العراق

خبير عراقي: انضمامنا لاتفاقية المناخ قد يساعدنا في تحصيل المياه

دلشاد حسين
14 يناير 2021

اعتبر خبراء ومختصون في مجال المياه والمناخ أن الهدف من انضمام العراق إلى اتفاق "باريس" للمناخ، يتمثل في الحصول على دعم مادي ومعنوي لتمويل برامج مواجهة التغيير المناخي، والضغط على تركيا وإيران لاسترداد حصصه المائية. 

وصادق رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح، الأربعاء، على انضمام العراق إلى الاتفاق، مؤكدا في بيان أن الهدف هو "مواجهة التهديدات التي يشكلها التغيير المناخي والتصدي لانبعاث الغازات الدفيئة والكربون".

وجاءت مصادقة صالح على انضمام العراق للاتفاقية بعد مرور شهر من مشاركته في "قمة طموح المناخ" العالمية، التي نظمت في ديسمبر الماضي، عبر الإنترنت، من قبل الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالشراكة مع إيطاليا وشيلي في الذكرى الخامسة لاتفاق باريس للمناخ.

وجمعت القمة قادة الحكومات وقطاع الأعمال والمجتمع المدني من مختلف دول العالم.

وأعلن صالح خلال الكلمة التي ألقاها في القمة عن توجه العراق نحو حقبة جديدة تستند على دعم الطاقات المتجددة وتخفيض انبعاث الكربون والتلوث؛ تلبية للتغيرات المناخية.

وقال "العراق وكاستجابة سريعة لانضمامه إلى اتفاق باريس للمناخ، شرع بكتابة وثيقة المساهمات الوطنية باعتبارها السياسة العليا للبلد حول التغيرات المناخية، وتؤسس للاقتصاد الأخضر والمستدام وتحجيم انبعاث الكربون".

 

السياسات المائية

من جهته، يصف الخبير الإستراتيجي رمضان حمزة محمد، انضمام العراق إلى "اتفاق باريس للتغييرات المناخية" بأنه "شكلي أكثر مما هو موضوع حماية للبيئة العراقية والمجتمع من آثار تغييرات المناخ".

ويوضح لموقع "ارفع صوتك": "لا يمتلك العراق قاعدة صناعية ولا يتمتع بنهضة صناعية متقدمة، لذلك فالأمر لا يعدو أكثر من خطوة دبلوماسية تظهر بها كدولة موقعة على اتفاقية عالمية، وبيانه كدولة ضمن مجموعة 190 دولة الموقعة على الاتفاقية، خاصة أن التغييرات المناخية هي الموضوع الأكثر إثارة للجدل، لأنه يتعلق بحياة السكان وضمان توازن التنوع الإحيائي والإيكولوجي على الأرض".

ويحدد محمد الأوجه التي يمكن للعراق الاستفادة منها عبر توقيعه هذه الاتفاق، بقوله "يمكن الاستفادة من خلال الضمانات بشأن الحصول على الدعم الماليّ وغيره من أشكال الدعم والمساعدة من الدول المتقدّمة المشاركة في هذه الاتفاقية إلى العراق كدولة نامية".

ويؤكد أن العراق "يعاني من ظاهرة التصحر بسبب تغير المناخ وكذلك قلة الوارد المائي من دول الجوار المائي (تركيا وإيران) اللتين أحكمتا السيطرة الكاملة على المياه الدولية المشتركة التي تدخل الحدود العراقية، ما تسبب في تفاقم تدهور التربة والزراعة، وأدى إلى زيادة العواصف الرملية بسبب السياسة المائية لدول المنبع لنهري دجلة والفرات وروافدهما".

ويقول محمد "انضمام العراق للاتفاق يساعده في الحصول على ضمانات بشأن تمويل برامج مواجهة تغيّر المناخ، كإنشاء أحزمة خضراء في مناطق الجزيرة والبادية الغربية وحول المدن الكبيرة، والحصول على الدعم الدبلوماسي والمعنوي للضغط على تركيا وإيران لضمان حصصه المائية".

"كل هذا سيساعد كتدابير لتخفيف آثار تغيّر المناخ على العراق" يضيف محمد.

 

لا يسير في الاتجاه سليم

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حذر في قمة"طموح المناخ"، من أن التقاعس عن العمل المناخي سيؤدي إلى عواقب كارثية.

ودعا إلى وقف الاعتداء على كوكب الأرض وتعزيز الطموح في مجال العمل المناخي.

وقال غوتيريش إلى أن العالم "لا يسير في الاتجاه السليم بعد خمس سنوات من اعتماد اتفاق باريس الذي تعهدت فيه الدول بالحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية".

"وإذا لم نغير المسار، قد نتجه إلى ارتفاع كارثي في درجات الحرارة يقدر بأكثر من3درجات مئوية خلال القرن الحالي" أضاف الأمين العام.

في هذا السياق، يقول المختص بمجال المناخ صادق عطية، إن تصريحات المسؤولين العراقيين بمجال المناخ في الواقع مختلفة عما هو مكتوب على الورق ضمن الالتزام بالاتفاق.

ويتابع لـ"ارفع صوتك": "ما زال العراق يعتمد على حرق مخلفات النفط في الهواء، مسبباً الكثير من المضار البيئية البيئة، كما أن عمليات تجريف الأراضي الزراعية مستمرة، ما يؤدي لزيادة الاحتباس الحراري، إضافة لعدم السيطرة على التوسع السكاني الذي يساهم هو الآخر في زيادة الانبعاثات الحرارية وارتفاع درجة حرارة".

ويؤكد عطية أن الحكومات العراقية المتعاقبة "لم تستطع السيطرة على الانبعاثات الغازية ولم تتجه إلى استخدام الطاقة البديلة كوسيلة للحد من هذه الظاهرة".

ويوضح أن "عدم قدرة العراق على المصادقة على الاتفاق والالتزام به حتى الآن، تعود إلى حاجته لدعم مادي ومعنوي دولي، وهو ما سيحصل عليه حسب مقررات اتفاق باريس، حيث تعهدت الدول المشاركة بمساعدة البلدان النامية الفقيرة التي لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها في مجال مواجهة الاحتباس الحراري والتغيير المناخي مالياً ومعنوياً".

ويعتبر اتفاق باريس للمناخ أول اتفاق عالمي بشأن المناخ أعلن عنه عقب المفاوضات التي شهدها مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغير المناخي الذي عقد في باريس عام 2015، ويهدف الاتفاق إلى احتواء ارتفاع درجات الحرارة العالمية لنحو 1.5 درجة مئوية.

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.