إحراق مقار حزبية خلال تظاهرات كردستان
Men are seen outside the headquarters of the Kurdistan Democratic Party (PDK) after it was burnt during anti-government protests on the outskirt of Sulaimaniyah

المصدر - موقع الحرة:

يشهد إقليم كردستان العراق، منذ يوم الأربعاء الماضي، تظاهرات تطالب بصرف رواتب الموظفين، سرعان ما تخللها اشتباكات بين المحتجين والقوات الأمنية، وصولاً إلى حرق مقار حزبية وتهديد بالتصعيد.

وفي هذا الإطار، بدأت بعض الأصوات تتعالى في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني للاستقلال الإداري عن الإقليم، والتمتع بصلاحيات أوسع، بحسب مصادر موقع "الحرة"، وهو الأمر الذي ألمحت إليه عضو مجلس النواب عن المكون الكردي، آلا طالباني، في تغريدة لها عبر موقع "تويتر".

ودعت طالباني إلى أنّه لا بد من اتخاذ إجراءات جدّية لحل أزمة الرواتب مع الحكومة الاتحادية في بغداد وإنهاء العنف الذي رافق التظاهرات، وإلا "ّفسيكون لأصحاب القرار في محافظة السليمانية موقف آخر"، في إشارة منها إلى إنفصال السليمانية، بحسب المصادر.

ويعاني إقليم كردستان من أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2016، بسبب تراجع سعر النفط والحرب مع داعش، لاسيما في ظل استثنائه من ميزانية الحكومة الاتحادية عام 2004 بقرار من رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي.

وبالرغم من إعادة حكومة عادل عبد المهدي دعم الإقليم بمبلغ وقدره 450 مليار دينار عراقي شهرياً (378 مليون دولار أميركي)، يدفع على ثلاث دفعات، إلا أنّ رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي قام بتخفيض المبلغ إلى 320 مليار دينار عراقي (270 مليون دولار أميركي)، لم يصل منه إلا ثلاثة دفعات، ما جعل الموظفين الكرد دون رواتب.

وكرّس  قانون العجز المالي، الذي أقره البرلمان العراقي، في نوفمبر الماضي، استثناء الإقليم من ميزانية الدولة، الأمر الذي ترفضه الحكومة الكردية برئاسة، مسرور بارزاني.

"طهران تريد الانتقام من الإقليم"

عضو حزب الديمقراطي الكوردستاني، محمد زنكنه، الذي ندد بحرق مقار تابعة لحزبه في محافظة السليمانية، اعتبر في حديث لموقع "الحرة"، أنّ التظاهرات ليست مطلبية فحسب.

وأكّد أنّ هناك خلافات قديمة بين التيارات الكردية، وحركة التغيير وحركة الجيل الجديد وغيرها لفرض السيطرة من قبل طرف واحد على مدينة السليمانية، ما يفتح المجال أمام التدخل الإيراني.

وسأل زنكنه إذا كان المحتجون يفكرون بالسر وراء استقرار الإقليم، الخاضع لحكومة يسيطر عليها الحزب الديمقراطي، مشيراً إلى أنّ كل ما يحدث من تظاهرات لهدف واحد وهو إغماض بصيرة المواطن .

وشدد على أنّ إيراني تريد تقسيم الإقليم منذ عام 1996، ولاسيما أنّه هناك منطقة حظر جوي لطيرانها بموجب قرار أممي يحمل الرقم 688 تاريخ 1992، وهي تنوي الانتقام عبر بث الفوضى وخرق الأمن.

ولفت إلى أنّ "ما تسمي نفسها الحركات الوطنية داخل البيت الشيعي، من تيار حيدر العبادي، إلى التيارات الموالية لمقتدى الصدر، تنوي تدمير أي تقارب يحصل بين بغداد وكردستان".

واتهم عضو حزب الديمقراطي "طالباني (حزب الاتحاد الوطني الكردستاني) بزج لاجئيين سوريين ونازحين عراقيين في التظاهرات، لكي تظهر بحجم كبير".

وعن أزمة الرواتب، اعتبر زنكنه أنّ الحزب الديمقراطي ليس مسؤولاً وحده، وقد ابدى استعداده للتعاون مع الحكومة الاتحادية، التي تقع عليها مسؤولية إنهاء كل ما يحصل.

 

التقارير أشارت إلى احراق المحتجين مقار أحزاب كردية حاكمة

التظاهرات تشتعل في السليمانية وحكومة كردستان تحذر من "التخريبيين"

قتل شخص في الأقل وأصيب آخرون في احتجاجات شهدتها مناطق متفرقة من محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، شمالي البلاد، الإثنين.

"حق السليمانية بالاستقلال الإداري"

أما عضو حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني، طارق جوهر، فاقتصر في حديث لموقع "الحرة"، على القول إنّ "التظاهرات خرجت للمطالبة بصرف الرواتب، في ظل تفشي الفساد في الإقليم وعدم وجود سياسة صحيحة لبناء اقتصاد قوي".

وأضاف أنّه "كما يحق للإقليم الاستقلال عن حكومة بغداد عملاً بالنظام الفدرالي، يحق للمحافظات المطالبة بالاستقلال إدارياً والتمتع بصلاحيات أوسع".

"التقرب من بغداد بدلاً من أنقرة"

من جهته، قال المحلل السياسي، محسن الأديب، في حديث لموقع "الحرة"، إنّ "وضع الإنسان الكردي والموظف صعب للغاية، فهل من المعقول أن يتلقى الموظف راتب سنة خلال خمس سنوات؟"، مضيفاً "هل يتحمل أي موظف في العالم أنّ يأخذ أربع رواتب خلال 12 شهراً".

وشدد على أنّ "الوضع المعيشي سيء، ومن الطبيعي أن يقوم المتظاهرون بحرق مقار الأحزاب السياسية والدوائر الحكومية، لاسيما في ظل غياب الديمقراطية وتداول السلطة في الإقليم".

ولفت الأديب إلى أنّ الاحزاب المكونة للحكومة لا تمثل نصف عدد المشاركين في انتخابات عام 2018، التي لم تكن نزيهة أساساً"، معتبراً أنّ "حل الازمة الحالية يكون بالانفصال عن أنقرة، والتقرب وتعزيز العلاقة مع بغداد، مركز الحكومة الاتحادية".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.