العراق

حسينية الزهراء في بغداد.. تساؤلات عن مصير منبرها الذهبي

10 يناير 2021

لا يزال الجدل سائدا في العراق بعد انتشار صور منبر مطلي بالذهب ومرصع بالأحجار الكريمة في حسينية "قصر الزهراء" بمدينة الكاظمية في بغداد، في وقت تعاني فيه البلاد ضغوطا اقتصاديا.

وتفاعل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مع الحدث بمجرد انتشار صور المنبر الذهبي في الصحف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وأصدر بيانا طالب فيه بـ"إتلاف المنبر وتوزيعه على الفقراء".

ووصف الصدر، المنبر المرصع بالذهب في حسينية قصر الزهراء، بـ"جريمة شنعاء بحق التشيع والمذهب"، قائلا: "وجب على أهل الحسينية إتلاف ذهب المنبر فورا، وتوزيعه على الفقراء (...) كما على الخطيب الذي ارتقى المنبر عدم ارتقائه لمدة عام أيضا".

وأحدثت صور المنبر الذهبي التي انتشرت منذ يومين على مواقع التواصل ضجة وانتقادات واسعة، رغم أن المنبر افتتحه وخطب عليه رجل الدين الشيعي علي الطالقاني الأسبوع الماضي، بحسب وسائل إعلامية عراقية.

وبعد بيان الصدر، أفاد المتحدث الرسمي باسمه، صالح محمد العراقي، بإغلاق حسينية الزهراء، وإلغاء منبر الذهب "حتى شهر رمضان المقبل".

وأضاف العراقي أنه في حال لم يلتزم الخطيب أو أصحاب الحسينية بالأوامر، سيكون هنالك قرارات لاحقة.

مغردون تساءلوا عن سبب تدخل الصدر، متهمين إياه، بعد بيانه، بالاستيلاء على المنبر، ومشككين فيما قاله بشأن "إتلاف المنبر وتوزيعه على الفقراء".

وتشرف الأمانة العامة للمزارات الشيعية، المرتبطة بديوان الوقف الشيعي، وهي إحدى هيئات رئاسة الجمهورية، على الحسينيات والمساجد الشيعية في العراق. فيما تتولى الحوزة الدينية إدارة الحسينيات والمساجد وإحياء الشعائر فيها.

وقال أحد المستخدمين على تويتر: "إن ثمن المنبر المرصع بالذهب 40 مليون، وثمن السيارة في موكب مقتدى الصدر 80 مليون".

وردا على أسئلة موقع "الحرة"، قال المكتب الإعلامي للبرلماني علي اللامي رئيس تحالف "سائرون" في محافظة ميسان (شرق العراق) إن الصدر "لم يطلب بإتلاف المنبر "لمجرد الإتلاف فقط، بل طالب بتحويله لموارد توزع للفقراء؛ هم أحق بهذه الموارد وأكثر حاجة لها".

ويقود الصدر كتلة "سائرون" التي فازت بالانتخابات في 2018، وحصلت على 54 مقعدا من إجمالي عدد مقاعد البرلمان وهو 329 مقعدا.

وفيما يتعلق بالاتهامات التي طالت الصدر بشأن الاستيلاء على المنبر، قال المكتب الإعلامي، إن الصدر يرى المنبر الذهبي إساءة للدين والمذهب، مضيفا "الاتهامات ليست جديدة (...) كما نعلم وتعلمون فإنه ليس بحاجة لهذا الأمر بتاتا".

ولم تتأكد بعد هوية صاحب المنبر أو من قام بصنعه، وفي هذا الشأن قال مكتب اللامي لموقع "الحرة": "حسب ادعاءات القائمين على الحسينية، فإن شخصا من الأهالي تبرع بالمنبر أو بالأموال اللازمة لتصنيعه، لكن هذا ليس مؤكدا".

وأضاف "الوضع الاستثنائي للبلد لا يسمح بتحمل مثل هذه الفعاليات التي تسيء للإسلام أولا وللبلد ثانيا".

وعن سبب تدخل الصدر في هذا الأزمة، قال المكتب "الصدر هو أحد رجال الحوزة العلمية في النجف الأشرف. كان لابد وأن يبادر لمعالجة هكذا موقف، يعتبر من وجهة نظره إساءة للدين والمذهب".

الحرة/ دبي

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.