إيران: إعدامات واعتقالات بالجملة في أقاليم كردستان والأحواز وأذربيجان
تشهد أقاليم كردستان والأحواز وبلوجستان وأذربيجان في إيران، حملات اعتقال عشوائية متواصلة، تشنها أجهزة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني منذ نهاية ديسمبر الماضي، أسفرت حتى الآن عن اعتقال أكثر من 128 شخصا من مختلف الفئات المجتمعية.
وكشف معارضون للنظام الإيراني عن أن عدد المعتقلين في هذه الحملات المستمرة منذ نحو شهر تجاوز المئات، لكن الأجهزة الأمنية والحرس الثوري "هددا عائلاتهم بإعدام أبنائهم، إذا أدلوا بأي معلومات حول الأمر".
يقول خليل نادري، وهو المتحدث باسم حزب الحرية الكردستاني المعارض للنظام في إيران، لموقع "ارفع صوتك": "تستهدف حملات الاعتقال هذه المرة كافة فئات المجتمع في كردستان، عوضاً عن إعدام مجموعة من السجناء السياسيين والناشطين، بينما فارق اثنان من المعتقلين السابقين الحياة تحت التعذيب في السجون".
ويضيف نادري "بحسب الإحصائيات التي حصلنا عليها أعدم النظام خلال عام 2020 الماضي أكثر من 251 ناشطاً ومعتقلاً سياسياً من مختلف الشعوب التي تعيش في إيران، وكانت حصة الناشطين والمعتقلين الكرد ربع هذا العدد، إضافة إلى الأشخاص الذين أعدموا سرا، بينهم نساء وأطفال".
ولم يتوقف النظام الإيراني على مدى أكثر من 42 سنة عن عسكرة المدن وفرض القيود على الحريات وتكميم الأفواه وقمع الأصوات المعارضة وكافة الشعوب المتواجدة داخل جغرافية إيران الحالية، وتحويل البلاد إلى سجن كبير منعزل عن العالم الخارجي.
من جهته، يقول عارف باوجاني، رئيس حزب سربستي كردستان، إن "الاعتقالات الحالية ناجمة عن خوف النظام الإيراني من الشارع بشكل عام ومن الشارع الكردي خاصة".
ويوضح باوجاني الذي يتزعم في الوقت ذاته التحالف الليبرالي "زاغروس"، لموقع "ارفع صوتك" أن "الحملة بمثابة تهديد وترهيب للشباب لمنعهم من التظاهر فيما إذا كانت لديهم أي فكرة بالمشاركة في النشاطات والتظاهرات".
"لأن النظام يعلم أنه يقترب من النهاية ويرى أن الفكر القومي لدى المواطنين في كردستان زاد بشكل ملحوظ، وهناك تمسك بفكرة الدولة الكردية، لذلك يسعى عبر الاعتقالات والقمع إلى تخويف الناس ومنعهم من النضال والمطالبة بحقوقهم" يتابع باوجاني.
ويلفت إلى أن عدد المعتقلين في مدن كردستان إيران لوحدها تجاوز 76 معتقلا، وسط استمرار الحملات التي يشنها الحرس الثوري الإيراني لتدمير البيوت وتنفيذ الإعدامات وتدمير وحرق مناطق كاملة في كردستان والأحواز وبلوجستان وأذربيجان.
أما عدد المعتقلين في الأحواز حسب إحصائيات حصل عليه موقع "ارفع صوتك" من الحزب الليبرالي الأحوازي، بلغ 28 معتقلا بينهم 8 نساء، وغالبيتهم من الشباب الباحثين عن العمل.
وأعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية في التقرير العالمي الذي نشرته منتصف يناير الجاري، أن السلطات الإيرانية أحكمت قبضتها على النشاط السلمي خلال العام الماضي، وسجنت محامين ومدافعين حقوقيين، بالإضافة إلى الذين احتجوا على الفساد وسوء الإدارة والقمع الحكومي.
وقالت المنظمة في تقريرها: "بينما تكافح البلاد للسيطرة على تفشي فيروس كورونا، استبعدت السلطات القضائية والاستخبارية الإيرانية عشرات المدافعين الحقوقيين والسجناء السياسيين من إجراءات الإفراج المؤقت للحد من اكتظاظ السجون، وتواصل سجن المدافعين الحقوقيين وأولئك الذين ينتقدون سلوك الحكومة، لكنها لم تتخذ أي خطوات لمحاسبة المتهمين بارتكاب انتهاكات حقوقية جسيمة، لا سيما قوات الأمن التي استخدمت القوة المفرطة والقاتلة ضد المتظاهرين في نوفمبر 2019".
وصنفت المنظمة إيران كواحدة من الدول الأكثر تنفيذا للإعدام، وقالت "أعدمت السلطات في إيران 233 شخصا خلال الفترة الممتدة من مطلع 2020 حتى 19 نوفمبر منه".
في نفس السياق، يعتبر المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني، سوران بالاني، شن الحرس الثوري لهذه الحملة الواسعة من الاعتقالات "جزءاً من مخططه لاستكمال السيطرة على الساحة السياسية في إيران بعد أن تمكن خلال السنوات الماضية من التحكم بالجوانب العسكرية والاقتصادية والأمنية".
ويكشف بالاني لموقع "ارفع صوتك" عن أن "عدد المعتقلين خلال الحملة تجاووز في كردستان والأحواز وبلوجستان وأذربيجان بشكل عام، 128 معتقلا بينهم نساء وأطفال أيضا".
ويؤكد أن "طهران تهدف من خلال هذه الحملة إلى الانتقام من الكرد والشعوب الأخرى داخل جغرافية إيران، التي تظاهر أبناؤها خلال السنوات الماضية ضد النظام وأجهزته السياسية والأمنية القمعية".
"ويأتي توقيت هذه الاعتقالات بالتزامن مع المحاولات الدولية لإعادة المفاوضات على الملف النووي الإيراني" يتابع بالاني.
ويقول إن "مصير المعتقلين ما زال مجهولا ولم تتمكن عائلاتهم من معرفة أماكن احتجازهم" مضيفاً "كما أن جزءاً كبيراً منهم اعتقل عبر مداهمة بيوتهم في أوقات متأخرة ليلاً والقسم الآخر في الطرقات ومن داخل أماكن العمل".
ويشير بالاني إلى أن الحملة تنفذ من قبل جهاز الاطلاعات (الاستخبارات) التابع للحرس الثوري، للتمكن من السيطرة على كافة مقاعد مجالس المحافظات ورئاسة الدولة خلال الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجالس المحافظات المقبلة التي ستشهدها إيران في يونيو المقبل.