانونية، وأوجه قصور السوق يمكن أن تعزز نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في العراق والأردن ولبنان، وأن تساعد على نمو اقتصادات هذه البلدان".
ودعا إلى اتخاذ إجراءات في عدة مجالات لمعالجة الأمر، مثل تعزيز النمو الاقتصادي، ورسم سياسات فعّالة لسدّ الثّغرات القانونيّة، وتشجيع سلوكيّات أكثر مساواة، وإمكانية الوصول إلى رعاية جيّدة للأطفال، وتوفير وسائل نقل آمنة.
وأشار، التقرير إلى الفرص المتاحة في الاقتصاد الرقمي، غير أنّه في حال عدم اتخاذ إجراءات لسدّ الفجوة الرقميّة بين الجنسين، يمكن أن تتحوّل هذه الفرص إلى عائق إضافي.
وبين، أنه "في العراق والأردن، تشارك المرأة بنسبة تقل عن 15%، بينما في لبنان تبلغ هذه النسبة 26%"، وأن نسب مشاركة المرأة في الدول الثلاثة بواقع يتراوح بين 25 و35 نقطة مئوية عن المتوسط العالمي، بناء على الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد فيها.
وألمح التقرير، إلى أن المشاركة في سوق العمل تعد منخفضة بصفة خاصة بين النساء الأقل تعليماً، وأن نسبة متدنية من النساء غير الحاصلات على التعليم العالي يشاركن في سوق العمل مقابل ثلثي حملة الشهادات العليا من النساء في كل من العراق ولبنان، ونصفهن في الأردن.
تمكين المرأة
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي جاسم خالد أن جائحة كوفيد-19 "كشفت أن عمل المرأة لا يعني تمكينها اقتصادياً".
ويضيف "لأن غالبية النساء اللواتي فقدن أعمالهن خلال فترة الإغلاق لم يتمكن من إيجاد البديل".
ويقول خالد لـ "ارفع صوتك" إن "تمكين المرأة يرتبط عادة بزيادة فرص العمل في مهن لا تدفع النساء للتخلي عنها وتوفر مدخولات مالية كافية"، مشيراً إلى تراجع عدد النساء في سوق العمل سببه "سوء الإدارة الاقتصادية في البلاد، حيث الفساد، وكذلك تفضيل الرجال في التوظيف الحكومي، وإهمال القطاع الخاص".
وكانت خطة التنمية الوطنية (2018-2022) التابعة لوزارة التخطيط العراقية أظهرت أن ضعف التمكين الاقتصادي للمرأة الناجم بسبب انخفاض نسبة المشاركة في سوق العمل بسبب الثقافة المجتمعية القائمة على التمييز المبني على أساس النوع الاجتماعي، وكذلك في تدني نسبة مشاركة النساء في القطاع الخاص بسبب هيمنة التقاليد والعادات الاجتماعية وضعف تفعيل قانون العمل، فضلاً عن محدودية القروض الممنوحة للنساء، وضعف البناء المعرفي والمهاري للمرأة وارتفاع نسب تسرب الفتيات في المدارس، وصعوبة الوصول إلى المدارس وتباعد المسافات في الأرياف.
وأكد الجهاز المركزي للإحصاء في الوزارة، أن "معدل النشاط الاقتصادي للنساء بلغ 14.5%، مبينا أن نسب البطالة لديهن بلغ 22.2%".
وقال الجهاز في Yحصائية له، إن "معدل النشاط الاقتصادي بعمر 15 سنة فأكثر بلغ 43.2%"، مبينا أن "مشاركة النساء في هذا النشاط ضئيلة حيث بلغ 14.5% مقارنة بالنسبة لمشاركة الرجال التي بلغت 72.01%".
وأضاف أن "معدل البطالة للأفراد بعمر 15 سنة فأكثر 10.8% وتزداد نسب البطالة لدى النساء بمقدار 22.2% مقارنة بنسب البطالة لدى الرجال 8.55%".