Iraqi Prime Minister Mustafa al-Kadhimi, center, speaks to journalists during his visit to Basra, Iraq, Saturday, Aug. 22, 2020…
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، صورة من الأرشيف

خلال ساعات قليلة من مساء الجمعة، انتشرت صور وأخبار وتغريدات أثارت الكثير من القلق بين العراقيين، الذين عبروا عن آرائهم في مواقع التواصل.

وذلك نتيجة الانتشار الأمني للقوات الخاصة في بغداد، وتداول خبر اعتقال عضو في مليشيا "عصائب أهل الحق"، لكن ماذا حصل بالضبط؟

كتب الناشط العراقي والأستاذ السابق في الحوزة العلمية، أسعد الناصري، في تغريدة على تويتر، الجمعة "لن نكون حطباً في صراعات دمى تحركها جهات خارجية. ولن نقبل المساس بالعراق، من أي طرف داخلي أو خارجي".

ورداً على تغريدة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قال "نحن مع العراق. ولم يترك الكاظمي سابقاً أي مجال لنقول إننا معه. لأنه لم يكن جاداً في حفظ هيبة الدولة. صراعه مع غيره من الميليشيات إن صح، ليس فيه من يمثل طرف الدولة".

وكان الكاظمي كتب في تغريدته، التي تبعت تغريدة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اليوم الجمعة، "أمن العراق أمانة في أعناقنا، لن نخضع لمغامرات أو اجتهادات، عملنا بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون".

وبصيغة تهديد، أضاف "طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية أخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر"، وترجم تغريدته للغة الكردية.

أما الصّدر، الذي دعا في وقت سابق الأسبوع الماضي إلى "إعلان حالة الطوارئ" وتكثيف الوجود الأمني في العاصمة بغداد، فناشد عبر تغريدته التي سبقت الكاظمي بنحو نصف ساعة، إيران، أن "تبعد العراق عن صراعاتها".

وقال "العراق الحبيب وقع ضحية الصراع الأميركي- الإيراني، وقد تضرر بصورة لا يصح السكوت عنها وكأنه ساحة لصراعاتهم العسكرية والأمنية والسياسية والفايروسية، وذلك لضعف الحكومة وتشتت الشعب".

وبصيغة تهديدية أيضاً، تابع الصدر في تغريدته التي حصدت ردود فعل متفاوتة بين متابعيه من العراقيين "وفي حال عدم الاستجابة، فسيكون لنا موقف سياسي وشعبي لأحمي شعبي ومقدساتي ونفسي من هذا التدخل غير المقبول بصورة أو بأخرى".

وقال الصدر  بلهجة طائفية حادّة، إن "العراق عراق علي والحسين ولن يتبع لأحد مهما كان وهو مصدر التشيّع الحقيقي ومصدر المقاومة الأول ضد الاحتلال" في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية.

 

وأوضح مصدر خاص لـ"ارفع صوتك" تحفظ الكشف عن اسمه، أن الصّدر استعان بالحكومة لفرض الأمن في بغداد، بسبب مشاكل مع مليشيا "عصائب أهل الحق"، كما طلب منها إدخال القوات التابعة للتيار الصدري إذا لزم الأمر.

 

أخبار "مفبركة"

في نفس السياق، وخلال مدة قصيرة، انتشرت مقاطع فيديو وصور عديدة في صفحات عراقية على مواقع التواصل، تفيد بانتشار قوات تابعة لمليشيا "عصائب أهل الحق" وتواجد الكاظمي في بغداد محاطاً بعناصر القوات الخاصة، بالإضافة إلى انتشار مكثف لعناصر من جهاز مكافحة الإرهاب، إلا أن أياً من ذلك، غير صحيح، وفق تأكيد جهات إعلامية عراقية.

 

بدوره، أكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "الصادقون"، محمود الربيعي، عبر صفحته في "تويتر" زيف ما تم تداوله حول انتشار قوات "العصائب" في بغداد.

وقال في تغريدته "نحن نحترم القانون وندعو لتطبيقه بكل شفافية".

و"الصادقون" هو اسم الكتلة البرلمانية المنبثقة عن "عصائب أهل الحق".

من جانبه، نشر رئيس تحرير صحيفة "وجهات نظر" العراقية، وثيقة، لم يتسن لـ"ارفع صوتك" التأكد من صحتها، تنقل "تحذيراً" استخباراتياً من "اقتحام المنطقة الخضراء من قبل مليشيا عصائب أهل الحق لإطلاق سراح حسام الأزيرجاوي (مطلق الصواريخ) وهو أحد عناصرهم الموقوف حالياً لديها".

وأكدت مصادر أخرى من "العصائب" اعتقال أحد عناصرها، ويُدعى حسام الأزيرجاوي قبل خمسة أيام، بسبب دعوى "مدنية" وليس "استهداف السفارة".

الجدير ذكره، أن  وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن في مارس الماضي، عزمه "تصنيف ميليشيا عصائب أهل الحق كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO) بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية".

كما صنّف الوزير "العصائب" واثنين من قادتها، وهما الأخوان قيس وليث الخزعلي، كـ"إرهابيين عالميين مصمّمين خصيصًا".

وقال بومبيو في حينه إن "العصائب وقادتها وكلاء عنيفون لجمهورية إيران الإسلامية، ويستخدمون العنف والإرهاب نيابة عن أسيادهم في طهران لتعزيز جهود النظام الإيراني لتقويض السيادة العراقية".

 

نشر القوات الخاصّة

وفي وقت سابق اليوم الجمعة، أكدت لجنة الأمن والدفاع النيابية،  دخول فوجين من القوات الخاصة إلى بغداد، استجابة لدعوة الصدر حول إعلان حالة الطوارئ.

وأشار رئيس اللجنة محمد رضا آل حيدر لوكالة الأنباء العراقية،  إلى أن "القيادات الأمنية أجمعت على وجود حاجة إلى انتشار القطعات في العاصمة".

وتابع القول "بغداد تحتاج إلى جيش يسيطر على الأماكن المفتوحة التي تستخدم في استهداف السفارات التي يعد استهدافها خطاً أحمر حسب الأعراف الدولية".

وأضاف آل حيدر أن "هنالك حاجة إلى ضبط الأمن في بغداد لفرض القانون، لأن هنالك اغتيالات وتجاوزات على الأماكن العامة، وعدم احترام الناس، وعدم احترام حتى شرطة المرور".

وبيّن، حسبما نقلت وكالة الأنباء العراقية، أن "لجنة الأمن والدفاع داعمة لمبادرة الصدر بشأن تشكيل لجنة برلمانية للتفاوض مع الجانب الأميركي بشأن جدولة الانسحاب"، مؤكداً أن "كتلة سائرون النيابية تتبنى هذه المبادرة".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.