"سلاح لجبي الرشاوى".. قرار قضائي يثير الجدل والخوف بين تجار العراق
سبب قرار للسلطة القضائية العراقية يهدد بـ"اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من تسبب بالضرر بالاقتصاد الوطني من تجار العملة الأجنبية أو التجار المحتكرين للبضائع"، الكثير من الجدل والمخاوف داخل السوق العراقية المضطربة أصلا بشكل كبير.
وقال عدد من التجار العراقيين لموقع "الحرة" إن هذا القرار يمنح وزارة الداخلية صلاحيات غير محدودة لمحاسبة التجار من دون أن يضع ضوابط أو تعريفا للمخالفين أو "من يتسبب بالضرر للاقتصاد الوطني" كما يقول سلام البندر، التاجر في سوق الشورجة الكبير في بغداد.
ويضيف البندر لموقع "الحرة" إن "من غير الممكن أن يترك تعريف المتسببين بالضرر لشرطة وزارة الداخلية، لأن هذا يعني مزيدا من الضرر للأسواق".
وتعرضت السوق العراقية لضربة كبيرة بعد قرار الحكومة تخفيض قيمة العملة، الأسبوع الماضي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد المستوردة من الخارج بشكل كبير وسبب خسائر كبيرة للتجار والمستهلكين.
وخفضت الحكومة العراقية قيمة العملة بمقدار 20 بالمئة تقريبا، لتقليل النفقات الكبيرة التي تنوء بها الموازنة بعد انخفاض واردات النفط.
وقال بيان للبنك المركزي العراقي إن السعر الجديد للدينار مقابل الدولار الأميركي حدد بـ 1450 دينارا بدلا من السعر السابق البالغ 1190 دينارا عراقيا لكل دولار أميركي.
ويبلغ حجم موازنة العراق لعام 2021، بحسب النسخة التي سربت مسودتها من البرلمان العراقي أكثر من 150 ترليون دينار عراقي، أي أكثر من 100 مليار دولار أميركي، وهو مبلغ يعتبر كبيرا خاصة وأن الكثيرين توقعوا أن تكون موازنة هذا العام، الذي شهد في العراق صعوبات مالية كبيرة، أكثر تحفظا.
وقال القرار الصادر عن مجلس القضاء الأعلى مساء الثلاثاء إن على وزارة الداخلية "الإيعاز إلى مديريات الشرطة المختصة لإجراء جولات تفتيشية لمحال بيع الجملة وأماكن بيع العملة الأجنبية لضبط المخالفين للقانون".
ويقول القانوني العراقي سلام الخطيب إن "القرار قد يسبب المشاكل فعلا في السوق العراقية التي تعاني أصلا من عدم الاستقرار".
ويضيف الخطيب لموقع "الحرة" إن "القرار استهدف من سبب الضرر بالاقتصاد العراقي من تجار العملة، لكن في الحقيقة فإن البنك المركزي قد سبب حتى الآن ضررا كبيرا بالاقتصاد بسبب إجراءاته التي لم يتحضر لها السوق".
وقال مصدر في الشرطة الاقتصادية التابعة لوزارة الداخلية لموقع "الحرة" إن "مفارز الشرطة لم تنفذ الأمر القضائي حتى الآن"، ويضيف أن "من غير الممكن أن تسبب الشرطة الاقتصادية أي ضرر للسوق في حال تم تنفيذ القرار فعلا لأن المتهمين سيكون من حقهم اللجوء للقضاء لمقاضاة أي أحد يضر بأعمالهم عمدا".
لكن رؤوف حسين، صاحب شركة لبيع الأوراق المالية في بغداد يقول إن "الفساد الموجود في الدولة العراقية يعني أن القضاء منح الشرطة سلاحا ممتازا لجبي الرشاوى من التجار وتهديدهم بالسجن".
ويضيف "من غير الممكن بالنسبة للتاجر أن يتعرض للحجز أو الإغلاق، ثم يجب عليه أن ينتظر لأيام من أجل أن يسمح له القاضي بافتتاح العمل مجددا، وكل هذه خسائر كبيرة سيحاول التجار تجنبها بأي شكل".
وبحسب حسين فإن "الشرطة قد تستطيع إغلاق المحال بحجة أنها مخالفة للتعليمات، أو حجز التجار بنفس الحجة، برغم أنه لا توجد هناك تعليمات أساسا لمخالفتها، والتاجر لا يريد أن يحجز أو يغلق محله فتزداد خسائره فيكون مضطرا للدفع وعدم اللجوء إلى القضاء".
ويؤكد حسين أن القضاء يتصرف بعقلية قديمة لإن "السوق المفتوحة تنظم نفسها بنفسها والأسعار ستستقر حتى لو حاول التجار الاحتكار، لأن هناك منافسة من غيرهم فبالتالي لن يستطيع أحد فرض سعر معين".
ولم يحصل موقع "الحرة" على ردود من مجلس القضاء الأعلى العراقي بشأن طبيعة القرار أو الضوابط التي ستوضع لتطبيقه.
وقال وزير التخطيط العراقي، الاثنين، إن "الاقتصاد العراقي يمر بأصعب أزمة في تاريخه"، "مضيفا أن الأزمة "تراكمت عبر عقود طويلة من الإخفاقات الناتجة عن أحادية وريعية الاقتصاد".
ومن المتوقع أن تنهي بغداد هذا العام المضطرب مع تقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المئة وارتفاع معدل الفقر إلى 40 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة.