نحو 30 ألف حريق في العراق خلال 2020.. ما أسبابها؟
صرّحت مديرية الدفاع المدني العراقي، أن مجمل حوادث الحريق المتعمدة لعام 2020 في عموم المحافظات العراقية عدا إقليم كردستان، كانت (1636) حادثة.
وشملت إحصائيات حوادث الحريق التي اندلعت داخل مبانٍ حكومية وتجارية ودور سكنية وفي الأراضي الزراعية والحقول وغيرها.
وقالت المديرية "بلغت الحرائق (29658) خلال 2020، (5702) منها في القطاع الحكومي، و(679) في القطاع المختلط، و(23277) في القطاع الخاص".
وتنوعت مسببات الحرائق، وفق بيان المديرية، بين حوادث التماس الكهربائي، وعددها (12419)، ونتج التماس عن تذبذب التيار الكهربائي وشبكة الأسلاك الكهربائية المتدلية من المولدات الأهلية.
"يلي ذلك عبث الأطفال الذي تسبب بـ (5835) حادث حريق و(2649) نتيجة الإهمال، و(2038) بسبب أعقاب السجائر، و(808) نتيجة شرارة حادث" حسب المديرية.
كما كان للنزاع العشائري حصة من حوادث الحريق حيث سجلت (116) حادث حريق، و(75) في وسائط النقل، أما الأرقام المتبقية، فكانت حرائق ذاتية ناتجة عن تسرب الوقود والغاز وغيرها.
الصراعات السياسية
يربط العراقيون دائما اندلاع أي حادث حريق في البلاد بالصراعات السياسية، حتى لو أوضحت التحقيقات الرسمية مسببات أخرى.
يقول الناشط القانوني وليد ناصر لـ "ارفع صوتك": "كلنا على دراية أن ما شبّ من حرائق، خاصة في المؤسسات الحكومية ودوائر الدولة كان مُتعمّداً، والتحقيقات الرسمية، التي عادة ما تستبعد ذلك، لا يمكن تصديقها أبداً".
"ولو لم تتضح أسباب الحريق، فإن الكثير من الناس يتهمون جهات سياسية أو حزبية معينة كوسيلة للضغط لتحقيق مكاسب معينة، كما أن مشعلي النيران يختارون عادةً إضرام الأماكن المثيرة للجدل كالمزارع والأبنية الحكومية التي تضم بين أقسامها ملفات بيع وشراء وغيرها" حسب الناشط.
وعانى التجار، خصوصاً في السوق المحلية المعنية ببيع الجملة من حرائق كبيرة خلال الأعوام الماضية تسببت في خسائر فادحة، ولم تفلح أية احترازات في تأمين أسواقهم ومصانعهم، خاصة مع ارتفاع الأسعار، إذ تمثل سلعهم عصب الاقتصاد العراقي المحلي كأسواق "الشورجة وجميلة والسنك".
يقول ناصر، إن "التجار في هذه الأسواق معرضون لخطر الحرائق التي تشبه التصفيات أو الصراعات لتلحق الخسائر بهم مقابل سيطرة غيرهم من تجار متنفذين على سوق الاستيراد أو توفير سلعة معينة".
جرائم خلف الجدران
ويسود على مدى طويل اعتقاد بأن الحرائق المندلعة في الدوائر العسكرية لا تضرمها إلاّ السلطة الحاكمة، وأن السبب وراء ذلك هو "إخفاء أي أثر لجرائم مثل التعذيب والقتل وغيرها".
يقول توفيق رحيم، وهو من المتقاعدين العسكريين إنه "كان يسمع دوماً عبارة "لا تخرجوا من مكان يضم ملفات وأسرار عسكرية إلاّ بعد إضرام النار فيه".
ويضيف لـ "ارفع صوتك": "بعد عام 2003 تم إحراق الأضابير المهمة التي تتعلق بحياة الكثير من ضحايا النظام السابق وتفاصيل أخرى تتعلق بالأملاك المنقولة وغير المنقولة استحوذ عليها النظام وصادر حقوق الملكية آنذاك".
ويرى رحيم أن هذه الخلفيات في مسببات الحرائق قضت على كل التصريحات التي تشير الآن إلى أن هذا الحريق أو ذاك غير مُتعمّد.
إلاّ أن مروان سعدون، وهو صاحب مولدة للطاقة الكهربائية يرى "التماس الكهربائي" كمسبب للحرائق "حقيقة" ويحدث باستمرار.
يقول لـ "ارفع صوتك" إن "تذبذب التيار الكهربائي يؤدي إلى الكثير من الحرائق، وخاصة داخل الأماكن التي تحوي على مواد قابلة للاشتعال".
ويضيف سعدون أن "المشكلة الأخرى تتمثل في الأسلاك الكهربائية المتدلية للمولدات الأهلية والمتشابكة مع بعضها بطريقة مرعبة دائما، وتتسبب بحرائق نتيجة إهمال متابعتها بين الحين والآخر من قبل أصحابها، فضلا عن تشكيلها بطريقة غير منتظمة ومن دون التفكير بخطورتها".
ويعتقد أن بعض الحرائق المتعلقة بالتماس الكهربائي "تندلع بشكل مُتعمد نتيجة الأحقاد والثأر بين أصحاب مولدات الطاقة الأهلية".
"تخريبية وإرهابية"
في نفس السياق، يقول الخبير القانوني ناجح ياسين لـ "ارفع صوتك" إن "رقم (1636) لحوادث الحريق المتعمدة، دليل على خطورة الوضع الأمني بالتوازي مع الإهمال الحكومي له".
ويتساءل عن عدم اعتبار حوادث الحريق المتعمدة في البلاد بأنها "تخريبية وإرهابية" حتى لو كانت أعمالاً فردية!
ويقول ياسين إن "الحكومة مسؤولة بشكل مباشر عن كل الحرائق المتعمدة بأشكالها كافة لغياب الإجراءات الاحترازية أو التحقيقات الرسمية النزيهة بسبب الفساد المالي والإداري المستشري في البلاد".
ويشير إلى أن ما يحدث من حرائق عموماً يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية ويرهق الناس، خاصة أن الحكومة لا تنظر للحرائق على أنها تهديد لسلامة البلاد وأمنها.