العراق

2021 قد يبدو "أسوأ".. خبير عراقي يدعو المواطنين للتقشف

دلشاد حسين
30 ديسمبر 2020

أدى رفع سعر صرف الدولار في العرق إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق، مسبباً موجة سخط شعبية جديدة على السلطة وآليات إدارتها للبلاد.

وكان البنك المركزي، قرر في 19 ديسمبر الحالي، رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة من 1182 ديناراً إلى 1460 ديناراً، للدولار الواحد.

وأوضح في بيان، أن أسباب إصدار قراره تعود للأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا وتدهور أسعار النفط وتراجع الإيرادات النفطية، والعجز الكبير في الموازنة العامة واضطرار وزارة المالية إلى الاقتراض من المصارف، وإعادة خصمها لدى البنك المركزي وبمبالغ كبيرة، لغرض دفع الرواتب وتلبية الاحتياجات الإنفاقية الأخرى.

 

يقول شوان صباح الذي يمتلك محلاً لبيع المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية في أربيل شمال العراق، إن القرار تسبب بمشكلة كبيرة في الأسواق خاصة بين البائع والمشتري وبين الدائن والمدين.

ويوضح لـ"ارفع صوتك": "أنا واحد منهم، حيث اشتريت بضاعة لمحلي بالدين بنحو عشرة آلاف دولار قبل خفض سعر الدينار، أي عندما كان سعر الـ 100 دولار يساوي 120 ألف دينار، وأبيع البضاعة بالدينار العراقي لذلك يجب أن أحول ما أجنيه من دينار إلى دولار كي أعيد المبلغ للتاجر وعند التحويل اتكبد خسارة كبيرة، لأن سعر 100 دولار أصبح في السوق نحو ١٤٣ ألف دينار، وسيرتفع أكثر خلال الأيام المقبلة".

"من سيعوضني عن هذه الخسائر؟" يسأل صباح.

ولم تهدأ أسواق العراق منذ إصدار القرار، فأسعار السلع وبمختلف أنواعها تواصل الارتفاع يوميا، فيما تشكو غالبية المواطنين من تأخر الرواتب وتراجع الدخل بسبب جائحة فيروس كورونا.

من جهته، يقول كيوان إبراهيم من السليمانية شمال العراق أيضاً، إن الحكومة "فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة الملف الاقتصادي للبلاد، فالمواطن هو المتضرر الرئيسي من سياستها، ويدفع الثمن دائما".

ويضيف "يجب على الحكومة أن تتراجع عن قرارها بأسرع وقت لأنها اثقلت كاهلنا كثيرا".

وإلى الموظف الحكومي صابر عباس،  من العاصمة بغداد، يقول لـ"ارفع صوتك":  "لم تعد الرواتب التي نستلمها قادرة على توفير حاجاتنا اليومية خلال شهر. أصبحنا في أزمة ستكون كارثية خلال الأشهر المقبلة".

ويشكك حيدر الربيعي، وهو الآخر موظف حكومي، في نية الحكومة وقرار رفع أسعار الدولار أنه لمصلحة المواطن ولإنقاذ البلاد من الازمة الاقتصادية.

ويقول لـ"ارفع صوتك": "هذا القرار لا يصب في مصلحة العراقيين وإنما صدر استجابة للأطراف السياسية الموالية لإيران، إذ تستغل أوضاع العراق لتهريب الدولار إلى إيران وحلفائها في المنطقة، بينما نحن أبناء البلد وضعنا سيء للغاية".

ورغم خشيتهم من أن يكون العام المقبل 2021 صعبا عليهم من الناحية الاقتصادية، إلا أن الكثير من المواطنين يترقب المصادقة على الموازنة العامة؛ بحثا عن بصيص أمل.

وفي نفس السياق، يقول الخبير الاقتصادي، خطاب عمران الضامن، إن الاقتصاد العراقي "يغوص" في أزمة اقتصادية تبدو طويلة الأمد في ضوء بنود موازنة عام 2021.

ويوضح لموقع "ارفع صوتك": "لاحظنا في الموازنة استمرار تضخم النفقات العامة مقابل انخفاض الإيرادات العامة، حيث ارتفعت النفقات العامة التشغيلية من 90 ترليون دينار خلال عام 2020 إلى حوالي 122 ترليون دينار في مسودة موازنة العام المقبل، وسط عدم سيطرة الحكومة على إيرادات المنافذ الحدودية وغيرها من الإيرادات العامة الأمر الذي يعني استمرار العجز في الموازنة وارتفاع حجم الديون العامة وفوائدها".

"واستمرار تضخم النفقات بما لا يتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية والمالية للعراق، يشكل خطورة بالغة على هيكل الاقتصاد برمته، بالتالي على الأسرة العراقية اعتماد التقشف لمواجهة ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للدينار العراقي" يتابع الضامن.

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.