العراق

نقص الإمدادات يقلق النازحين العراقيين مع اقتراب الشتاء الرابع!

دلشاد حسين
28 أكتوبر 2020

استمرار النزوح وانخفاض المساعدات الدولية وعدم تزويدهم بالوقود من قبل الحكومة العراقية مع اقتراب فصل الشتاء، تمثل جملة من المشاكل التي تثير قلقل النازحين وإدارة المخيمات في إقليم كردستان العراق.

وكشف المركز المشترك للتنسيق بشأن الأزمات التابع لوزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، خلال تقريره الخاص عن الأوضاع الإنسانية في الإقليم الصادر قبل أسبوع، عن إحصائية بعدد النازحين واللاجئين في كردستان.

وبلغ عددهم النازحين  (٧٣٧٣٦٥) نازحاً متوزعين على محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، وتأتي محافظة أربيل في المرتبة الأولى حيث تحتضن النسبة الأكبر من النازحين تليها دهوك ثم السليمانية.

وأشار التقرير إلى أن كردستان تحتاج سنويا إلى ٩٣٣ مليون دولار لتوفير الخدمات الأساسية للنازحين واللاجئين فيها، ويبلغ عددهم (٩٩٦٨٦١).

يقول بكر إدريس، وهو نازح من قضاء سنجار غرب الموصل لـ "ارفع صوتك": "الشتاء على الأبواب ونحن لم نستلم حتى الآن حصتنا من الوقود التي توفرها الحكومة العراقية بكميات قليلة جداً سنوياً قبل الشتاء".

ورغم صعوبة العيش في المخيمات وانخفاض المساعدات الدولية بسبب انتشار فيروس كورونا، إلا أن إدريس ما زال يستبعد فكرة العودة إلى منطقته التابعة لسنجار.

يوضح "لا نستطيع العودة إلى مناطقنا بسبب سوء الأوضاع الأمنية والنقص الحاد في الخدمات وعدم الاستقرار فيها".

"ينبغي على الحكومة أن توفر الامن والخدمات لنا وتبدأ بإعمار مناطقنا كي نتمكن من العودة. بيتي مدمر بالكامل ولا أستطيع دفع إيجار المنزل، فأين أعيش؟ لذلك أفضل البقاء في المخيم حتى إعادة الحياة إلى مناطقنا" يتابع إدريس.

 

المخيمات وكورونا

لم تكن مخيمات النازحين بمنأى عن آثار أزمة كورونا التي اجتاحت البلاد بشكل عام، فالعديد من النازحين الذين كانوا يعملون خارج المخيمات القريبة من المدن في مهن متنوعة، فقدوا أعمالهم وانضموا لصفوف منتظري المساعدات الإنسانية.

بدوره، يقول مدير مخيم بحركة بدر الدين نجم الدين، لـ"ارفع صوتك": "نعمل باستمرار من أجل جلب المساعدات للنازحين، عن طريق المانحين من منظمات دولية وشركات وأشخاص خيّرين كي لا تتأثر حياة النازحين بتبعات الجائحة السلبية".

وبحسب إحصاءات إدارة المخيم يبلغ عدد العائلات فيه نحو ٩٥٠ عائلة، ويستقبل شهريا نحو ٢٠ عائلة من النازحين من مختلف المدن المحررة من "داعش"، لكن سكان قضاءي سنجار والبعاج يشكلون نسبة ٦٠٪ من عدد النازحين في مخيم بحركة.

ويضيف نجم الدين أن مشاكل سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية إضافة إلى تعدد الجهات التي تسيطر على هذه المناطق، تمثل جملة من العوائق التي تمنع النازحين من العودة إليها،.

"لعل المشكلة الأبرز التي تواجهها المخيمات في كردستان حاليا تتمثل في نقص الوقود" يقول نجم الدين، مردفاً "المخيمات بحاجة ماسة إلى الوقود، وهذا ما عانينا منه خلال السنوات الماضية لأن كميات الوقود التي كانت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية توفرها للمخيمات قليلة جداً لا تكفي احتياجات النازحين في الشتاء القارص".

ويتابع "كما تحتاج المخيمات إلى المستلزمات والمواد الشتوية الأخرى كالمدافئ والبطانيات والملابس، وجميع هذه المستلزمات الخاصة بالاستعداد لفصل شتاء هذا العام لم توفر حتى الآن من قبل بغداد".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.