العراق

نتائج أزمة الدينار: دعوات لتوسيع رقعة التظاهرات في العراق

22 ديسمبر 2020

بعد تطبيق البنك المركزي لقرار رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي، وارتفاع أسعار البضائع الأساسية مباشرة، انطلقت دعوات لتظاهرات واسعة في البلاد.

وأطلق نشطاء عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسم #إقالة_علي_علاوي_وزير_المالية، الذي دعوا من خلاله لتظاهرات وإضراب عن العمل من قبل الموظفين بسبب مسودة موازنة 2021.

الان حملة شعبية عراقية لإقالة وزير المالية تحشيد لتظاهرات واضراب عن العمل من قبل الموظفين بسبب مسودة موازنة 2021 ...

Posted by ‎سيد علي الموسوي‎ on Sunday, December 20, 2020

 

يقول الناشط حسين عزيز (37 عاماً) لـ "ارفع صوتك" إن " الحملة الشعبية الآن بدأت في التحشيد للخروج بتظاهرات واسعة، تطالب بإقالة وزير المالية علي علاوي بسبب قراراته الساعية إلى تدهور الحالة المعيشية وخاصة الفقراء واصحاب الدخل المحدود".

ويضيف أن "مهمة التظاهرات بالأساس التخلص من الطبقة السياسية الحاكمة التي فقدت السيطرة على كل شيء وبدأت التخبط في قرارات تجر البلاد يوما بعد آخر لخراب شامل".

ويرى عزيز أن "حياة الفرد العراقي تتجه من سيء إلى أسوأ، فما إن يخرج من أزمة حتى يدخل أخرى أصعب منها، ولا حلول أو مساعٍ حكومية سوى الوعود فقط".

ووفقاً للبنك المركزي، فإن القرار اتخذ بعد تزايد الأزمة الاقتصادية.

وفي بيانه لتعليل خفض قيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي، قال المركزي أن "جائحة كورونا وتدهور أسعار النفط وتراجع الايرادات النفطية والعجز الكبير في الموازنة العامة واضطرار وزارة المالية إلى الاقتراض من المصارف وإعادة خصمها لديه بمبالغ كبيرة، لغرض دفع الرواتب، وتلبية الاحتياجات الإنفاقية الأخرى المتعلقة بالخدمات".

وحدد المركزي سعر الصرف الرسمي الجديد عند 1460 دينارا مقابل الدولار الواحد، بدلا من 1190 دينارا للدولار، ما يخفض القيمة الرسمية للعملة بنحو الخُمس.

 

وأمس الاثنين، تظاهر مئات العراقيين في عدة مدن احتجاجا على قرار البنك المركزي. 

وتجمع المئات في ساحة التحرير وسط ببغداد، احتجاجاً على الانخفاض المفاجئ في قدرتهم الشرائية وحثوا الحكومة على إعادة النظر في قرارها. 

ورفع متظاهر شاب لافتة كتب عليها "قبل الدينار الحكومة هي التي يجب أن تنهار". 

وكان بين المتظاهرين بشكل خاص أعداد من كبار السن والمتقاعدين الذين ينتقدون الإجراء الذي أدى إلى خفض قيمة معاشاتهم التقاعدية إلى حد كبير.

وانتشرت شرطة مكافحة الشغب حول ساحة التحرير لكن التظاهرة ظلت سلمية.

وتجمع مئات المتظاهرين الاثنين كذلك في بلدة الكوت جنوب شرق البلاد حيث قال تجار إنهم سيضطرون حالياً إلى تقليل الواردات لأنهم يدفعون بالدولار الأميركي ثمن المنتجات التي يشترونها من الخارج.

ورفع تجار المواد الغذائية الزراعية وتجار الجملة في مدينة الناصرية الجنوبية أسعارهم بنسبة 20%، بحسب مراسل فرانس برس.

وقال المتقاعد سعدي صاحب، "الوضع صعب علينا لأن المواد الغذائية الأساسية صارت أغلى ثمناً منذ هذا التغيير المفاجئ في سعر الدولار". 

وفي مدينة البصرة جنوباً، أكد رئيس الفرع المحلي لمفوضية حقوق الإنسان مهدي التميمي أن ارتفاع الأسعار جاء بمثابة صدمة للمستهلكين.

الاثنين، 21 ديسمبر 2020

تجويع الشعب

من جهتها، تعتبر سهاد حميد (49 عاماً)، وهي موظفة حكومية ، أن قرار المركزي "عقاب للشعب كافة، لأنه عارض الفساد والقتل". 

وتقول حميد التي تشكو من ارتفاع الأسعارلـ " ارفع صوتك"، إن راتبها بالأساس كان ينفد بعد أسبوع من استلامه، والآن بعد هذا الارتفاع غير المتوقع بأسعار المواد الغذائية والأدوية لن يمكث في محفظتها لأكثر من يومين.

وتوضح "أسعار كل شيء في ارتفاع الآن، حتى إيجارات العقارات والمنازل الشهرية، ما يعنى أن حياتنا ستنهار".

"وبعد هذا الغلاء، لن نتمكن من إحداث توازن بين المصاريف اليومية وإيجار المنزل الذي نسكن فيه" تتابع حميد.   

وتذكرها هذه المرحلة بحياة العراقيين إبان النظام السابق تحت حكم صدام حسين، إذ كانت مهمته "تجويع الشعب وشاغل الناس اليومي كيفية توفير لقمة العيش كي لا يلتفت يوماً لسياسته الديكتاتورية والفساد والقتل، الشيء نفسه الذي يقوم به النظام الحالي".

 

التغيير كان شاملاً

في نفس السياق، تقول وعد موفق (26 عاماً)، الذي شارك في احتجاجات أكتوبر 2019 "كنا نطالب عبر بالإصلاح والتغيير، وبالفعل تغير كل شيء ولكن نحو الأسوأ".

ويضيف لـ " ارفع صوتك" أن "التغيير كان شاملاً. إذ توقفت الأعمال والمهن، وتدهورت رواتب الموظفين وربما سيتم تقليصها، ونفدت الخزائن المالية للحكومة وارتفعت الأسعار، وبدأت عمليات القتل لكل من رفع صوته واحتج على الفساد، وغير ذلك الكثير".  

ولا يتوقع موفق، ظهور حلول ناجعة لتغيير الوضع العام في البلاد سوى عبر التظاهر والاحتجاج للتخلص من الكتل السياسية والأحزاب "المتحكمة بلقمة عيش الفقير" على حد تعبيره.  

 

السلطة الحاكمة

ويقول المتخصص في الشأن الاقتصادي جاسم خالد إن "قرار البنك المركزي بعيد جداً عن مسألة حل الأزمة الاقتصادية في البلاد، مالم تتغير خطط العمل والاستثمار المحلي". 

ويضيف "من الممكن أن ينجح القرار القاضي بخفض قيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي ولكن ليس في العراق، لأنه يتطلب دولة تعتمد قوة ناتجها المحلي وغير مفلسة وتعاني من الفساد وسوء الإدارة والتخطيط".

 ويشير  خالد إلى أن المشكلة بالأساس تتعلق بسيطرة تجار ورجال أعمال هم من السلطة الحاكمة أو بدعم منها على الاستيراد وكذلك سوق العملة، الأمر الذي يؤكد أن المستفيد الوحيد من هكذا قرارات هي السلطة الحاكمة نفسها، وأن مسألة تجاوز الأزمات الاقتصادية هي فقط لإسكات غضب الناس.

وكان وزير التخطيط، خالد بتال، دعا أمس الاثنين،  إلى تأسيس سياسات اقتصادية، تساعد على نمو القطاعات الإنتاجية، وتنويع مصادر التمويل، فيما وصف الأزمة الاقتصادية الحالية بـ "الأصعب في تاريخ العراق".

وقال بتال في بيان عقب ترؤسه للاجتماع الرابع لخلية المتابعة، الخاصة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، إن "الاقتصاد العراقي يمر بأصعب أزمة في تاريخه، وهي أزمة مركبة، ومتراكمة عبر عقود طويلة من الإخفاقات، ناتجة عن احادية وريعية هذا الاقتصاد، ما جعله يصل إلى طريق مسدود، يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة، لتجاوز الأزمة، عبر التأسيس لسياسات اقتصادية، تساعد على نمو القطاعات الإنتاجية، وتنويع مصادر التمويل".

ولفت الوزير إلى أن "التزامات العراقمع المجتمع الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهذه الالتزامات تلقي التزامات مهمة على جميع قطاعات الدولة، الحكومية منها والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، والإعلام"، مشيراً إلى دور الوزارات القطاعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي تمثل أساساً للإصلاحات الاقتصادية التي تعمل الحكومة على تحقيقها"، على حد قوله.

ودعا بتال إلى "اعتماد معايير التنمية المستدامة في إنشاء المجمعات السكنية، التي تعتمد عمليات العزل الحراري، بالتالي تقليل استهلاك الطاقة الكهربائية، مع الاستمرار بتوعية المواطنين بضرورة ترشيد الاستهلاك للطاقة بنحو عام".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.