العراق

انتخابات العراق المقبلة… هل تغيب عنها التحالفات السياسية؟

03 فبراير 2021

خشية من أنصار التظاهرات وما أفرزته احتجاجات تشرين، ولحسابات أخرى فرضتها الخارطة السياسية الجديدة، تمتنع أحزاب "الحرس القديم" في العراق أو ما يعرف بالأحزاب التي واكبت العملية السياسية منذ عام 2003 بعد تغيير النظام السابق، من إجراء مفاوضات مع بعضها لإنشاء تحالفات جديدة، استعداداً لخوض الانتخابات المبكرة.

وأعلنت المفوضية المستقلة للانتخابات، في الـ17 من كانون الثاني، 2021، تمديد فترة تسجيل التحالفات السياسية، وبعد يومين من هذا الإعلان، وعلى إثر اقتراح المفوضية ذاتها، أعلنت الحكومة العراقية تأجيل الانتخابات البرلمانية 4 أشهر، ليكون إجراؤها في 10 تشرين الأول 2021، وهو ما يتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لانطلاق احتجاجات تشرين.

وفي وقت لاحق، أعلنت المفوضية عن آخر موعد لتسجيل التحالفات والكيانات السياسية، قائلة إنه "بحسب الجدول الزمني لتنفيذ مراحل العملية الانتخابية، لانتخاب مجلس النواب العراقي ٢٠٢١ سيكون آخر موعد لاستقبال طلبات تسجيل التحالفات والكيانات السياسية الراغبة بالمشاركة في الانتخابات المقبلة هو العاشر من فبراير/ شباط ٢٠٢١".

استعداد لما بعد النتائج

يقول القيادي في تحالف الفتح (بزعامة هادي العامري رئيس منظمة بدر) غضنفر البطيخ إن "الحوارات بين القوى السياسية بشأن تشكيل التحالفات الانتخابية متوقفة"، رغم أن أمام الأحزاب السياسية 20 يوماً فقط لتسجيل تحالفاتها لدى مفوضية الانتخابات.

ويوضح البطيخ في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن "الكتل السياسية تريد هذه المرة خوض الانتخابات بشكل منفرد، ليتم بعد إعلان النتائج تشكيل التحالفات".

من جانبه، ينفي القيادي في حزب الدعوة الاسلامية (بزعامة نوري المالكي) رسول راضي وجود أي حراك سياسي جديد لتشكيل تحالفات انتخابية.

ويقول راضي إن "هناك حراكاً أولياً ومبدئياً، بين عدد من زعماء القوى السياسية، لغرض تشكيل تحالفات سياسية ما بعد إعلان نتائج الانتخابات، لا لخوض الانتخابات، كما كان سابقاً"، مؤكدا أن "الترشيح سيكون (فردياً)، ولهذا كل كتلة سوف تشارك بمفردها، وما بعد الانتخابات ستعرف كل كتلة حجمها، وستكون هناك تحالفات سياسية جديدة".

وخلال مؤتمر صحفي، عقده بمنزل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أكد المتحدث باسم الأخير صلاح العبيدي أن "الحديث عن التحالفات السياسية في هذه الفترة أمر بعيد".

وبهذا فإن الفكرة باتت واضحة، بأن أطراف الحرس القديم لا تنوي التحالف مع بعضها مرة أخرى، ويعزو البعض هذه التغييرات إلى نتيجة وتأثير احتجاجات تشرين على الواقع السياسي في العراق.

الغلبة لمن؟

وتمكن محتجو تشرين من تنظيم أنفسهم اثناء اندلاع الاحتجاجات منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بعد أن مورس بحقهم أقسى أنواع العنف، من استهداف بالرصاص الحي والقنابل الدخانية، ذهب ضحيتها نحو 700 قتيل وفقاً لإحصائيات رسمية، واعتقالات عشوائية، وفرض حظر للتجوال، وقطع الإنترنت لأيام.

هذا الإصرار، أرغم الاحزاب السياسية على إعادة النظر والحذر الشديد من أي خطوة جديدة نظراً لوجود رأي عام على أن الانتخابات المقبلة، ستكون آخر فرص النظام السياسي في عراق ما بعد 2003، وفقا لما ذكره النائب محمد الدراجي الذي كتب بتغريدة  على ’’تويتر’’، في 2020/07/31، أن "الانتخابات المبكرة آخر فرصة لتغيير النظام السياسي بصورة طوعية".  

 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.