العراق

إذا انفجر الوضع في المنطقة.. ماذا سيحدث في العراق؟

05 يناير 2021

يعيش المسؤولون في إيران والعراق في حالة توتر مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في العشرين من يناير الحالي، بحسب مصادر ومحللين تحدثوا لموقع "الحرة"، مؤكدين أن هناك إحساسا "بأن شيئا كبيرا سيحدث" داخل دوائر القرار في البلدين.

ومنذ الآن تحاول الدوائر المحافظة في إيران، بحسب المحلل والصحفي، سمير الدليمي، أن تلقي باللوم في أي خسائر محتملة لضربة أميركية على جهات أخرى في الداخل والخارج الإيراني.

والاثنين، هاجمت صحف إيرانية محافظة، رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، وقالت إنه "جلب الفتنة" على إيران، محذرة من تحركات أميركية قالت إنها تهدف لضرب طهران قبل نهاية ولاية ترامب.

ويقول المحلل الدليمي لموقع "الحرة" إن "رئيس الوزراء العراقي الحالي هو أضعف رئيس حكومة علاقة بإيران، وأن الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني تناصبه العداء علانية وهو الشماعة المفضلة لديها لإلقاء اللوم".

وقالت صحيفة "صداي إصلاحات"، المقربة من التيار الإيراني المحافظ، إن الكاظمي أيد إلقاء اللوم على إيران في الاستهداف الأخير للسفارة الأميركية من أجل التغطية الإعلامية على "الموازنة الكارثية" التي خفضت قيمة العملة العراقية وأدت إلى ارتفاع الأسعار.

ولامت الصحيفة الكاظمي على "جلب الفتنة" لإيران، مؤكدة أن "إرسال مستشار رئيس الوزراء أبو جهاد الهاشمي إلى طهران قوبل برفض إيراني لتحميل طهران المسؤولية عن هجوم السفارة الأخير".

وشنت مجاميع مسلحة هجمات على السفارة الأميركية في العراق، كان آخرها هجوما بعدد من الصواريخ التي أطلقت من مناطق نائية من بغداد وأدت إلى إصابات بين المدنيين.

شيء ما سيحدث

ويقول مصدر مقرب لرئيس الوزراء العراقي إن "إيران أرادت أن تنفي بشكل قاطع أي علاقة لها بالهجمات الأخيرة"، مضيفا أن "المسؤولين الإيرانيين والعراقيين يشعرون بالتوتر ولا يريدون أن تتأزم الأوضاع أكثر في المنطقة".

وبحسب المصدر المطلع على نقاشات الحكومة بشأن الوضع الأمني فإن "هناك إحساسا بأن شيئا ما سيحدث لدى المسؤولين العراقيين والإيرانيين، وربما قبل نهاية يناير".

وسيغادر ترامب البيت الأبيض، وفق أغلب التقديرات، في العشرين من يناير الحالي ويسلم السلطة لخلفه الرئيس المنتخب جو بايدن.

ويقول الصحفي العراقي، باسم حمزة، إن " الأجواء الحالية في المنطقة هي أجواء حرب تعززها التحشيدات الأمريكية في المنطقة وتصريحات بعض القادة الإيرانيين المعادية للولايات المتحدة والتي تذكرنا بالتصريحات الفارغة سياسيا لرئيس النظام العراقي السابق، صدام حسين، وقادة نظامه".

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، في وقت متأخر الأحد، أن حاملة الطائرات يو إس إس نيميتز (CVN-68) ومجموعتها الضاربة ستبقى في الشرق الأوسط في أعقاب تهديدات من مسؤولين في الحكومة الإيرانية بمناسبة ذكرى مقتل القائد العسكري الإيراني، قاسم سليماني.

مع هذا، يعتقد حمزة أن "ما يبعد شبح الحرب حاليا أن إيران وحلفاءها، خصوصا المليشيات والأحزاب الشيعة في العراق، لديهم قناعة كاملة بأن أي محاولة جديدة لاستفزاز الجانب الأميركي داخل العراق، سواء ما يتعلق بالهجمات على السفارة أو الأرتال العسكرية الأميركية،، سيرد عليه بشكل حازم ليس داخل العراق بل في الداخل الإيراني وبهجمات عنيفة تستهدف منشآت إيران النووية والعسكرية وهذا ما ألمحت إليه إدارة ترامب والقادة العسكريون بعد الهجوم الأخير على السفارة الأميركية ببغداد".

سيناريوهات متعددة

ويقول المحلل العسكري والضابط السابق في الجيش العراقي، ليث الجبوري، إن واشنطن وطهران تمتلكان خيارات متعددة تتباين من حيث خطورتها، لكنها جميعا تحمل عواقب خطرة جدا بالنسبة للعراق.

ويشمل الخيار الأول ضربات جوية محدودة، بحسب الجبوري، الذي يقول إن الولايات المتحدة تبقي على قوة ردع كبيرة لضمان عدم رد إيران على الضربات الأميركية التي قد تستهدف مواقع نووية وعسكرية.

وفي هذه الحالة قد ترد إيران، بحسب الجبوري، بضربات تستهدف المواقع الأميركية في العراق كما فعلت بعد اغتيال سليماني.

ويضيف الجبوري أن الخيار الثاني يكمن بتوجيه ضربة أقوى تشمل مواقع الصواريخ البالستية والبحرية الإيرانية والمواقع النووية، لضمان عدم قدرة إيران على شن هجوم كبير مضاد على المصالح الأميركية.

في هذه الحالة، فإنه من المرجح أن تطلق إيران ميليشياتها لمهاجمة مواقع ومصالح أميركية في العراق وسوريا، مما يعقد الصراع بشكل كبير، وفقا للجبوري.

أما الخيار الثالث فهو ضربة شاملة، وهو "خيار مستبعد" بسبب قرب نهاية رئاسة ترامب واحتياج ضربة مثل هذه إلى تخويل من الكونغرس، وهي عملية تتطلب وقتا.

ويقول الجبوري إن كل هذه الخيارات يجب أن يسبقها استفزاز إيراني واضح يبرر للإدارة الأميركية أي قرار، مضيفا أن "قرار إيران رفع نسبة التخصيب لم يكن ليتخذ لولا أن طهران تحس بأنه ما يزال لديها مجال للمناورة".

ويقول الجبوري إن "حربا شاملة بين إيران والولايات المتحدة ستحمل آثارا مدمرة في المنطقة، خاصة العراق، الذي يحتوي قوات برية أميركية هي الأقرب للحدود الإيرانية.

الحرة / خاص - واشنطن

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.