العراق

" يفضّلون الرجال".. ما أسباب تراجع حضور المرأة في سوق العمل العراقي؟

27 أكتوبر 2020

تشعر آمال جاسم (41 عاماً)، التي تعمل في صالون صالون للشعر والتجميل، بأنه يجب عليها ألاّ تطالب بتعويض مقابل البقاء لساعات إضافية، لتستمر في عملها.

تقول لـ "ارفع صوتك"، إن "وجودها كعاملة في بلد تهيمن عليه الأزمات وقلة فرص العمل والتكاليف المعيشية الباهظة، أجبرها على أن تتمسك بهذا العمل رغم قلة مدخولاته".

ورغم أن آمال خريجة كلية التربية وتمارس التدريس الخصوصي لتلاميذ مرحلة الابتدائية في منزلها، فقد تغير الأمر تماما بعد تفشي فيروس كورونا، إذ اضطرت إلى ترك التدريس والبحث عن عمل آخر.

وتضيف أن "توقف التدريس الخصوصي بعد إغلاق جميع المدارس بسبب التغيرات التي أحدثها كوفيد-19، دفعني للبحث عن عمل آخر، لكنها لم تجد بديلا سوى العمل في الصالون".

"في وقت يعاني الرجال من البطالة، أو إيجاد فرص عمل تناسبهم، هل ستجد المرأة ما يناسبها؟" تتساءل آمال، في إشارة إلى أن حظوظ المرأة في الحصول على فرصة عمل أقل من الرجل في العراق.

 

إيجاد البديل

في نفس السياق، تقول ابتسام خلف (28 عاماً)، التي فقدت عملها في محل بيع ملابس، إنها عبثاً تحاول الحصول على عمل آخر منذ شهور.

فكرة "إيجاد البديل" لم تعد واردة في حسابات ابتسام بعد شهور الإغلاق، تقول لـ"ارفع صوتك": "يئست. وتوقفت عن البحث، خصوصاً أن أخي ساجد أيضاً لم يحصل على عمل".

وتوضح أن أخاها في الأساس كان رافضاً لعملها، إذ طالما أظهر "تذمرّه" من عملها السابق، فيما الآن تشعر بتواطئ جائحة كورونا مع رفض أخيها الذي يرى أن العمل "للرجال فقط".

 

"الاقتصاد الرقمي"

ومؤخراً، أكدت مجموعة البنك الدولي أن مستوى مشاركة المرأة في القوى العاملة في بلدان المشرق لا يزال من أدنى المستويات في العالم، ومن المحتمل أن يتراجع أكثر مع استمرار شبح كورونا.

وقال البنك الدولي في تقرير، إن "معالجة الأعراف الاجتماعية السائدة، والقيود القانونية، وأوجه قصور السوق يمكن أن تعزز نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في العراق والأردن ولبنان، وأن تساعد على نمو اقتصادات هذه البلدان".

ودعا إلى اتخاذ إجراءات في عدة مجالات لمعالجة الأمر، مثل تعزيز النمو الاقتصادي، ورسم سياسات فعّالة لسدّ الثّغرات القانونيّة، وتشجيع سلوكيّات أكثر مساواة، وإمكانية الوصول إلى رعاية جيّدة للأطفال، وتوفير وسائل نقل آمنة.

وأشار، التقرير إلى الفرص المتاحة في الاقتصاد الرقمي، غير أنّه في حال عدم اتخاذ إجراءات لسدّ الفجوة الرقميّة بين الجنسين، يمكن أن تتحوّل هذه الفرص إلى عائق إضافي.

وبين، أنه "في العراق والأردن، تشارك المرأة بنسبة تقل عن 15%، بينما في لبنان تبلغ هذه النسبة 26%"، وأن نسب مشاركة المرأة في الدول الثلاثة بواقع يتراوح بين 25 و35 نقطة مئوية عن المتوسط العالمي، بناء على الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد فيها.

وألمح التقرير، إلى أن المشاركة في سوق العمل تعد منخفضة بصفة خاصة بين النساء الأقل تعليماً، وأن نسبة متدنية من النساء غير الحاصلات على التعليم العالي يشاركن في سوق العمل مقابل ثلثي حملة الشهادات العليا من النساء في كل من العراق ولبنان، ونصفهن في الأردن.

 

تمكين المرأة 

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي جاسم خالد أن جائحة كوفيد-19 "كشفت أن عمل المرأة لا يعني تمكينها اقتصادياً".

ويضيف "لأن غالبية النساء اللواتي فقدن أعمالهن خلال فترة الإغلاق لم يتمكن من إيجاد البديل".

ويقول خالد لـ "ارفع صوتك" إن "تمكين المرأة يرتبط عادة بزيادة فرص العمل في مهن لا تدفع النساء للتخلي عنها وتوفر مدخولات مالية كافية"، مشيراً إلى تراجع عدد النساء في سوق العمل سببه "سوء الإدارة الاقتصادية في البلاد، حيث الفساد، وكذلك تفضيل الرجال في التوظيف الحكومي، وإهمال القطاع الخاص".

وكانت خطة التنمية الوطنية (2018-2022) التابعة لوزارة التخطيط العراقية أظهرت أن ضعف التمكين الاقتصادي للمرأة الناجم بسبب انخفاض نسبة المشاركة في سوق العمل بسبب الثقافة المجتمعية القائمة على التمييز المبني على أساس النوع الاجتماعي، وكذلك في تدني نسبة مشاركة النساء في القطاع الخاص بسبب هيمنة التقاليد والعادات الاجتماعية وضعف تفعيل قانون العمل، فضلاً عن محدودية القروض الممنوحة للنساء، وضعف البناء المعرفي والمهاري للمرأة وارتفاع نسب تسرب الفتيات في المدارس، وصعوبة الوصول إلى المدارس وتباعد المسافات في الأرياف.

وأكد الجهاز المركزي للإحصاء في الوزارة، أن "معدل النشاط الاقتصادي للنساء بلغ 14.5%، مبينا أن نسب البطالة لديهن بلغ 22.2%".

وقال الجهاز في Yحصائية له، إن "معدل النشاط الاقتصادي بعمر 15 سنة فأكثر بلغ  43.2%"، مبينا أن "مشاركة النساء في هذا النشاط ضئيلة حيث بلغ 14.5% مقارنة بالنسبة لمشاركة الرجال التي بلغت 72.01%".

وأضاف أن "معدل البطالة للأفراد بعمر 15 سنة فأكثر 10.8% وتزداد نسب البطالة لدى النساء بمقدار 22.2% مقارنة بنسب البطالة لدى الرجال 8.55%".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.