قوات الأمن العراقية تراقب المظاهرات المناهضة للحكومة في ساحة التحرير وسط بغداد

كشف ستة مسؤولين في الحكومة العراقية والمليشيات عن تدريب الجيش العراقي عضوا سابقا في ميليشيا مدعومة من إيران، ليصبح ضابطا رفيع المستوى في الجيش العراقي، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.

ويخضع عضو الميليشا لعقوبات أميركية لقتله متظاهرين، بحسب الوكالة، التي نقلت عن المصادر أن حسين فالح عزيز ، المعروف بـ"أبو زينب اللامي"، أرسل إلى مصر مع ضباط عراقيين للمشاركة في دورة تدريب لمدة عام، مخصصة عادة للقيادات العسكرية.

وقالت رويترز إنها اطلعت على وثيقة لوزارة الدفاع، تظهر أن اللامي، وهو برتبة لواء، على قائمة الضباط الذين سيحضرون التدريبات حتى الصيف المقبل.

وقال المسؤولون إن جعل اللامي ضابطا كبيرا في الجيش العراقي، هو أحد أجرأ التحركات التي يقوم بها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حليف الولايات المتحدة، لتخفيف نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، ويتماشى مع رغبة واشنطن المعلنة للحد من نفوذ طهران في المنطقة.

وقالت رويترز إنه لم يتسن  لها على الفور الوصول إلى متحدث باسم الحكومة العراقية ومسؤولين إيرانيين للتعليق.

وأكد مصدر مقرب من اللامي، لرويترز،  إرساله إلى مصر للتدريب.

ويرى مؤيدو الخطة أنها وسيلة لإضعاف الميليشيات التي تتباهى بعشرات الآلاف من المقاتلين، والتي لها نفوذ كبير على أمن العراق واقتصاده.

ويقول المؤيدون إن ذلك سيعجل بتفكيك بعض الجماعات التابعة لقوات الحشد الشعبي، وهي منظمة شبه عسكرية تابعة للدولة يدير فرعها الأمني اللامي منذ سنوات.

ولم ترد قوات الحشد الشعبي على طلب من رويترز للتعليق.

ورفض مسؤول عراقي، تحدث بالنيابة عن الحكومة، التعليق على قضية اللامي، لكنه قال إن هناك خطة لإعادة هيكلة قوات الحشد الشعبي، بما في ذلك توفير التدريب العسكري لقادتها.

ومع ذلك، يصف بعض النقاد تلك الخطوة بأنها مناورة محفوفة بالمخاطر باعتبار أنها تضع شخصا لديه سجل مشكوك فيه في مجال حقوق الإنسان وكان قريبا من إيران، في قلب الجيش العراقي.

وقد نفى مسؤولون عسكريون في مصر أن يكون اللامي ضمن دفعة من الضباط العراقيين الذين يتلقون تدريبات في مصر. لكن مصدر أمني مصري قال إنه كان في مصر في أكتوبر تشرين الأول دون الخوض في تفاصيل.

واللامي هو رئيس الأمن في المجموعة شبه العسكرية التابعة للدولة في العراق وعضو سابق في ميليشيا كتائب حزب الله المدعومة من إيران. ولكن المصدر المقرب منه نفى أن تكون للامي أي علاقة رسمية بإيران أو بالميليشيات التي تدعمها.

وفي عام 2019 فُرضت  عليه عقوبات أميركية لدوره المزعوم، الذي أوردته رويترز لأول مرة، في استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة. ونفى اللامي منذ ذلك الحين أي دور له في قتل المتظاهرين السلميين.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.