العراق

نواب عراقيون يطالبون بقطع العلاقات مع الإمارات "تنفيذاً للأجندة الإيرانية"

30 نوفمبر 2020

رغم إعلان الخارجية العراقية عدم تبلغها قراراً رسميّاً بإيقاف منح سمات الدخول لمواطنيها إلى الإمارات، سارعت القوى المحلية الحليفة لإيران للصيد في الماء العكر، محاولةً إحداث أزمة دبلوماسية بين أبوظبي، وبغداد، بحسب متابعين.

العراق الذي يعاني من أزمات صحية واقتصادية عدّة، يسعى فيه رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، إلى تحسين العلاقات الخارجية وضبط زمام الأمن الداخلي عبر الحدّ من نفوذ المليشيات الإيرانية، التي تحاول جاهدة عبر بجناحيها العسكري والسياسي لعرقلة هذا الانفتاح، الذي إذا حصل، سيؤدي حتما إلى تقليص نفوذها.

وطالب نواب عراقيون حكومة بلادهم بسلسلة إجراءات من استدعاء السفير الإماراتي وطرده، المعاملة بالمثل فيما يتعلق بدخول الإماراتيين، وصولاً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية كامله مع أبوظبي، في خطوة وصفها المتابعون بأنهاّ "ممنهجة" وليست مجرد ردّة فعل.

ويأتي ذلك على خلفية ورود معلومات عن وجود قرار رسمي بمنع مواطني 13 دولة بينها العراق، لبنان، وسوريا من الدخول إلى الإمارات عبر التأشيرات، ونقلت وكالة "رويترز" وثيقة تفيد ما ذكر دون وجود أي تعليق رسمي من الحكومة الاتحادية.

"عدم الإكتفاء باستدعاء السفير"

وقال العضو عن "ائتلاف دولة القانون"، منصور البعيجي، أنّ "القرار الأخير يستهدف السيادة العراقية والمواطنين الراغبين بالسفر إلى الإمارات"، بحسب وكالة الأنباء العراقية.

ودعا البعيجي إلى التعامل بالمثل مع الإمارات وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وطرد السفير كأقل ردة فعل ممكنة ومتناسبة مع القرار، وعدم الاكتفاء باستدعاء السفير وتسليمه مذكرة احتجاجية".

وكذلك طالب تحالف "الفتح"، حكومة الكاظمي باتخاذ "إجراءات حقيقية"، مشدداً على "ضرورة استدعاء السفير وإبلاغه مذكرة احتجاج".

في وقت اعتبر النائب في لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، عامر الفايز، أنّ "الحكومة مطالبة بموقف رسمي كون أنّ القرار الإماراتي يحمل إساءة للعراق وشعبه".

"إبعاد العراق عن محيطه العربي"

وعن هذه الحملة، أوضح المحلل السياسي والباحث الاستراتيجي، رائد العزاوي، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "الدعوات بقطع العلاقات مع الإمارات يندرج ضمن الأجندة التي تسعى لها إيران وحلفائها في العراق لإبعاده عن محيطه العربي".

ولفت العزاوي إلى أنّ "ذلك يتصاحب مع دعوات كثيرة لوقف العلاقة مع السعودية ومصر أيضاً"، مشدداً على أنّ "إيران تسعى من خلال أذرعها في العراق لإبقائه ضمن حاضنتها وسيطرتها الاقتصادية والسياسية بشكل كامل".

واعتبر أنّ "الكاظمي يحاول أنّ يكون للعراق علاقات متوازنة مع الدول العربية كافة، وليس فقط مع طهران، ولكن هناك جناح قوي ممثلاً بنواب وقيادات لا تريد أنّ تنجح الحكومة في ذلك"، مضيفاً أنّ "التجاذبات الايرانية سيطرت على البلاد بشكل كبير".

بدوره، أكّد المحلل السياسي، أحمد الياسري، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "هذه تصريحات إيرانية وليست عراقية، وطهران تسعى بكل جهدها لتسويق فكرة سيطرتها واحتكارها للعراق إلى العالم عبر هذه المواقف السياسية والعسكرية والأمنية في الداخل العراقي، ولكنها لم تنجح في ذلك".

واعتبر الياسري أنّ "لا قيمة للتصريحات الأخيرة ولن تؤثر على الواقع العراقي وطبيعة العلاقات التاريخية مع الإمارات".

ولفت الخبير بقضايا الشرق الاوسط إلى أنّ "هذه المواقف تندرج ضمن سياق الهجمات الأخيرة التي نظمّتها المليشيات الإيرانية على السفارة الأميركية في بغداد، وكادت أنّ تحدث أزمة دبلوماسية مع واشنطن".

الهجمات على المواقع الأميركية

ويضاف إلى محاولات نزع العراق من حاضنته العربية، محاولات أخرى دأبت عليها الميليشيات العراقية، عبر التعرض للمصالح الأميركية التي كادت أنّ تحدث أزمة دبلوماسية مع واشنطن، بعدما تصاعدت وتيرة العمليات الإرهابية والهجمات على السفارة والمصالح الأميركية.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية علّقت لموقع "الحرة" في وقت سابق، بالقول إنّ واشنطن أوضحت من قبل أن الجماعات المدعومة من إيران التي تطلق الصواريخ على السفارة الأميركية في بغداد "تشكل خطراً على حكومة العراق والبعثات الدبلوماسية المجاورة"، رداً على تقارير تحدثت عن عزم الولايات المتحدة "إغلاق سفارتها" في العراق.

الحرة / خاص - دبي

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.