اقتصادي عراقي: يتم فصل الكثير من القطاع الخاص بحجج واهية
"بسهولة، يتم الاستغناء عن خدماتنا من دون تعويض أو منحة مالية"، يقول رياض سلطان الذي عمل لأكثر من تسعة أعوام في شركة غير حكومية لخياطة ملابس الأطفال.
والكثير من عمال القطاع الخاص يتم الاستغناء قسراً عن خدماتهم من دون حصولهم على رواتبهم لآخر شهر عملوا فيه أو تعويضات نهاية العمل.
يضيف رياض (47 عاماً) لـ " ارفع صوتك": "أصبح من الشائع إيقافك عن العمل بشكل تعسفي حتىّ لو كانت لديك سنوات خدمة طويلة. لا وجود لقوانين تحمي حقوق العامل في القطاع الخاص، وحتى إن وجدت فلا يتم الأخذ بها".
غير أن الأخطر، برأيه، أن يتم "اتهام العامل بالتقصير والإضرار بمعدات العمل ومساومته بالتنازل عن مستحقاته المالية مقابل عدم محاكمته قانونياً".
ويشير رياض إلى أنه لأكثر من تسعة أعوام، أسهم في النهوض بالعمل وإنجاحه، وكانت النتيجة الاستغناء عنه بحجة توقف حركة السوق حتىّ من دون مكافأة مالية!
خطة التنمية الوطنية
على الرغم من التوجهات التخطيطية الساعية إلى ربط اتجاهات التشغيل بأهداف التنمية، والمرتبطة أساساً بتخصيصات الموازنة من خلال إنفاقها العام بشقيه التشغيلي والاستثماري إلاّ أن القطاع الخاص لا يزال غير مولد لفرص عمل آمنة ومستدامة، لا بل كان له دور في رفع معدلات العمالة الناقصة في ظل اتساع نطاق الاقتصاد غير المنظم، حسب وزارة التخطيط.
وتقول الوزارة إن "العراق يفتقر إلى مؤشرات دقيقة عن واقع قوة العمل في القطاع الخاص، ولا توجد بيانات خاصة عن القطاع غير المنظم".
وتوضح أن التحديات تكمن في "تذبذب إيرادات العراق النفطية" ما ولد عجزاً ظاهرياً في الموازنة انعكس على طبيعة سياسة الإنفاق التي أمست انكماشية بشكل ملحوظ، خصوصاً النفقـات الاستثمارية، حيث عزز ذلك من حدة الركود الاقتصادي والقدرة على توليـد فـرص عمل.
وتحديات أخرى هي "محدودية دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي متأثرا بغياب بيئة الاعمال الجاذبة للاستثمار، فضلا عن اتساع حدود نطاق قطاع الأعمال غير المنظم، وغياب جهة مركزية موحدة مسؤولة عن التشغيل في العراق" حسب الوزارة.
وتقترح الوزارة عبر برنامج خطة التنمية الوطنية (2018-2022) تبني سياسة اقتصادية مولدة لفرص العمل ومحفزة للقطاع الخاص وربط مخرجات التعليم بمعطيات سوق العمل، وتبني برامج تأهيلية وتدريبية للتثقيف بالعمل في القطاع الخاص، بالإضافة لتوجيه الموارد الاقتصادية صوب الأنشطة ذات الأسلوب كثيف العمل.
الحجج "الواهية"
في نفس السياق، يعتبر الخبير الاقتصادي جاسم خالد، أن العمال في القطاع الخاص، لم يعد لهم أية حقوق كما السابق، فعلى مدار سنوات طويلة، تم الاستغناء قسرا عن الكثير منهم بحجة سوء الأوضاع الأمنية وركود السوق، وغيرها ذلك من الحجج "الواهية".
ويقول خالد لـ "ارفع صوتك"، إن "الكثير من هؤلاء العمال تم طردهم والاستغناء عن خدماتهم في سوق العمل، بسبب الانتماء الديني، لتشغيل غيرهم ممن هم بنفس المذهب الديني الذي ينتمي إليه صاحب العمل".
وبجانب كل ذلك يشكك الخبير، في إمكانية تأهيل القطاع الخاص بشكل كامل بسبب التحديات الهائلة التي تواجه الاقتصاد العراقي بشكل عام.
ويضيف أن "المشكلة بالأساس تتعلق بضعف الدولة وعدم قدرتها على أن تصون الحقوق وتحافظ عليها بسبب الفساد المالي والإداري في مؤسساتها".
كما أن الكثير من القوانين الحقوقية، كما يقول خالد، غير قابلة للتفعيل، بسبب سيطرة بعض المتنفذين من السياسيين على السوق المحلي، إذ يشكلون تحدياً كبيراً للاقتصاد لضلوعهم في نشاطات تجارية لا تخدم إلاّ مكاسبهم.
ويرى بـ"ضرورة إعادة النظر بهذا الوضع المجحف في البلاد" الذي يعد "من أكبر المشكلات التي تواجه القطاع الخاص وتشل من حركته" على حد تعبيره.
وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية عادل الركابي، أعلن قبل أيام قليلة عن إطلاق حملة تفتيشية كبرى في سبع محافظات في البلاد لضمان حقوق العاملين في القطاع الخاص.
وتستمر الحملة مدة أسبوعين، هدفها "ضمان حقوق العاملين في القطاع الخاص والقطاع المختلط في البلاد" حسب الركابي.