ما هي سيناريوهات المشهد العراقي بعد تأجيل الانتخابات؟
ازدياد سطوة المليشيات الموالية لإيران وترسيخ نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي وتكميم أصوات المحتجين بالكامل، واندلاع جديد للتظاهرات في بغداد ومدن الجنوب، أبرز ما ينتظره المشهد العراقي من سيناريوهات بعد إعلان الحكومة تأجيل الانتخابات المبكرة إلى أكتوبر المقبل، حسب مراقبين.
وصوت مجلس الوزراء العراقي بالإجماع في جلسته التي عقدها، الثلاثاء، وحضرها أعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على تحديد 10 أكتوبر المقبل، موعداً جديدا لإجراء الانتخابات المبكرة.
وأعلن المجلس في بيان أن "قرار التأجيل بعد دراسة مقترح قدمته مفوضية الانتخابات إلى مجلس الوزراء، ينطوي على أسباب فنية مهمة، من شأنها أن تضمن نزاهة الانتخابات وتساوي الفرص أمام الجميع لخوض الانتخابات بحرية وعدالة".
ولم يكن هذا القرار أمراً مفاجئا بالنسبة للشارع العراقي، فالأوساط السياسية والشعبية توقعته في ظل ضغوطات من إيران ونفوذها على الحكومة لإصدار القرار منذ اللحظة الأولى لتحديد موعد الانتخابات من قبل الكاظمي.
يقول المختص بالشأن العراقي عبدالقادر النايل لموقع "ارفع صوتك"، "بعد سيطرتها على أهم مفاصل الدولة، تسعى المليشيات الولائية التي تشرف عليها إيران إلى أن يكون رئيس الحكومة القادم منها، لكن تذمر الشعب العراقي ومحاولاته المستمرة للتخلص منها والأحزاب الموالية لولي الفقيه الإيراني، جعلهم متخوفين من نتائج الانتخابات المبكرة إذا نظمت في موعدها السابق، لذلك أجلوها كي يضعوا الترتيبات التي تؤهلهم للسيطرة على المفوضية وصناديق الاقتراع خلال الأشهر المقبلة وصولاً إلى أكتوبر".
والسبب الثاني حسب النايل هو "انتظار هذه المليشيات والأحزاب وضوح الرؤية الأميركية باتجاه بدء المفاوضات الإيرانية الأميركية مجددا حول ملف إيران النووي، خشية النظام في إيران من إجراء انتخابات غير مضمونة في العراق ربما تأتي بحكومة أقرب لواشنطن أو لن تكون أداة إيرانية كما هو الآن".
ورغم أن إجراء الانتخابات المبكرة النزيهة بإشراف دولي كان وما زال مطلبا رئيسيا للناشطين والمحتجين العراقيين الذين شاركوا في تظاهرات تشرين منذ2019، إلا أن تواجد مليشيات مسلحة تمتلك المال والسلاح والسلطة السياسية المطلقة بدعم من إيران على الساحة العراقية، إلى جانب عمليات التغيير الديمغرافي التي تشهدها المدن المحررة والانفلات الأمني، وضعف سلطة الحكومة في بغداد وعجزها عن التصدي لهذه المليشيات وإنهاء الفساد المستشري في غالبية مؤسسات الحكومة، طالما مثلت أبرز العوائق التي يخشاها النشطاء.
في هذا السياق، يقول الخبير الإستراتيجي علاء النشوع لموقع "ارفع صوتك"، إن "تأجيل الانتخابات هو سيناريو إيراني جديد للسيطرة الكاملة على العراق في كافة المجالات، خاصة أن حكومة الكاظمي لا تستطيع مواجهة المليشيات والأحزاب الموالية لإيران الآن، وفي هذه المرحلة الصعبة والخطيرة على المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص".
وحسب متابعة موقع "ارفع صوتك" لآراء الشارع العراقي، فإنه لا يعول كثيرا على الموعد الجديد الذي حددته الحكومة لتنظيم الانتخابات المبكرة، لأنها المرة الثالثة التي تؤجل فيها هذه الانتخابات، ويعتبر التأجيل المستمر محاولة لجر الموعد إلى عام 2022 حيث تنتهي الدورة النيابية الحالية.
من جهتها، تقول الناشطة هديل بهاء لموقع "ارفع صوتك": "تأجيل الانتخابات هو تنفيذ لمخطط وضعته المليشيات والأحزاب يهدف إلى تكميم الأفواه بشكل أكبر من خلال توسيع استهداف الناشطين والمتظاهرين خلال الأشهر المقبلة، أي أننا على موعد مع قمع أوسع للحريات بهدف تمهيد الأرضية لبقاء هذه المليشيات والأحزاب مسيطرة على العملية السياسية في البلاد".
فيما يرى علي الأغوان، وهو أستاذ علوم سياسية في جامعة "البيان" غياباً للمطلب الشعبي الملح في عدم تأجيل الانتخابات، بالتالي "ليس لذلك وقع كبير على المجتمع".
ويؤكد الأغوان لموقع "ارفع صوتك"، أن "تحديد السيناريوهات المقبلة يعتمد على مدى ضبط النفس لدى الأطراف التي تواجه بعضها البعض حاليا، وهي الحكومة والفصائل المسلحة والشارع الغاضب الذي ما زال يتواجد جزء منه في الشارع أو ربما تندلع التظاهرات مجددا في بغداد نتيجة سوء الأوضاع".
ويضيف أن السيناريوهات المقبلة حتى إجراء الانتخابات المبكرة تعتمد على مدى بقاء هذه الأطراف الثلاثة متوازنة فيما بينها وألا تتخذ أي خطوة تهدد مصالح الطرف الآخر وإلا ستتدهور الأوضاع.