العراق

بسلاح ميليشيا كتائب حزب الله.. الحميداوي "يهدد" الدولة العراقية

04 يناير 2021

في أول بيان له، اختار أمين عام ميليشيا كتائب حزب الله في العراق، أن يؤكد على مسألة خلافية تثير القلق بشكل كبير في البلاد، وهي سلاح الفصائل التابعة لإيران، قائلا إنه "سيبقى بأيديهم".

بيان، أبو حسين الحميداوي، صدر بالتزامن مع مرور عام على مقتل الجنرال السابق في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب أمين عام هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، حيث قال إنه لن "يسمح لأحد، كائنا من كان، بالعبث بسلاح" الميليشيا.

وأبو حسين الحميداوي هو، أحمد محسن فرج الحميداوي، مدرج على لائحة الإرهاب الأميركية.

ويقول الخبير العراقي في الشؤون الأمنية، محمد الوائلي، إن "تصريحات الحميداوي هي تحد صريح للدولة العراقية، بل وحتى للمرجعية الدينية التي أفتت بتشكيل الحشد الشعبي، ومن ثم أفتت بأن السلاح يجب أن يبقى تحت سيطرة الدولة وحدها".

وبحسب الوائلي فإن "الحميداوي يبالغ بتقدير قوة سلاحه أو تنظيمها"، مضيفا قوله: "صحيح أن ميليشيا حزب الله قوية، لكن قوتها مستمدة أساسا من ضعف الدولة وليس من سلاح الميليشيا أو تنظيمها".

ويعتقد الوائلي أن "تصريحات الحميداوي محسوبة لإضعاف الدولة، من خلال التحدي الواضح الذي حملته والتهديد بإسقاط الحكومة واقتحام السفارة الأميركية"، مضيفا قوله: "تنخر الميليشيات الهيكل الإداري والقانوني الذي تستند إليه الحكومة، وتقلل من احترام القوات الأمنية والجيش، إلى أن تنهار الدولة بشكل كامل وتسود الفوضى".

وضمن الحميداوي تهديدات في بيانه بأنه "لن يسقط هذه الحكومة، ولن يدخل إلى السفارة (الأميركية) فما زال في الوقت متسع".

لكن الوائلي يقول إن "تهديدات الحميداوي فارغة، ولا تهدف إلا لمزيد من الفوضى لأنه يعرف أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي هجوم يستهدف سفارتها".

وتأتي تصريحات الحميداوي عقب تظاهرات امتدت لساعات في ساحة التحرير في بغداد، وفي مطار بغداد قرب موقع القصف الذي استهدف سليماني والمهندس.

وشارك الآلاف في التظاهرة مرددين شعارات تهاجم رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي وتتهمه بـ"العمالة". فيما أشارت مصادر عراقية إلى أن المشاركين في التظاهرات هم عناصر في الميليشيات الذين وجهت لهم أوامر بالمشاركة ف الحشود.

وقبل التظاهرات، ازداد التوتر بشكل كبير بين الحكومة العراقية وبين الميليشيا التي هدد قيادي فيها رئيس الوزراء بـ"قطع أذنيه مثل النعاج".

تهديدات خطيرة

وحذر ضابط في الجيش العراقي لـ "موقع الحرة" من أن التهديدات التي تطلقها الميليشيات خطيرة وتؤثر بشكل كبير على معنويات الجنود والضباط، "لأنهم يشعرون أن الحكومة تسمح بإهانتهم".

ويضيف الضابط الذي طلب عدم كشف اسمه أن "ميزان القوى العسكرية يشير إلى أن الجيش بإمكانه سحق الميليشيات في وقت قصير، لكن الحقيقة هي أن أي عنصر في الميليشيا بإمكانه توجيه الإهانات لأي ضابط أو جندي بدون أن يحاسبه أحد".

ويخشى الضابط من أن "يتحول ولاء الجنود والضباط الصغار إلى الميليشيا، التي تمنح النفوذ والحماية، والتي لا يبدو أن أحد يستطيع محاسبتها"، مؤكدا أن "تصريحات العسكري المهددة لرئيس الوزراء، ومن بعدها تصريحات الحميداوي، وتصرفات الميليشيات يجب كلها أن تتوقف وإلا فلن تبقى هناك دولة".

ويقول الناشط السياسي العراقي، محمد الزبيدي، لـ "موقع الحرة" إن "رفع اسم أبو علي العسكري في تظاهرات اليوم يدل بوضوح على الجهة التي وقفت وراءها"، مضيفا أن "هناك معلومات تشير إلى أن الحشد الشعبي أبلغ مقاتليه بضرورة التوجه إلى التظاهرة في بغداد تحت طائلة التهديد بعقوبات إدارية".

وسيطرت ميليشيا الكتائب بشكل كبير على إدارة هيئة الحشد الشعبي، بعد مقتل أبو مهدي المهندس وترشيح عبد العزيز المحمداوي المعروف بأبو فدك لشغل منصبه.

ويشغل عبد العزيز المحمداوي، القيادي في ميليشيا كتائب حزب الله منصب رئيس أركان الحشد الشعبي، وهو المنصب الذي كان يشغله المهندس

ويقول الزبيدي "منصب المحمداوي يعطيه صلاحيات إدارية كبيرة على مقاتلي الحشد، ولو أمرهم بالتوجه إلى التظاهر فسيتبعه الآلاف ممن يخافون على رواتبهم".

ويضيف الزبيدي الذي بقي في ساحة التحرير متظاهرا ضد الحكومة لأشهر أنه "لو كان هؤلاء متظاهرون حقا (أي مدنيين) فليبقوا في الساحة كما بقينا".

الحرة / خاص - واشنطن

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.