صورة الكاتب صادق راوندوزي، تنشر بإذنه
صورة الكاتب صادق راوندوزي، تنشر بإذنه

لم يكن الكاتب العراقي الكردي، صادق جوهر راوندوزي، يعلم أن الدفتر الذي  سجل فيه الكلمات العربية ومعانيها الكردية قبل 30 عاما، سيتحول إلى قاموس "صادق".

ويعتبره الكاتب  "مشروعا تعليمياً، هدفه الأول ترسيخ التعايش بين العرب والكرد" في بلاده.

ودفعت سياسة التعريب، التي انتهجها النظام البعثي فترة حكمه العراق،  راوندوزي إلى العمل وبذل الجهود لفهم اللغة العربية وكلماتها التي أصبحت لغة المناهج التعليمية وحلت محل اللغة الكردية، وكان حينذاك طالباً في الإعدادية.

يقول راوندوزي لموقع "ارفع صوتك": "بدأت منذ الثمانينيات بتسجيل الكلمات العربية بشكل عامودي في دفتر وأمامها معانيها باللغة الكردية لأن اللغة العربية وكلماتها ومصطلحاتها كانت جديدة بالنسبة لنا، ولم أكن في حينها أفكر بتأليف قاموس لكن الطريقة التي استخدمتها في تسجيل الكلمات وبحثي المستمر عما هو جديد، أوحت لي بقاموس مستقبليّ".

ويضيف "خطرت لي الفكرة أثناء الدراسة الجامعية في بغداد، بعد تطور مستواي في اللغة العربية". 

وتضم الطبعة الأولى من قاموس "صادق" ٨٦ ألف كلمة مقسمة على 22 ألف كلمة عربية وأكثر من 44 ألف معنى ومرادف لها باللغة الكردية، بواقع 883 صفحة.

وتشمل الترجمة إلى الكردية، اللهجة السورانية  والبهدينانية منها.

ونقح الشاعر والباحث العراقي المختص باللغة جلال زنكابادي الطبعة الأولى من قاموس "صادق"، ومكث في ذلك ثلاثة أعوام قبل بدء طباعته.

ويعمل راوندوزي في تنقيح الطبعة الثانية من القاموس، يقول  "ستكون أكبر حجما وتحتضن أفكار جديدة، فالمكتبات في العراق ومن ضمنه كردستان تحتاج إلى هذا النوع من القواميس؛ لفتح مجالات أوسع أمام العرب والكرد لفهم لغة بعضهم البعض".

ويوضح أن القاموس قد "يسهل عمل طلاب العلم لمعرفة المصادر والمراجع العربية وكذلك بالنسبة للعرب لمعرفة المصادر والمراجع باللغة الكردية" مشيراً إلى أن "الرواج الذي حظيت به الطبعة الأولى من القاموس في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق واهتمام الكتاب والمثقفين والمواطنين العرب، أثبت صحة خطوته في مجال تقوية أواصر التعايش بين الجانبين". 

ويعتبر راوندوزي، أن أبرز ميزات قاموسه "سهولة العثور على معاني الكلمات وعدم احتوائه على أي شروحات للكلمات، مكتفياً بذكر المعاني ومرادفات الكلمات".

"اللغة تتجدد كأي كائن حي آخر، وتولد العديد من الكلمات باستمرار وهي تتماشى مع تطورات الحياة الإنسانية، لذلك أخذت بعين الاعتبار هذا الموضوع وأنا حريص على إضافة الكلمات الجديدة والحيوية إلى القاموس" يتابع راوندوزي لـ"ارفع صوتك".

وعن أعماله اللاحقة، يقوم راوندوزي بتأليف كتاب حول اللهجة  الراوندوزية في اللغة الكردية وهي أقرب للهجة الكرمانجية، حسبما يقول.

 

"قاموس صادق" عربي-كردي: الطبعة الأولى/ 2019م-2718ك 856 صفحة... قبل عدة أيام؛ أهداني صديقي الموسوعي الأستاذ جلال...

Posted by Mohammed Hussein Rasool Bilbas on Thursday, June 27, 2019

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.