العراق

إيران والانفصال محورها.. آمال عراقية متأرجحة بين ترامب وبايدن

رحمة حجة
06 نوفمبر 2020

مع الانتخابات الأميركية في 2020 لم يعد الاهتمام بالشأن الخارجي في سياق "الترف" أو "الثقافة النادرة"، حيث تحولّت غالبية الصفحات لمواطنين أو مقيمين في الدول العربية وخارجها من المغتربين، إلى منصّات أخبار على مواقع التواصل.

ويتم تناقل وتداول الأحداث المتعلقة بفرز الأصوات الانتخابية بأسماء الولايات والمدن وحظوظ مرشحّي الرئاسة، من أشهرهم إلى الأقل شعبية، وأيضاً الأعضاء الجدد في الكونغرس وخلفياتهم الدينية والعرقية و الجندريّة، إضافة إلى أبرز التصريحات والتحليلات للكتاب والسياسيين حول العالم، حتى الفيديوهات والميمز الساخرة.

صرت حافظ كل الولايات المتأرجحة وعدد ممثلينها بالمجمع الإنتخابي وقديش الفرق بالأصوات بكل ولاية بين بايدن وترمب، والسيناريوهات المحتملة وقاعد بفطر بنيڤادا وبتغدا ببنسلڤلانيا.. اي قناة مزنوقة بمحلل سياسي ترنلي..

Posted by Alaa Abu Diab on Thursday, November 5, 2020

هذا الانشغال اللافت حول العالم، وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديداً، لم يُغطّ فقط على أخبار جائحة كوفيد-19، إنما على كل ما هو محليّ أيضاً، حتى في واحدة من أقل دول الشرق الأوسط حظاً لعام 2020: العراق.

يجب السماح للعراقيين بالمشاركة في الانتخابات الامريكية لكي يختاروا رئيس امريكي يمكنه ان يختار لهم رئيس وزراء ويخطط لمستقبلهم! #شنهي_السالفة

 

تقول الصحافية العراقية سنار حسن، إن العراقيين ورغم الانشغال الكبير هذه السنة بأحداث جارية، كالتظاهرات والأزمة الاقتصادية وانقطاع الرواتب وغيرها، يتابعون الانتخابات باهتمام بالغ، وتركيزهم "من سيفوز: ترامب أم بايدن؟".

وتصف الأمر بـ"محاولة للتشبث بأي فرصة للنجاة من الأزمات التي تمر بالعراق". 

وهذا الاهتمام ليس محدوداً بفئة أو طبقة اجتماعية وفكرية في العراق، كما تقول حسن لـ"ارفع صوتك"، لافتة إلى أنه قد ينعكس إيجابياً على الفرد العراقي.

وترى أن "الاهتمام والمتابعة زادا من وعي الناس السياسي، بما يتعلق بالانتخابات وفكرة الديمقراطية بصورة عامة، فما وصلنا عنها منذ عام 2003 ولا يزال قائماً حتى الآن، صورة مشوهة. حينذاك ادّعت أميركا أنها جلبت الديمقراطية للبلاد، لكن العراقيين لم يروها أبداً".

والديمقراطية في العراق "حكومة منتخبة من أشخاص محددين تحت سيطرة النفوذ الإيراني. ولا يفوز الشخص الذي يصوّت له الناخب العراقي عادة، بسبب عمليات التلاعب والغش في النتائج الانتخابات، وتقديم شخص أصلا غير كفء للعملية السياسية"، حسب رأي حسن.

وتقول "بالتالي قد يستفيد الناخب العراقي من المرحلة المقبلة، خصوصاً أن الانتخابات ستكون مطلع العام المقبل".

 

ترامب VS إيران

من محافظة نينوى، شمال العراق، يقول حسين الطائي (27 عاماً) إن الانتخابات الأميركية "تؤثر على الشرق الأوسط، والعراق بصورة مباشرة، من خلال تأثيرها على صناع القرار".

ويضيف أن "وجود إدارة جمهورية في البيت الأبيض أكثر استقراراً للعراق من الإدارة الديمقراطية، خصوصاً بما يتعلق بنشاطات إيران".

ويوضح حسين لـ"ارفع صوتك": "فوز بايدن سينعكس بشكل سلبي على العراق، خصوصا أن للعراقيين ذكرى سيئة عن دوره في  مشروع تقسيم العراق الذي كان يصرّح به".

والأمر لا يتوقف عند هذه النقطة بالنسبة لحسين، إذ يقول إن الفضل يعود لإدارة ترامب في "إجبار السعودية على التخلي عن الإسلاميين ومحاربة الإخوان المسلمين، وتنظيم داعش الإرهابي الذي دمر الشعوب العربية، وتحرير مدينتي الموصل، وإفشال انفصال كردستان العراق".

تتفق رقيّة (19 عاماً) من محافظة بابل جنوباً، مع حسين في عدد من أسباب الميل لترامب.

تقول  لـ"ارفع صوتك": "أُفضل ترامب، لأنه منذ 2017 أغلقت المنابر التي كانت تفتي بقتلنا، وتقلّص نفوذ إيران، وهزمنا داعش، كما فقد عملاء إيران الكثير من شعبيتهم، ما أدى إلى ثوره تشرين".

أما على مستوى سياسته الخارجية مع دول أخرى حول العالم والداخلية في أميركا، تقول رقيّة "خارجياً ترامب لا يحترم الدول بتصريحاته وهذا غرور، عدا عن انسحابه من اتفاقيه باريس ورفع الدعم عن منظمه الصحة العالمية وغيرها من المنظمات شيء سيء، والأسوأ اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وداخلياً هو فعلياً رأسمالي كلاسيكي وهذا أمر أكرهه، والديمقراطيون أفضل في مجال الخدمات والرعاية".

إلا أن هذا الاختلاف لا يغيّر من رأي رقيّة شيئاً، لأنها تضع "مصلحة البلد أولاً" وفق تعبيرها.

علي الحسيني (20 عاماً) من البصرة جنوباً، يقول لـ"ارفع صوتك"، إن "ترامب يتمتع بالحزم ويتعامل مع الأمور بشكل أسرع وبالأخص مع إيران وميليشياتها في العراق، والصين وسياستها، أما بايدن فهو العكس تماماً، فإذا فاز سينعمس الأمر سلباً على العراق".

ويتوقع أن فوز ترامب بالرئاسة سيكون "فرصة جيدة للعراق والشعب لإعادة توجيه الأمور في البلاد، والتعامل بشكل جديّ ومسؤول".

في نفس السياق، يقول حيدر  (22 عاماً) من محافظة ذي قار جنوباً، إن فوز بايدن "سيزيد الطين بلة في العراق، لأنه يتناغم مع إيران لا بل يحبها، بالتالي ستزيد قوتها وميليشياتها في البلاد".

من جهتها، تعتقد فرح صبيح (22 عاماً) غرباً، أن الآراء السابقة تمثل غالبية الشعب العراقي الذي يتابع الانتخابات الأميركية اليوم.

وتقول لـ"ارفع صوتك": "لكني أرى العراق سيكون مهدداً بقرارات ترامب المفاجئة، ففي هذه السنة وحدها (2020) انتشرت المخاوف مرتين من فرض عقوبات والدخول في حصار علينا، والحديث عن غلق السفارة الأميركية في بغداد".

"لا أعرف الكثير عن بايدن لكن ما أعرفه أن ترامب شخص مقلق (كتبتها بالإنجليزية: Disturbing)؛ فتصريحاته تجعلني أقع دوماً في حالة من عدم التصديق خصوصاً أنه رئيس دولة تعتبر نفسها رقم واحد في العالم" تتابع فرح قولها.

 

"لا تغيير سياسي" مأمول!

الصحافية الشابة سنار حسن، تلفت أيضاً إلى أن العديد من الأكراد اليوم ينظرون بعين الأمل لترامب رئيساً قد يمثل "الخلاص" عبر تحقيق الانفصال عن باقي العراق وإعلان دولة مستقلة شمالاً. 

تقول حسن "يوجد عدد كبير من مواطني  كردستان يؤيد بايدن، لأنه باعتقادهم مؤيد للانفصال، حيث طُرحت القضية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، في حين كان بايدن مستشاراً عسكرياً".

ووجود هذه الآراء والتحليلات جميعها، ليس له أرض صلبة فعلياً، وفق ما ترى حسن. تقول لـ"ارفع صوتك": "العراق أو الشعب العراقي يتناسى فكرة أن أي سياسة أميركية لا تهتم للعراق بقدر اهتمامها بالسعودية وإيران، لأن هاتين الدولتين محور الأحداث في المنطقة".

"كما أن العديد من المليشيات الإيرانية في العراق تتهم المتظاهرين بالعمالة للسفارة الأميركية، والتهمة الأخيرة أنهم مؤيدون لترامب وترى في بايدن الشخص المناسب للتحالف معه في المنطقة، بينما في فترة ترامب، ملأ الدم الشوارع ووقع مئات القتلى وتواجد القناصون في كل مكان، ولم يصدر من أميركا أي دعوة جديّة لوقف قتل المتظاهرين سوى بيانات خجولة"، تضيف حسن.

وتتابع "كصحافية وعراقية بالأساس، لا أرى لا إدارة ترامب أو بايدن قد تخلق أي تغيير سياسي في العراق، وما يحدث فقط مجرد ثرثرة أشخاص في مواقع التواصل غير معنيين بالأمر".

وكان الروائي العراقي أحمد سعداوي، كتب منشوراً في فيسبوك، أمس الخميس، يصف فيه الانقسام العراقي في تأييد المرشحين الأبرز للرئاسة الأميركية، متسائلاً "لماذا نفترض أن ترامب "سينفذ الأشياء لنا؟"

لماذا نفترض أن ترامب "سينفذ الأشياء" لنا؟! (...) هل الظروف الإقليمية والدولية بالنسبة لإدارة بايدن القادمة هي ذاتها الظروف التي كانت تحكم عمل إدارة أوباما؟ هل سيفعّل مشروع تقسم العراق ويضعه على الطاولة حقّاً؟".

 

الارتياب من بايدن . كل المعلومات حتى الآن تشير الى تقدّم جو بايدن في سباق الرئاسة الأميركية على منافسه الرئيس الحالي...

Posted by Ahmed Saadawi on Thursday, November 5, 2020
رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.