العراق

فرقة اغتيالات في الموصل "تحضيرا" للانتخابات النيابية

09 يناير 2021

نقلا عن موقع الحرة

بعد ثلاث سنوات على تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، لا تزال المدينة التي لم تنفض غبار الأنقاض عنها، تعاني من سطوة المليشيات المسلحة عليها، التي باتت متحكمة بشكل كامل بكافة المرافق الحكومية بالمدينة، وفقاً لمتابعين.

وفي سياق المخاوف هذه، ضجت مجموعات التراسل العراقية خلال الساعات الماضية، برسائل جاء في نصها: "وصول مجموعة تنتمي لجماعة ربع الله إلى الموصل، مهمتها تصفية ناشطين، إعلاميين، مدونين، وحتى سياسيين رافضين للمد الإيراني، بالإضافة إلى إرباك للمشهد الأمني في قبل موعد الانتخابات النيابية المبكرة المزمع إجراؤها في يونيو القادم".

 

"نينوى مركز العمليات الإيرانية"

ولم تنف مصادر أمنية لموقع "الحرة" الأنباء المتداولة عن مخططات لتصفية صحفيين وناشطين بالمدينة، ولكنها بالمقابل تصف من يقف وراء هذه العمليات بـ"الخارجين عن القانون".

ولكن مصادر مطلعة في الموصل جزمت بوجود مثل هذه المخططات، متهمة بعض النواب السنة الموالين لطهران بالتعاون مع الميليشيات وتزويدها بالأسماء والعناوين والمعلومات المتعلقة بالمعارضين للمد الإيراني داخل المدينة، وحتى لذوي المعارضين في الخارج.

وأكّدت المصادر  أنّ "سهل نينوى يشكل مركز إدارة العمليات العسكرية والأمنية للمليشيات، حيث هناك مقر للحرس الثوري الإيراني، فضلاً عن وجود فصائل تابعة لمليشيا ربع الله وغيرها داخل مدينة الموصل".

 

فصيل الحاج أبو بسام

المصادر  التي رفضت الكشف عن اسمها خوفا من التصفية تقول: "في حي المهندسين، هناك فصيل تابع لربع الله بقيادة "الحاج أبو بسام"، استولى مؤخراً على منزل أحد المطلوبين، ومن هناك تحدث عمليات الرصد للناشطين والصحافيين وعائلاتهم".

في الساعات الأولى لصباح يوم 3 يناير عام 2020، أسدلت الولايات المتحدة الستار على رجل إيران الأول في المنطقة وذراع المرشد المخربة التي تزعزع استقرار المنطقة، قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، بعد قتله في العاصمة العراقية بغداد.

 

تهديدات مباشرة

وعلّق الباحث في الشأن العراقي، غانم العابد، في حديث لموقع "الحرة"، على المعلومات المتداولة بالقول "هناك محاولة لإرباك المشهد العام في محافظة نينوى، عبر تنفيذ اغتيالات وإحداث الفوضى الأمنية، من أجل عرقلة وصول ممثلين سياسيين حقيقيين لأهالي المحافظة، والسماح للغرباء بالصعود إلى المجلس النيابي لخدمة الأجندة الإيرانية".

وكشف أحد الناشطين، الذي رفض الكشف عن هويته لدواع أمنية، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "ناشطين وصحفيين تلقوا تهديدات مباشرة من مسؤول العمليات الأمنية لكتائب حزب الله ومؤسس فصيل كهفيون، حسين أبو خميني الملائكي، إذ يقوم الأخير بالاتصال شخصيا ويردد عبارة سنضعكم فوق صواريخ الكاتيوشا التي نقصفها على المصالح الأميركية".

وأضاف أنّه "هناك قائمة من المحظورات التي يمنع الحديث عنها، وهي تتعلق بنشاط الميليشيات في المرافق الحكومية وجامعة الموصل".

وتابع: "الخوف يتزايد لأن عناصر الميليشيات ينتشرون في كل مكان في الموصل بشكل سري، نراهم في مرافق المؤسسات الحكومية، وداخل الأحياء السكنية الشعبية، وكذلك لعصائب أهل الحق مكاتب في الساحل الأيسر لمدينة الموصل، ومكاتب لسيد الشهداء في الراشيدية، ومكاتب لكتائب حزب الله في أيمن الموصل.


تحضير مرشح سياسي 

وربطت مصادر سياسية من داخل مدينة الموصل هذه التحركات بالانتخابات النيابية المرتقبة، وقالت: "هناك أحزاب شابة تحاول التغيير والنهوض بالمدينة، ولذلك تحاول ربع الله السيطرة الكاملة قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع، عبر التهديد والوعيد من ناحية وتقديم إغراءات مالية لبعض الناشطين من ناحية أخرى لاستمالتهم".

وكشفت المصادر السياسية لموقع "الحرة" أنّ "عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، يسوقون لمرشح سياسي له تاريخ دموي في البلاد، وبجرى العمل على تحضيره، علماً أنّه يسكن في أربيل حالياً". 

 

خطوات استباقية قبل الانتخابات 

وأوضح العابد أنّ "محافظة نينوى تعتبر العمود الفقري للسنة في العراق، إذ لديها 34 مقعداً نيابياً، ولذلك يجرى العمل على تقطيع أوصال المحافظة، عبر اقتطاع أجزاء منها، كان آخرها عزل قضاء تل أعفر وجعله محافظة مستقلة".

وأضاف "هناك مساع لتغيير ديمغرافي واضح في المدينة، من خلال الاستيلاء على 17 مسجداً سنياً وتقديمها للوقف الشيعي، فضلاً عن الاستئثار على أملاك الوقف السني من محلات تجارية وأبنية وإحالة بعض موظفي بلدية الموصل إلى القضاء بتهم مزعومة". 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.