العراق

إجراءات مشددة في العراق بعد "السلالة الجديدة" من كورونا

23 ديسمبر 2020

عندما تبحث نور أحمد وهي في سن 13 عاما في متصفح الإنترنت عن مواضيع تتعلق بجائحة كوفيد-19، تطلب أمها الابتعاد عن ذلك؛ حتى لا تصاب بالمزيد من القلق.

نور الآن في مرحلة الدراسة المتوسطة تحرص على ارتداء كمامة الوجه والامتثال لإجراءات الوقاية الصحية خشية انتقال عدوى فيروس كورونا إليها.  

وتعتقد والدتها، أحلام عباس (39 عاما)، أن نور تبالغ كثيرا في خوفها من الوباء كما غيرها بسبب الأخبار التي كانت تتابعها عبر الإنترنت.

وتقول لـ " ارفع صوتك": "غالبية الناس لم يعد يهمهم وجود الوباء من عدمه، ويسخرون من الأخبار الجديدة ومن الذي يرتدي كمامة الوجه أكثر من السابق".

سلالة كورونا الجديدة

وكانت وزارة الصحة، حذرت من خطورة انتشار سلالة كورونا الجديدة في العراق، مشيرة إلى أنها "تعمل بشكل حثيث للحفاظ على استمرارية تحسن الوضع الوبائي الحالي واستمرار السيطرة على الوباء".

وشددت الوزارة على ضرورة "التزام المواطنين بإجراءات الوقاية والتعليمات الصحية الصادرة عن الجهات الرسمية المخولة وخاصة ارتداء الكمامات والحفاظ على التباعد الجسدي والمواظبة على تعقيم اليدين".

وأكدت الوزارة على أهمية "التزام المحلات والمولات والمطاعم والمقاهي والتقيد التام بالإجراءات الوقائية اللازمة".

واكدت أن "فرقنا الصحية الرقابية وبإسناد من الجهات الامنية تتابع ميدانيا وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين"، مطالبة "القنوات الإعلامية كافة والمؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني بتكثيف حملاتها التوعوية لحث المواطنين على الالتزام بالضوابط الاحترازية اللازمة".

 

أجراء أمني أو سياسي

يقول وسام أمين (25 عاماً) لـ " ارفع صوتك": "لم يعد أحد يهتم بفكرة تفشي سلالة كورونا الجديدة أو لوجود الوباء من الأساس، كما أن الدوائر والمؤسسات الحكومية وغيرها من متاجر التبضع أو صالونات الحلاقة وعيادات الأطباء لا تبذل مجهوداً يُذكر بشأن الوقاية الصحية من الوباء". 

ويبدو أن الأمر لا يتوقف عند هذا فقط، يضيف أمين "حتى النشاطات الفنية والثقافية التي تؤكد عبر الإعلان عنها بضرورة الالتزام باحترازات الوقاية من الوباء إلاّ أنك ستكتشف في زيارة واحدة أنها لا تأخذ التباعد الاجتماعي على محمل الجد".

ويشير  إلى أن الناس توصلوا "لقناعة" بأن الحكومة "لا تهتم لحياتهم وصحتهم"، لذا فأن أي إجراء حكومي بخصوص الوقاية من تفشي الوباء، يعني أن هناك مشكلة أمنية أو سياسية وأن الوباء مجرد ذريعة لا أكثر، على حد تعبيره.

 

فرض حظر للتجوال

لعل احتاج الناس على الأوضاع الاقتصادية المزرية في الآونة الأخيرة، وخاصة المتعلقة بارتفاع سعر الدولار، والاستعداد لاندلاع تظاهرات واسعة في البلاد، يكشف عن أن فكرة التلويح بفرض حظر للتجوال، هي لتدارك الوضع من قبل الحكومة وليس للوقاية الصحية من تفشي سلالة كورونا الجديدة، هكذا يقول رسول كاظم (48 عاماً) لـ "ارفع صوتك".

ويرى أن "محاولات الحكومة إقناع الناس بخطورة تفشي سلالة كورونا الجديدة لم تعد مجدية، لأنها تستغل الوضع الوبائي دائما لأسباب أخرى تخدم مصالحها ووجودها".

ويشير إلى أنه قد ثارت مخاوف مماثلة عن الوباء طيلة الأشهر الماضية، ليتضح بعد ذلك أنها كانت تتعلق بتظاهرات الناس واحتجاجهم ضد قرارات وتوجهات لا تخدم سوى السلطة الحاكمة. 

 

تقرير وزارة الصحة

وشدد مجلس الوزراء على تكثيف الجهود واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية المواطنين والحفاظ على صحتهم بعد ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا اجتاحت عدة دول في العالم، وتهدد بالخطر. 

وقال مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إنه "من أجل مواجهة هذا النمط الجديد من الفيروس، الذي يتميز بسرعة الانتقال والانتشار، وتجنب تفشيه في البلاد". 

وبناءً على ما جاء في تقرير وزارة الصحة، وما تضمنه من تحذيرات من المخاطر التي قد تنجم من انتشار الفيروس، اتخذ مجلس الوزراء جملة من الإجراءات الوقائية، منها: حث المواطنين على ارتداء الكمامات وتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي والوقاية الأخرى.

ومنع السفر إلى كل من بريطانيا وجنوب أفريقيا، وأستراليا، والدنمارك وهولندا وبلجيكا، وإيران، واليابان، وأية دولة أخرى تحددها وزارة الصحة مستقبلا، وكذلك تم منع دخول الوافدين من الدول المذكورة، باستثناء العراقيين وإلزامهم بالحجر الإجباري لمدة 14 يوماً في أماكن تخصص لهذا الغرض.

ولا يسمح للقابعين تحت الحجر من الوافدين بمخالطة الآخرين، حتى ثبوت عدم إصابتهم بالمرض بفحصهم بـPCR لمدة أسبوعين، ولحين وضوح الوضع الصحي العالمي والإقليمي لانتشار هذه السلالة.

كما تم التأكيد على وزارة التربية والمحافظين في المحافظات كافة بعدم إعطاء أي استثناءات تخص أيام دوام المدارس، خصوصا المدارس الأهلية، بما يخالف قرارات اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية بهذا الخصوص، والتأكيد على وزارة التربية للإيعاز لمديريات التربية في المحافظات كافة للتعاون مع شعب الصحة المدرسية في دوائر الصحة، لفحص الطلاب والكوادر ضمن المؤسسات التعليمية، ومتابعة الإجراءات الواجب اتخاذها في المدارس للحد من انتشار المرض.

وأوعزت وزارة الصحة جميع الوزارات ودوائر الدولة للالتزام بالإجراءات الوقائية، للحد من انتقال المرض ومنع دخول أي موظف أو مراجع لدوائر الدولة بدون ارتداء الكمامة، وكذلك غلق المرافق الاجتماعية (المطاعم، المولات، وغيرها) لمدة اسبوعين بدءا من 24/12/2020.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.