العراق

"خور عبدالله".. حوادث تتكرر واتهامات تلاحق مليشيات عراقية

04 فبراير 2021

نقلاً عن موقع الحرة

للشهر الثاني على التوالي، شهد خور عبدالله الملاحي في العراق هجوما على سفينة، الأمر الذي أرجعته نائبة عراقية إلى محاولة استهداف النفط العراقي.

ويقع الخور في شمال الخليج بين العراق والكويت، حيث قسمت الدولتان الممر بينهما فيما عرف باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله التي تم المصادقة عليها في 2013.

وشهد الخور، الثلاثاء، حادث سطو على سفينة البارق نفذه مسلحون يستقلون زورقا، ولاذوا بعدها بالفرار باتجاه البحر بعد سرقة أموال، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية عن النائبة زهرة البجاري، والتي لم يتسن لموقع "الحرة" الوصول إليها.

وأكد مصدر أمني بمحافظة البصرة (جنوب العراق) لموقع السومرية أن قراصنة سيطروا على أجهزة الاتصال بالسفينة، وسرقوا هواتف وأجهزة إلكترونية، واحتجزوا الطاقم في المقصورة.

وأشار إلى أن القوات البحرية تدخلت بعد ورودها معلومة من سفينة أخرى قريبة من "البارق".

وفي بداية العام الجاري، أخلى الجيش العراقي ناقلة نفط، كانت تزود سفينة أخرى بالوقود في المياه الدولية على بعد 28 ميلا بحريا (52 كيلومترا) من الشاطئ في الخليج، بعد اكتشاف لغم ملتصق بها.

 

من المستفيد؟

ويرى معن الجبوري، الخبير الاستراتيجي، أن مهربي النفط الإيراني عبر موانئ العراق يستفيدون من مثل هذه الحوادث، قائلا: "هذه إشكالية كبيرة تعاني منها الدولة".

ويقول الجبوري، لموقع "الحرة" إن الميليشيات والعصابات التي تهرب النفط الإيراني تستفيد من وقوع هذه الحوادث، وكذلك بعض الجهات التي تشتريه بأسعار أقل من أسعار السوق العالمية.

وتحدث الجبوري عن تأثير ضعف القوات البحرية، واستمرار العوائق التي تعرقل عمل الخور، رغم إقرار اتفاقية ترسيم الحدود بين العراق والكويت.

وفي نفس السياق، قال رعد هاشم، الباحث في الشأن العراقي، إن تكرار مثل هذه الحوادث "يوحي بأن هناك أيادٍ خفية تلعب على وتر حساس، لا تريد للموانئ العراقية أن تنشط وتتفاعل".

ويؤدي الممر المائي العراقي إلى الموانئ الأساسية في البصرة، حيث يمتد إلى خور الزبير الذي يقع به ميناء أم قصر العراقي.

وتمثل محافظة البصرة (550 كيلومترا جنوب بغداد) المنفذ البحري الوحيد للعراق، وفيها خمسة موانئ تجارية وميناءان نفطيان.

ويرى رعد هاشم، في حديثه لموقع "الحرة"، أنه ليس من مصلحة أي دولة إثارة مشاكل والتأثير على الحركة التجارية "سوى إيران المتضررة من العقوبات المفروضة عليها".

ومنذ 2018 فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عقوبات شديدة على إيران، تهدف إلى إنهاء جميع صادراتها النفطية ومعاقبة أي دولة تشتري النفط منها.

ويكمل هاشم حديثه لموقع "الحرة"، قائلا: "لهذا يقلع الكثير من المستوردين عن موانئها، خوفا من اختراق العقوبات". ويرى الباحث العراقي أن إيران تريد أن توجه المصدرين ناحية موانئها الآمنة مقارنة بموانئ العراق، كي تتوجه السفن إليها، حتى لو تم ذلك خلسة.

وأشار إلى أن طهران متهمة بشكل مباشر في تنفيذ عملية اللغم الملتصق بالسفينة، الشهر الماضي، قائلا: "ذكرت تقرير كثيرة أن اللغم مشابه لتلك الألغام التي تصنعها وتستخدمها إيران".

 

من يسيطر على الأمن؟

وتتولى القوات البحرية العراقية التي تجوب الخليج، وكذلك قيادة عمليات البصرة، تأمين منطقة خور عبد الله.

ووصف معن الجبوري القوات البحرية العراقية العاملة في المنطقة بـ"الضعيفة"، الأمر الذي يشكل عبئا على أعمال الخور.

وقال الجبوري، في حديث لموقع "الحرة": "نحن نعلم القدرة العراقية على فرض الأمن مقابل وجود قوة متنفذة أخرى".

من جهته، أكد هاشم أن أقرب نقطة للموقع الذي شهد الحادثتين في خور عبد الله، هي موانئ تسيطر عليها ميليشيات موالية.

وقال: "تسيطر فصائل ميليشاوية على الأرصفة بمعظم الموانئ العراقية"، معولا على دور المخابرات في الكشف عمن وراء هذه الهجمات "حتى لا تتفاقم مشاكل العراق الأمنية التي حققت بعض التطور مؤخرا".

ويعتقد هاشم أن وراء مثل هذه الحوادث فصائل موالية لإيران التي لا تتدخل مباشرة في العمق العراقي، كي تدفع الشك عنها، على حد قوله.

وحتى الآن لم تكشف السلطات العراقية عمن وراء حادث إلصاق اللغم، في يناير الماضي. ويعتقد هاشم أن عدم المتابعة الحكومية للتحقيق في الحادث يعني أن جهة إيرانية ورائه، وأن هناك خشية من الإعلان عن ذلك.

وكان مدير الشركة العامة للموانئ العراقية فرحان الفرطوسي، قلل من خطورة حادث القرصة، قائلا إنه "عرضي"، وقد يكون ورائه مجموعة من الصيادين.

ولم يرغب المدير العام السابق للموانئ العراقية صفاء عبد الحسين في الحديث عن وضع خور عبد الله عندما اتصل به موقع "الحرة"، قائلا إنه لا تتوفر لديه معلومات بشأن الحادث.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.