"تعاون أمني ضد الإرهاب وحزب العمال".. ما نتائج زيارة الكاظمي لتركيا؟
عدة اتفاقات، معظمها اقتصادية، تم التوصل إليها بين بغداد وأنقرة خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لتركيا الخميس، فيما لم يتم الحديث عن تفاصيل مهمة لقضايا إستراتيجية ظلت عالقة لعقود وتسببت بأزمات بين البلدين الجارين، وفقا لمراقبين.
وبدأ الكاظمي، الخميس، زيارة رسمية لتركيا على رأس وفد وزاري رفيع أجرى خلالها مباحثات مع مسؤولين أتراك على رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث تمت مناقشة عدة قضايا من أبرزها ملف حزب العمال الكردستاني وملف المياه وملفات اقتصادية أخرى.
وفي حديثه إلى المراسلين عقب اجتماعات مع الكاظمي قال أردوغان إن بلده والعراق اتفقا على مواصلة تعاونهما في محاربة المنظمات المتطرفة، بما فيها تنظيم داعش ومتمردون أكراد.
وأضاف أردوغان "لقد اتفقنا على مواصلة كفاحنا ضد أعدائنا المشتركين، داعش وحزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن الإرهابية".
وشدد أردوغان أن "لا مكان للإرهاب الانفصالي في تركيا أو العراق أو سوريا. لن تجد منطقتنا السلام حتى يتم القضاء على الإرهاب".
وفي حديثه من خلال مترجم، قال الكاظمي للصحفيين إنه "لا يمكن للعراق إبداء التسامح تجاه أي (جماعة) تهدد تركيا".
واتفق البلدان أيضا على مواصلة العمل على خطة عمل اقترحتها تركيا موجهة نحو "الاستخدام الفعال" لمياه نهر دجلة، بعد بناء تركيا لسد إليسو في جنوب شرق البلاد، حسبما صرح الزعيم التركي للصحفيين.
وتابع أردوغان قائلا "بصفتنا تركيا، نؤكد أنه لا ينبغي تقييم المياه كعامل خلاف، بل كمجال للتعاون".
وأضاف أردوغان أنه يأمل في إصلاح خط أنابيب النفط العراقي - التركي الذي دمره تنظيم داعش خلال الصراع ضد الجماعة المسلحة، قريبا، واستئناف نقل النفط إلى الأسواق العالمية.
وتعليقا على نتائج الزيارة قال الصحافي التركي أوزغو ريورول إن هذه "الزيارة مهمة جدا لأنها ناقشت ملفات عديدة حملها الكاظمي ومنها الاقتصاد والمياه وإعادة العمل باتفاقية إلغاء التأشيرة للعراقيين".
وأضاف ريورول للحرة أن "هذا يعني أن العلاقات التركية العراقية، التي شابها بعض التوتر في الماضي، ستأخذ منحى جديدا في المستقبل القريب".
وشنت تركيا العديد من الهجمات البرية والجوية عبر الحدود في شمال العراق المجاور لمهاجمة مسلحي حزب العمال الكردستاني، الذين يحتفظون بقواعد في المنطقة.
وشهد الهجوم الأخير في يونيو، والذي أطلق عليه اسم عملية "مخلب النمر"، نقل كوماندوز أتراك جوا إلى الأراضي العراقية.
وحزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل الدولة التركية منذ العام 1984، تعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
ويرى المحلل السياسي التركي حمزة تكين أن هناك عنوانان بارزان للزيارة، الأول أمني والثاني اقتصادي، مضيفا أن تركيا تعتقد أن الزيارة ناجحة بكل المقايسس، وخاصة فيما يتعلق بمحاربة الجماعات الإرهابية التي تسببت بأزمة بين البلدين في السابق.
ويضيف للحرة أن "من الواضح أن الخلافات بهذا الشأن قد حلت، وأن هناك اتفاقا قد حصل بشأن تضييق الخناق والحرب على حزب العمال الكردستاني، وربما يحصل ذلك بشراكة عسكرية عراقية تركية في المستقبل".
وتوترت العلاقات بين بغداد وأنقرة بعد غارة نفذتها طائرة تركية مسيرة في أغسطس الماضي وأسفرت عن مقتل اثنين من كبار الضباط العراقيين في شمال البلاد، حيث أعربت بغداد عن غضبها لكنها لم تمارس أي ضغوط على أنقرة.
وفي هذا الصدد يقول المحلل السياسي العراقي محمد نعناع إنه "كان يفترض بالكاظمي أن يكون أكثر وضوحا، فيما يتعلق بعدة ملفات من أبرزها المياه والتدخل والوجود التركي في العراق وطبيعة تدفق الدفعات النفطية عبر إقليم كردستان".
ويضيف نعناع للحرة أنه "فيما عدا ذلك كانت أجواء الزيارة مشجعة ويمكن أن تقود لعلاقات أمتن مع أنقرة مقارنة بالمرحلة السابقة".
وعلى الرغم من أنه اعتبر الزيارة مهمة وناجحة على صعيد التوصل لاتفاقات في بعض القضايا الاقتصادية وفيما يتعلق بتأشيرات الدخول، إلا أن نعناع أكد أن هناك غموضا وغيابا للتفاصيل في كثير من المجالات.
وأشار المحلل السياسي العراقي إلى أنه "كان يمكن للكاظمي الضغط على تركيا باستخدام ورقة اتفاق سنجار، الذي يعتبر إيجابيا لتركيا، واستغلاله للتفاوض مع أنقرة بشأن الملفات التي تعتبر أولوية للعراق كالمياه وتصدير نفط إقليم كردستان والتواجد التركي داخل الأراضي العراقية".
وكانت بغداد وأربيل أعلنتا في أكتوبر الماضي التوصل إلى اتفاق وصفتاه بـ"التاريخي" بشأن إدارة منطقة سنجار.
ومن أبرز بنود الاتفاق تشكيل إدارة مشتركة بالتعاون بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان وإلغاء الترتيبات التي وضعت بعد عام 2017. مع تكليف الشرطة الاتحادية بتولي مهام الأمن في المنطقة بالتعاون مع إقليم كردستان. أما البند الثالث، فيشمل الخدمات، وتتم أيضا بالتعاون بين الطرفين لإعادة إعمار المدينة التي تضررت بمستوى ثمانين في المئة بسبب احتلالها من قبل داعش.
وتعرضت سنجار الواقعة شمال غرب العراق، عام 2014 لهجوم عنيف شنه مسلحو تنظيم داعش وقاموا خلاله بعمليات قتل، وسبي للنساء، ودمار شامل في المنطقة.
وعلى الرغم من دحر التنظيم في عام 2015 وانتشار قوات من حزب العمال الكردستاني في سنجار، لا يزال كثير من سكان سنجار وأغلبيتهم إيزيديون، موجودين في مخيمات النزوح بسبب غياب الاستقرار والإعمار في مناطقهم.
وما زاد من تعقيد الأوضاع في المنطقة هو اجتياحها من قبل قوات الحشد الشعبي في عام 2017 بعد استفتاء لتقرير المصير أجراه إقليم كردستان.