لوحات تشكيلية تروي ما عاناه أهالي الموصل تحت سيطرة تنظيم داعش، وأخرى توثق قصص النهوض بعد تحرير المدينة، إلى جانب صور فوتوغرافية ونماذج ثلاثية الأبعاد للمباني المدمرة.
هذه بعض ملامح مشروع "موصل الفن والحياة" الرقمي، الذي تستضيفه منصة "Google" للفنون والثقافة.
وينطلق اليوم الخميس، بتنظيم راديو الغد المحليّ، في الذكرى السنوية الثانية لمعرض "العودة إلى الموصل" الذي نظم أول مرة عام 2019 بمشاركة نحو 39 فنانا تشكيليا من محافظة نينوى ومناطق أخرى في العراق، وعدد من الفنانين العرب.
وسيكون المعرض متاحاً باللغتين العربية والإنكليزية على منصة "Google" للفنون والثقافة، مكوناً من ثلاثة أقسام رئيسية: المعرض التشكيلي الذي يضم 90 لوحة، ومعرض للصور الفوتوغرافية الخاصة بمصوري الموصل، وعرض رقمي باستخدام تكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لأبنية مهمة مثل جامع النوري ومنارته الحدباء، وغيره من المدمرة على يد تنظيم داعش.
مستقبل المدينة
يقول مدير "راديو الغد" محمد الهاشمي لموقع "ارفع صوتك"، إن محور أغلبية اللوحات التشكيلية في المعرض هو الموصل، فهي تجسد الفترة التي عاشها الموصليون تحت سيطرة داعش وما بعد التحرير، إضافة إلى رؤية الفنان لمستقبل المدينة.
ويوضح أن هدف المعرض "بعث رسالة التعافي التي بدأت تشهدها الموصل وتسليط الضوء على ما يهم الإنسان العراقي وتوثيق المناطق والمواقع التي تعرضت للتدمير وأرشفتها بطريقة حديثة، لإحياء الذاكرة المرتبطة بها".
وخلال العامين الماضيين، شهد المعرض الكثير من الإضافات، وخلال هذه الفترة عمل المنظمون على رقمنته، بحيث يمكن استضافته على منصة "Google" للفنون والثقافة كي يكون متاحا للعالم، من أجل التعرف على قصة الموصل، حسب الهاشمي.
من جهته، يقول مسؤول مشاريع الحفاظ على التراث في "Google" للفنون والثقافة، تشانس كونيور، إن مؤسسته تستهدف مساعدة المجتمعات أينما كانت في الوصول والتفاعل مع الثقافة والتراث حول العالم، عبر التعاون مع مؤسسات ثقافية وشركاء في جميع أنحاء العالم.
وعن سبب اهتمام المنصّة بالموصل وتراثها، يقول كونيور لـ"ارفع صوتك: "تتمتع المدينة بتراث وفن غنيين قد لا يعرف عنهما الكثيرون، الأمر الذي جذبنا للعمل مع راديو الغد لمساعدة الفنانين وأهل الموصل في مشاركة قصصهم مع العالم والمساهمة في جهود الحفاظ على المعالم الأثرية المدمرة".
"استطعنا في العراق بالتعاون مع شركاء محليين من تشجيع المجتمع لاكتشاف ثقافة العراق الغنية. فعلى سبيل المثال، أطلقنا مشروع (الحفاظ على تراث العراق) بالتعاون مع صندوق الآثار العالمي في عام 2017 الذي ركز على تراث بابل وتعاونّا مع Museum Island Berlin لإطلاق مشروع بوابة عشتار في عام 2018 وغيرهم الكثير" يتابع كونيور.
ويأمل أن تتمكن المنصّة من الاستمرار في دعم الشركاء الثقافيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمشاركة تراثهم مع العالم.
المرأة ونهوض المدينة
يحتضن المعرض لوحات عديدة تبرز دور كافة فئات المجتمع وفي مقدمتها المرأة الموصلية، وكيف عاشت أصعب أيام حياتها خلال أكثر من ثلاث سنوات من احتلال التنظيم الإرهابي للموصل، ودورها في النهوض بالمدينة بعد التحرير وإعادة الحياة لها.
وتعتبر الفنانة التشكيلية من بغداد فيحاء الآغا، أن الثيمة الموحدة للمعرض المتمثلة بالموصل هي أبرز ما يميزه عن المعارض الأخرى.
وتقول لـ"ارفع صوتك": "تتمحور جميع اللوحات حول قصص هذه المدينة ومعاناة أهلها إثر الخراب الذي لحق بها، والفنانون أنفسهم عاشوا هذه المعاناة، وحوّلوها إلى لوحات تروي قصتهم وقصة المدينة".
في نفس السياق، يحرص الفنان التشكيليمن الموصل، حكم ناطق الكاتب، على "رواية أحداث نينوى التاريخية عبر الرموز التي تبرز دور السكان فضلاً عن سرد حوادث السقوط التي تعرضت لها المدينة على طول تاريخها والمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بها".
ويضيف لموقع "ارفع صوتك": "كفنانين من الموصل، نحتاج هذه المعارض التي توصل أصواتنا إلى العالم، لأننا نحمل هموم أبناء نينوى. وهذا المعرض بالذات طفرة نوعية بالنسبة للفن التشكيلي في محافظتنا".