أزمة التعليم في العراق تزداد تعقيداً بعد قرار الوزارة الأخير
سارعت يسرا عادل بتقديم تعهد خطي لإدارة مدرسة ابنتها لمياء في مرحلة الرابع الإعدادي، بتدريسها في المنزل للعام الدراسي 2020 – 2021، بعد أن أعلنت وزارة التربية قبول دوام الطلبة بالانتساب.
ويثير هذا الإجراء الكثير من الجدل حول دور المدرسين الخصوصيين، وسط تحذيرات من أنه قد يفسح المجال لاستغلال الطلبة وأسرهم.
وكانت المديرية العامة للتعليم العام والأهلي والأجنبي، حددت آلية القبول من خلال تقديم أولياء الأمور تعهداً خطياً بتدريس أولادهم في المنزل، وكذلك عدم المطالبة بإلغاء الدوام بالانتساب بسبب الأوضاع التي فرضها فيروس كورونا، حسب المكتب الإعلامي لوزارة التربية.
وأكدت وزارة التربية إلزامها بتطبيق دوام التلاميذ والطلبة يوماً واحداً لكل صف دراسي وحسب المرحلة الدراسية (ابتدائي أو ثانوي)، واما بقية أيام الأسبوع فسيكون التعليم فيها عن (بُعد) عبر المنصات الالكترونية، والتلفزيون التربوي.
تقول يسرا من بغداد لـ " ارفع صوتك": إنها فضلت "تدريس ابنتها في المنزل خشية تعرضها عند دوام هذا اليوم لعدوى الفيروس".
وترى أن "التزام ابنتها بالدوام ليوم واحد في الأسبوع يؤكد أيضا أنها ستكون بحاجة لمدرسين خصوصيين"، مشيرة إلى أن "فكرة الاعتماد على المنصات الإلكترونية لم تنجح في العراق".
ويعاني العراقيون منذ سنوات من عدم توفر شبكة الإنترنت لساعات متواصلة، فضلا عن عدم قدرة الكثير من الأسر العراقية تسديد تكاليفها شهرياً، أو السماح باستخدام أبنائها وبناتها للإنترنت خوفاً من تأثيره السلبي عليهم.
تقول يسرا "في السابق، على الرغم من وجود المدرسة والدوام طيلة أيام الأسبوع إلاّ أننا كنا نعتمد على المدرس الخصوصي في تعليم أبنائنا، لذا فلا جدوى من دوام ابنتي أو اعتمادها بشكل كلي على التعليم الإلكتروني".
عبء مالي جديد
في المقابل، تستغرب أحلام عباس (34 عاماً) من قرار الدراسة بالانتساب في المنزل، حيث يجبر أهالي الطلبة والتلاميذ على القبول به بدلاً من تحمل مسؤولية دوامهم حتى ليوم واحد.
وتقول لـ "ارفع صوتك" إنه "يشبه الاعتراف بأهمية المدرسين الخصوصيين من قبل وزارة التربية التي كانت دوماً ترفضهم، وهنا، فلا حلول تجاه الأهل سوى الاعتماد عليهم في تدريس أبنائهم، وهو ما يضيف للعوائل عبئاً مالياً جديداً".
وتعتبر أحلام (لديها بنتان في مرحلة الدراسة المتوسطة) أن قرار الوزارة "يستخف بمعاناة الأهالي الذين لا يمكنهم تحمّل تكاليف الدراسة الخصوصية".
وتضيف أن "الكثير من الأهالي أجبروا على سحب أبنائهم وبناتهم من الدراسة بسبب قرارات وزارة التربية".
المدارس الأهلية
ومن بغداد أيضاً، وسام كريم، لديه ثلاثة أبناء في مراحل دراسية مختلفة، يقول لـ"ارفع صوتك": "أقنعتُ أطفالي بترك الدراسة هذه السنة، لأن مدرستهم أهلية".
ويوضح "ترفض مدرستهم التساهل في قضية الأقساط المالية للدراسة أو تخفيضها، بل وتصر على أن يكون تسديدها كاملاً وإلا تطرد التلاميذ، وهو ما يشعرني باستغلالهم لنا، خاصة أن الدراسة أصبحت بالانتساب أو الدوام ليوم واحد فقط".
ويرى وسام أن "سياسة التكاليف المادية في المدارس الأهلية لم تتغير أبدا، كما أن وزارة التربية لا تهتم بفكرة محاسبتهم أو تحديد مبالغ الدراسة في تلك المدارس".
وليس ذلك فقط ما يمنع الأب من إرسال أبنائه للمدرسة، يقول وسام "لا أثق أيضاً بالإجراءات الاحترازية من تفشي فيروس كورونا بين التلاميذ في المداس سواء حكومية أو أهلية".
التفاوت في المستويات
في نفس السياق، لا تتوقع المدرسّة خديجة حامد أن يستمر التلاميذ والطلبة في الدراسة.
وتقول لـ " ارفع صوتك" إن "المشكلة الأساس تتعلق بطبيعة المجتمع العراقي الدي يعطي الأولاد أولوية العمل على الدراسة، وأولوية الزواج على الدراسة بالنسبة للبنات، ويعتبر هذا الوضع فرصة مناسبة لتحقيق تلك الأولويات عموماً".
وتضيف حامد أنه "ربما قد غاب عن وزارة التربية التفاوت في المستويات الاقتصادية للتلاميذ" مردفة "نحن نعلم أن قرار الانتساب بالدراسة في المنزل يعتمد على إمكانية توفير التكاليف المالية للمدرسين الخصوصيين، ما يعني أنه سيؤثر بشكل أكبر على الفقراء والذين يعيشون على دخول منخفضة".
وتؤكد أن تركيز الوزارة "يجب أن ينصب على ألاّ تحدث فوارق طبقية بين التلاميذ، وإدراك أن فترة انتشار فيروس كورونا ستزول في وقت سيكون الكثير من التلاميذ فقد مقعده في الدراسة وفاتته فرصة التعليم".