العراق

حوادث السير تقتل أكثر من 8000 عراقي خلال 3 سنوات

18 نوفمبر 2020

"في نهاية المطاف، اضطررت للتغاضي عن الدعوى القضائية، لأنها تحتاج مزيداً من الوقت والمال، فضلاً عن التراخي في تطبيق الإجراءات الإدارية التي تتيح حدوث الرشاوى" يقول جبار زاير من بغداد. 

وكان رفع دعوى قضائية ضد سائق سيارة أجرة اصطدمت بسيارة زوجته، ما أدى إلى كسر في معصم يدها وإصابة طفلتها التي كانت معها بجروح طفيفة.

يقول جبّار (41 عاماً) لـ "ارفع صوتك" إن اتصال زوجته آنذاك، وإخباره بحادث الاصطدام الذي تعرضت له، كان "أصعب لحظة" في حياته.

"تخيلت أن الأسوأ هو ما سيحدث لها ولابنتي" يضيف جبار، مستدركاً "لحسن الحظ لم يتعرضا لإصابات خطيرة رغم تضرر السيارة بشدة". 

ومن تجربته الشخصية، يقول إن سائقي الأجرة "يقودون سياراتهم بتهورو يتسببون بحوادث الاصطدام بسبب إهمالهم الفادح للقوانين المرورية والسلامة العامة، وكذلك لانشغالهم أثناء القيادة إما بتحصيل أجور الركاب أو اللعب بهواتفهم النقالة".

ويتابع جبار "والكثير منهم تحت السن القانوني، بينما آخرون لا يملكون رخصة سياقة".

 

الحوادث المسجلة

سجلت مديرية المرور العامة 29,429 حادثاً مروريا خلال السنوات الثلاثة الماضية (2017-2018-2019).

وقال ضابط إعلام المديرية العميد حيدر كريم: "عام 2017 شهد 8824 حادثاً أدى إلى وفاة 2621 وإصابة 9388، أما عام 2018، فقد ازدادت فيه حوادث المركبات، وسجل 9852 حادثاً أدى إلى وفاة 2767 وإصابة 10409، بينما شهد عام 2019، ارتفاعاً آخر في حوادث المرور حيث سجل 10753 حادثاً أدى إلى وفاة 2636 وإصابة 11651"

وأكد العميد، أن "تلك الحالات هي المسجلة فقط لدى وزارة الصحة" مشيراً إلى وجود حوادث أخرى غير مسجلة، نتيجة تراضي جميع الأطراف أو لأنها كانت طفيفة.

وأسباب زيادة الحوادث، يشترك فيها ثلاث أطراف "السائق، والمركبة، والطريق"، حسب العميد كريم.

 

مهارات السياقة

في نفس السياق، فضّل خالد عدنان (41 عاما) بعد أن ورث سيارة أبيه، إجراء اختبار القيادة للحصول على رخصة رسمية، لكنه لم ينجح في ذلك بسهولة. 

يقول لـ "ارفع صوتك": "هناك ادعاءات بفرض رشاوى تلاحق الجهة المعينة في الإشراف على هذه الاختبارات". 

ويضيف خالد: "رغم أنه لم يطلب مني أو يفرض عليّ دفع رشوة مالية مقابل النجاح، إلاّ أنني وجدت أشخاصا يفتقرون لمهارات السياقة نجحوا وتم منحهم الرخصة".

و"المشكلة" برأيه "افتقار السائق للشعور بالمسؤولية".

يضيف خالد "ويهمل الكثيرون صيانة سياراتهم، بالإضافة إلى التهور والقيادة بسرعة فائقة".

 

"تهديد بالانتقام"

يوجه شرطي المرور المتقاعد حامد عزيز، اللوم إلى شرطة المرور، قائلاً "الجهات الحكومية غير قادرة على فرض القانون، وتحديدً أفراد شرطة المرور".

ويوضح لـ"ارفع صوتك": "أدى ضعف سلطة القانون إلى تفاقم ظواهر الرشوة، والمحسوبية، والأعمار الصغيرة للسائقين، ولجوء مزيد من السائقين المخالفين إلى تهديد أفراد شرطة المرور في حال تحرير مخالفة لهم أو احتجاز سياراتهم بالانتقام".

وشهد عام ٢٠١٠ تعرض أفراد شرطة المرور في العاصمة بغداد وهم من عناصر قوات الأمن لسلسلة هجمات إما بقنابل أو عبوات ناسفة، أو باستخدام أسلحة كاتمة للصوت شنَّها مسلحون، وأسفرت عن مقتل العشرات منهم.

ويرى عزيز أن اعتراض السائقين وإهمالهم لقوانين المرور العامة وعدم الالتزام بها، مسائل مرتبطة بسلطة القانون نفسه والاستخفاف بوجوده والتحايل عليه والتشكيك بجدواه.

ويقول إن "القوانين المتعلقة بسلامة الطرق ومعاقبة المخالف يتسم تطبيقها عادة بالفوضوية والمزاجية، فتارة يتعامل شرطي المرور بشدة وحزم مع السائق لتنظيم السير، وتارة أخرى يتغاضى عنه".

ويشير عزيزي إلى أن القضية "لا تتعلق بالقوانين فحسب، إنما بحفريات الطريق وإنارتها ومدى صلاحية استخدامها".

"يجب أن نفهم أن السلامة لا تتحقق فقط بفرض القوانين والالتزام بها، بل بتوفير ما يدفع للالتزام بها "، يتابع عزيز.

ويختم بقوله "لا يمكن أن نتوقع الالتزام بقوانين المرور بينما الشوارع مغلقة وتعاني من الحفر والحواجز التي تعيق السير". 

 

⭕️ حادث سير مروع اليوم في #تكريت. منو يعرف نوع المركبة ؟؟؟

Posted by ‎الحوادث المرورية العراقية‎ on Tuesday, November 17, 2020

 

الطرق البرية متهالكة

وتعد حوادث المرور مشكلة كبيرة، إذ أشرت مفوضية حقوق الإنسان ارتفاعا ملحوظاً في عدد حوادث الطرق بسبب انعدام متطلبات السلامة في الطرق وفي السيارات المستخدمة من قبل المواطنين وقدم الطرق.

وطالب عضو مفوضية حقوق الإنسان فاضل الغراوي مديرية المرور العامة بتطبيق متطلبات السلامة في السيارات ومطابقة معايير السلامة في السيارات المستوردة ومتابعة أعمار السائقين ووضع غرامات مالية عالية وعقوبات رادعة للحد من سرعة السياقة. 

في المقابل، أكدت عضوة لجنة الخدمات النيابية النائبة منار عبد المطلب، بأن 90% من طرق العراق البرية متهالكة رغم أنها تشكل مساراً لديمومة النشاط الاقتصادي والسفر بين المحافظات.

وقالت "رغم إنفاق مبالغ مالية طائلة على مشاريع الصيانة والتأهيل إلا أن واقع الحال يشير إلى وضع كارثي تعيشه طرق برية إستراتيجية خاصة طريق بغداد- الموصل لافتة إلى أن تلك الطرق تمثل أكبر نزيف للدماء بسبب كثرة الحوادث المؤسفة سنويا".

وأشارت عبد المطلب إلى ضرورة "إدخال سياقات جديدة في معالجة ملف تأهيل الطرق الخارجية ومنها الاستثمار من أجل تطويرها على مستوى يجعلها آمنة لسالكيها ويقلل من معدلات الحوادث المميتة".

 

أكثر من مليون وفاة

تحيي الأمم المتحدة في 17 نوفمبر من كل عام "اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث المرور على الطرق". 

وفي فبراير الماضي، أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً حول حوادث المرور في العالم: إحصائيات، وأسباب زيادة عدد الحوادث، والحلول المقترحة.

وجاء فيه أن 1.25 مليون شخص  يلقون حتفهم سنوياً حتفهم نتيجة حوادث المرور، ونصف الأشخاص تقريباً الذين يتوفون على طرق العالم يكونون من "مستخدمي الطرق سريعي التأثر، أي المشاة وراكبي الدراجات الهوائية والنارية".

كما تشهد البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل 90% من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في العالم، على الرغم من أنها لا تحظى إلا بنحو 45% من المركبات الموجودة في العالم. 

وتمثّل الإصابات الناجمة عن حوادث المرور السبب الأول لوفاة الأشخاص البالغين من العمر من 15 إلى 29 سنة، حسب المنظمة الدولية.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.