العراق

"المواجهة حتمية".. أحزاب عراقية تسعى لتأجيل الانتخابات

دلشاد حسين
17 ديسمبر 2020

تواجه الانتخابات العراقية المبكرة المرتقبة في يونيو 2021، محاولات حثيثة لتأجيلها من أطراف سياسية عديدة ومليشيات موالية لإيران، ذات سطوة كبيرة على سلطة البلاد.

وكشفت وسائل إعلام محلية ونشطاء مؤخراً، عن تقارب بين العديد من الكتل السياسية الموالية لإيران في مجلس النواب العراقي، وتتبعها مليشيات منخرطة في هيئة الحشد الشعبي، منها "الفتح ودولة القانون".

كما تحاول هذه الكتل استقطاب غيرها للوقوف إلى جانبها بطلب تأجيل الانتخابات حتى نهاية الدورة الانتخابية عام 2022.

ورغم أن إجراء انتخابات مبكرة كان على رأس مطالب المتظاهرين العراقيين االذين لم يغادروا الساحات منذ أكتوبر 2019، إلا أن الكثير منهم يؤكد أن إجراء الانتخابات دون تنفيذ الشروط المحددة منهم يجعلها "غير شرعية".

من جهته، يقول الناشط حسين الغرابي من ذي قار جنوب العراق إن "ثورة تشرين أرادت انتخابات مبكرة لكن بشروط، أولها قانون انتخابي عادل ومفوضية مستقلة للانتخابات وإشراف أممي مع حصر للسلاح بيد الدولة، أما الان فالكتل السياسية تريد الذهاب لانتخابات بنفس الظروف السابقة التي مررنا بها!".

"لن نعطي أي شرعية لهذا النظام السياسي الفاسد" يؤكد الغرابي لـ"ارفع صوتك".

ورغم أن غالبية الكتل السياسية رحبت ظاهرياً بإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها، وتواصل الدعوة إلى الإسراع باتخاذ كافة الاستعدادات لإجرائها، فإن البيان الصادر عن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 16 نوفمبر الماضي، كشف عن وجود محاولات عديدة لتأجيلها في الوقت الحالي.

وأكد الكاظمي فيه أن "هدف حكومته الانتقالية هي الوصول إلى انتخابات مبكرة على الرغم ممن يحاول وضع العقبات أمامها".

 

"إعادة الترتيب"

في نفسي السياق، يقول المحلل السياسي علي البيدر لـ"ارفع صوتك" إن "تأجيل الانتخابات يحظى برغبة حكومية إلى جانب رغبة الكثير من الأحزاب السياسية خاصة التي تمتلك أذرعا مسلحة".

ويضيف أن "الهدف من محاولاتها التأجيل هو إعادة ترتيب وضعها السياسي والانتخابي من أجل الحصول على مكاسب انتخابية قياساً بالإمكانيات التي حصلت عليها خلال السنوات السابقة من السلاح والأموال والتكتيك العسكري".

ويرى البيدر  أن "انعدام الأرضية المناسبة لإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها، سبب قد يدفع الكاظمي إلى الرضوخ للضغوطات وتأجيل الانتخابات واستكمال ما تبقى من عمر الدورة الانتخابية الحالية".

ويشير إلى أن الكاظمي "يرضخ في الكثير من المواقف لضغوطات الجهات المسلحة وسوف يستسلم لما تريده هذه الجهات في المرحلة الحالية والمقبلة".

ويعتبر نشطاء ومتظاهرون أن "تواجد مليشيات مسلحة تمتلك المال والسلاح والسلطة السياسية المطلقة بدعم من إيران على الساحة العراقية، إلى جانب عمليات التغيير الديمغرافي التي تشهدها المدن المحررة والانفلات الأمني، وضعف سلطة الحكومة في بغداد وعجزها عن التصدي لهذه المليشيات وإنهاء الفساد المستشري في غالبية مؤسسات الحكومة، أبرز المشاكل التي تعيق إجراء انتخابات نزيهة".

 

"قواعدها تراجعت"

من جهته، يؤكد المحلل السياسي عماد الخزاعي أن هذه المليشيات والأحزاب ستواصل محاولاتها لتأجيل الانتخابات لأن قواعدها الشعبية تراجعت كثيرا.

ويضيف الخزاعي لموقع "ارفع صوتك": "لم يعد باستطاعة المليشيات والأحزاب وقادتها عرض أنفسهم في الشارع وسط وجنوب العراق، وحالات رفضهم من قبل الشباب والفئات الأخرى في المجتمع متواصلة، ولم تعد لهم القدرة على خداع الشارع مجددا".

ويرى أن "تأجيل الانتخابات لا يمنع استمرار الضغط الشعبي؛ لأن الشارع ناقم على هذه الأحزاب، لذلك تسعى الطبقة السياسية الحاكمة إلى تأخير المواجهة الحقيقية مع الشعب الثائر الحر المطالب بحقوقه، لكن هذه المواجهة حتمية وسيصل إليها الشعب العراقي مهما كانت الظروف والعوائق".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.