العراق

توفير لقاح كورونا.. العراق أمام تحد كبير

11 نوفمبر 2020

نقلا عن الحرة

في الوقت الذي استبشر فيه العالم بأخبار التوصل إلى لقاح ذي فعالية عالية لفيروس كورونا، بدا الطبيب العراقي أحمد سمير (اسم مستعار) غير متفائل، وهو يتحدث لموقع "الحرة" من أحد مستشفيات العاصمة بغداد، بسبب ما قال إنه تحديات كبيرة سترافق عملية توزيع اللقاح.

وأعلنت شركتا فايزر وبايونتيك التوصل إلى لقاح أثبت فعالية بنسبة 90 في المئة في الحماية من العدوى بفيروس كورونا، ما أثار حالة ارتياح عالمي بعد نحو عام من التوتر الذي أثاره الفيروس.

ووصلت إصابات فيروس كورونا في العراق إلى أكثر من 505 ألف إصابة مؤكدة، فيما وصلت الوفيات المؤكدة بالفيروس إلى نحو 11500 وفاة، في حين يتوقع الكثير من المختصين أن الأرقام الحقيقية للوفيات والإصابات قد تكون أعلى بكثير.

وقال الطبيب سمير لموقع "الحرة" إن العراق "لا يمتلك الإمكانات اللوجستية اللازمة لتوزيع جرعات اللقاح وخزنها ونقلها إلى كل أطرافه".

ويحتاج اللقاح، بحسب الشركة المصنعة، إلى البقاء في درجة حرارة لا تقل عن 70 درجة تحت الصفر، ولا يمكن أن ترتفع درجة الحرارة على قنينة اللقاح أكثر من 4 مرات قبل أن تعطى للمريض.

ويقول الدكتور سمير إن "بعض المستشفيات العراقية تحتوي ثلاجات قد تكون ملائمة، لكن المشكلة الحقيقية هي في نقل اللقاح إلى أطراف المدن التي لا تمتلك مثل هذا النوع من الثلاجات، وأيضا إيجاد مساحات الخزن الكافية لتخزين الملايين من عبوات اللقاح التي يحتاجها العراقيون".

ودأبت وزارة الصحة العراقية على التأكيد بأنها تعمل على الحصول على لقاحات للفيروس، وأعلنت انضمامها إلى تحالف دولي للحصول على لقاح صيني مفترض، لم يعرف بعد مدى فعاليته.

ويعطى اللقاح المعلن عنه مؤخرا على جرعتين تفصل بينهما عدة أيام، وهو ما يمثل تحديا آخر بحسب سمير الذي يقول إن "نقل اللقاح وتوزيعه لمرة واحدة هو تحد كبير، فكيف سيمكن تحقيق العملية مرتين بفاصل زمني قصير نسبيا؟".

لكن مصدرا مسؤولا من وزارة الصحة العراقية كان أكثر ثقة وهو يتحدث مع موقع "الحرة"، مؤكدا أن "العراق قادر على توزيع اللقاح ونقله بكفاءة".

وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "السيارات المبردة متوافرة بكثرة في العراق، كما أن وزارة الصحة تمتلك عشرات المخازن المبردة في أنحاء مختلفة من البلاد، ويمكن نقل الناس إلى مراكز توزيع اللقاح إذا تعذر نقل اللقاح إليهم".

مع هذا، لم يجب المسؤول العراقي عن سؤال موقع "الحرة" حول المواصفات الفنية لتلك المخازن والسيارات، كما لم يذكر إذا كانت وزارة الصحة العراقية وضعت خطة توزيع حتى الآن أو تقدمت بطلب شراء.

ولم تعرف حتى الآن أسعار جرعة اللقاح الواحدة، أو متى يمكن البدء في تصنيعها وبيعها على نطاق واسع، لكن بعض الدول والاتحادات الدولية، مثل الاتحاد الأوربي، وضعت بالفعل طلبات لشراء مئات ملايين الجرعات.

وفي حالة هذا اللقاح بالتحديد، فإن من المتوقع أن تعطي الشركات المصنعة الأولوية بتسليم جرعات اللقاح إلى الولايات المتحدة وأوربا، باعتبار أن الشركتين المصنعتين أميركية وأوربية، كما أن دولا مثل كندا وبريطانيا وأستراليا قد تستفيد من العلاقات المتميزة التي تجمعها بالولايات المتحدة لتسريع حصولها على اللقاح.

ويقول المتخصص في العمليات اللوجستية العراقي محمد زهير إن "الجيش والشرطة العراقيين يمكن أن يسهما بتوزيع اللقاح بسرعة، لكن الكفاءة قد تكون مشكوكا فيها".

ويقول زهير إن "التحدي الأكبر هو إيجاد الأموال لشراء هذه اللقاحات، وأيضا الضغط التجاري والديبلوماسي للحصول عليها، في وقت يتنافس كل العالم للحصول على الجرعات"، متابعا "ليس العراق فقط، وإنما كل الدول التي تشابه حالتها حالة العراق، والتي تعيقها أوضاعها المالية والسياسية والإدارية عن التنافس للحصول على اللقاح".

ويضيف زهير أنه "غير متفائل بأن العراقيين سيحصلون على اللقاح بأي وقت قريب".

وتجاوزت أعداد الأصابات المؤكدة بكورونا 51 مليون إصابة حول العالم، فيما توفي أكثر من 1.2 مليون شخص بالمرض

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.