تمثل عائدات النفط 99 في المئة من عائدات العراق المالية
تمثل عائدات النفط 99 في المئة من عائدات العراق المالية

المصدر - موقع الحرة:

يؤثر قرار الحكومة الإيرانية تقليص تجهيز الغاز الطبيعي للعراق على تجهيزات الطاقة الكهربائية في فصل الشتاء الذي تنخفض به درجات الحرارة بشكل كبير، ما يعني معاناة جديدة للمواطنين تحاول إيران استغلالها عبر ابتزاز بغداد.

خبراء عراقيون وجهوا نقدهم أيضا للحكومات العراقية المتعاقبة لعدم تمكنها من حل أزمة الكهرباء والغاز في البلاد على مدى سنوات طويلة.

وقالت وزارة الكهرباء العراقية، الاثنين، إنها فقدت 7 آلاف ميغاواط من الكهرباء، جراء خفض إيران لواردات الغاز المغذي لمحطات إنتاج الطاقة.

وبحسب البنك الدولي، فإن العراق يحرق نحو 18 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ويحتل المرتبة الثانية عالميا بعد روسيا وقبل الولايات المتحدة، بإحراق الغاز المصاحب لاستخراج النفط.

لكن فيما تصدر روسيا والولايات المتحدة الغاز، يستورد العراق حوالي 20-35 مليون متر مكعب من الغاز شهريا، أي أقل من مليار متر مكعب بقليل في السنة، بحسب رويترز.

ويقول الخبير العراقي في الشأن الاقتصادي، معتز الراضي، إن "إيقاف إيران للتجهيز بالتزامن مع قرار العراق خفض قيمة عملته، يعني أن إيران غيرت نظرتها تجاه الفوائد الاقتصادية التي كان العراق يوفرها لها".

وأضاف الراضي لـ" موقع الحرة" أن "موازنة إيران لعام 2021 تبلغ 33 مليار دولار، فيما كان تبادلها التجاري مع العراق في عام 2020 نحو 13 مليار دولار، أي نحو 40 بالمئة من موازنتها العامة، لكن هذا لم يعني شيئا لإيران، لأنها تعرف أن الوضع الاقتصادي للعراق تدهور ولن يمكنها الاستفادة منه".

وبحسب الراضي فإن "المبالغ الحقيقية التي تدخل إيران من العملة الصعبة العراقية هي أكبر من مبالغ التبادل التجاري بسبب الفساد الذي يسيطر على العراق"، مضيفا "الجمارك الإيرانية أعلنت أن العراق استورد ورودا من إيران بمبلغ 2 مليون دولار خلال ثلاثة أشهر".

ويعتقد الراضي إن "الرقم سخيف ومبالغ به ويعني إن إيران تبالغ بحجم تجارتها مع العراق من أجل التغطية على الأموال العراقية التي تدخل إليها بطرق مختلفة".

ولم تعلق هيئة الكمارك العراقية على طلب موقع "الحرة" التعليق على هذه الأرقام، لكن تصريحات مسؤول الكمارك الإيرانية منشورة على أكثر من وكالة أنباء إيرانية وعراقية".

الديون

وقال مصدر في وزارة الكهرباء لموقع "الحرة" إن هناك زيارة لوزير الطاقة الإيراني رضا إردكانيان إلى بغداد الثلاثاء، ستركز على "بحث موضوع الطاقة والغاز والديون المترتبة على العراق"، مضيفا أن "العراق سيناقش تراجع إطلاقات الغاز المجهزة للمحطات الكهربائية لكي يضمن عودتها".

وأضاف المصدر أن "المباحثات قد لا تكلل بالنجاح لعدم تمكن العراق من سداد ديونه حاليا بسبب الأوضاع الاقتصادية، مما يجعل تجهيز الطاقة في العراق قليلا إلى درجة كبيرة".

وكان المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، قال إن "الديون المستحقة لإيران على العراق تبلغ 2.5 مليار دولار أميركي"، مضيفا للوكالة العراقية الرسمية أن العراق سيناقش مع وزير الطاقة الإيراني "تراجع إطلاقات الغاز المجهزة لمحطات الإنتاج والتي تسببت بخروج 7 الاف ميغاواط من المنظومة الوطنية، مما أثر وبشكل كبير على ساعات التجهيز".

وقال رجال أعمال عراقيون إن تدفق العملة الأجنبية من العراق إلى إيران انخفض بشكل كبير مؤخرا.

وقال س.أ وهو رجل أعمال يمتلك شركة لتداول الأوراق المالية في العراق إن "تدفق العملة الصعبة نحو إيران انخفض بشكل كبير مؤخرا بسبب تخفيض قيمة الدولار الأميركي"، مضيفا أن "السوق العراقية تمكنت من احتواء أزمة خفض العملة بدون آثار مدمرة حتى الآن، إن الكثير من العملة الأجنبية لم تكن فعلا تذهب للاقتصاد العراقي وإنما إلى اقتصادات أخرى".

وأكد أن "عملاءه المعتادين على أخذ الدولار بكميات ضخمة لشراء بضائع من إيران توقفوا بشكل كبير عن طلب هذه العملة".

ورغم أن العراق صرف نحو 60-80 مليار دولار على الكهرباء خلال سنوات، بحسب الأرقام الرسمية، إلا أن مشكلة الكهرباء لا تزال مستمرة فيه وهو غير قادر على انتاج طاقة كهربائية كافية لاستهلاك مواطنيه.

ويقول علي عبد الرسول، وهو مسؤول سابق في وزارة الكهرباء العراقية إن "العراق كان يمكن أن يصل إلى الاكتفاء الذاتي بنحو 20 مليار دولار وخمس سنوات عمل".

ويضيف عبد الرسول إن "الفساد الإداري، والسلطة السياسية التي يمنحها ملف الكهرباء للدول المجهزة للعراق يجعل من تمكين العراق من الاكتفاء كهربائيا أمرا غير مرغوب فيه بالنسبة لأصحاب القرار".

ويقول عبد الرسول إن "العراق يمتلك احتياطيات غاز ضخمة جدا، لكنه يحرقها ويشتري الغاز من دول أخرى".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.