العراق

مجلس القضاء العراقي: 17 ألف حالة عنف أسري في عام 2019

24 نوفمبر 2020

سنة بعد أخرى تزداد أعداد النساء المعنفات في العراق.

ففي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أعلن مجلس القضاء الأعلى في تقرير له، ارتفاع حالات العنف الأسري ضد النساء والأطفال إلى نحو 17 ألف حالة خلال عام 2019، مؤكدا تسجيل حالات تطور فيها العنف إلى حد القتل.

ضخامة هذا العدد من الانتهاكات الأسرية لا يكشف برأي العديد من الباحثين الاجتماعيين جميع الحالات التي تتعرض فيها النسوة وهن الأكثر ضررا حسب قولهم.

ولا يكشف العدد الحقيقي للتجاوزات الأسرية التي تحدث بسبب خشية العديد منهن على مستقبل عوائلهن فيما لو لجأن إلى القضاء.

وتفيد إحصائية مجلس القضاء بأن حصة النساء كانت الأكبر بين أعداد دعاوى العنف الأسري، فقد بلغت ‌‏12336 قضية، أما القضايا الخاصة بتعنيف الأطفال فبلغت 1606. 

ومع أن التقرير رصد الحالات المعنفة لسنة 2019 فقط، إلا أن أحدث التقارير الصادرة عن مفوضية حقوق الإنسان تؤكد زيادة مضافة بسبب التداعيات التي تركها وباء كورونا على المجتمع وفقدان العديد من الأفراد لعملهم ووظائفهم بسبب الجائحة، واضطرار شريحة واسعة من العمال لا سيما في القطاع الخاص إلى التزام البقاء في منازلهم.

أم مصطفى وهي إحدى النساء المعنفات تقول إن حالات العنف التي تتعرض لها من قبل زوجها زادت بشكل كبير مع اضطراره للجلوس في المنزل دون عمل بعد توقف المصنع الذي كان يعمل به.

وتشير في حديث لموقع (ارفع صوتك) إلى أنه "بات انطوائيا وكثير التدخين بسبب الضائقة المالية التي تمر بها العائلة، ونتيجة لذلك صار أكثر قسوة من قبل"، مضيفة أنها لا تستطيع "اللجوء إلى المحاكم لحماية نفسها خوفا من العرف الاجتماعي".

قانون العنف الأسري

في هذه الأثناء، زادت الأصوات المطالبة بضرورة تحريك قانون العنف الأسري وإخراجه إلى حيز التصويت، فالقانون لا يزال رهين تصويت البرلمان بعد إعداد مسودته، التي جوبهت بمعارضة شرسة من قبل العديد من الكتل السياسية لا سيما العنصر الرجالي في مجلس النواب.

فالقانون متهم من قبل العديد من البرلمانيين بأنه أداة لتفكيك الأسرة، في حين ينظر إليه أعضاء آخرون بالإضافة إلى عدد من المنظمات المدنية بأنه يحمي الأسرة ويحافظ على بنائها.

وفي أحدث موقف للقانون عقدت لجنة حقوق الإنسان النيابية، الخميس 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، ندوة في مجلس النواب لمناقشته.

تقول عضو اللجنة النائبة يسرى رجب لموقعنا، إن "للقانون أهمية كبيرة خاصة مع ارتفاع حالات العنف ضد النساء والأسرة عموما وأن الحوار الذي دار في الندوة جاء لسد الثغرات في القانون".

سلبيات القانون

بدورها، توضح عضو اللجنة العليا للمرأة في مجلس الوزراء بشرى زويني لموقع (ارفع صوتك)، أن "المؤيدين للقانون والرافضين لهم وجهات نظر معتبرة"، مضيفة "مع وجود فقرات إيجابية في القانون هناك بعض منها لا تتلاءم وطبيعة المجتمع العراقي".

وتتابع أن تعريف العنف في القانون ترك مطلقا وهو (كل أذى نفسي وجسدي يصيب الفرد).
لافتة إلى أن "الإطلاق في القانون يبنى على إطلاقه وعندها لا يستطيع الأب مثلا أن يؤدب ابنه فيما لو ارتكب خطأ".

وتشير زويني إلى فقرات أخرى مثل تبليغ شخص مجهول بوجود حالة عنف أسري لدى عائلة ما، بالإضافة إلى فقرة فصل الطفل من عائلته وإيداعه لدى دور الإيواء في حال تعرضه إلى عنف من قبل أبويه.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.